قب الياس بين “قول وفعل” و”علم وعمل”… صراع ع “المخار” والنَفَس التغييري حاضر
أسامة القادري
تدخل مدينة قب الياس مرحلة مفصلية في تجربتها الديمقراطية، مع اقتراب الانتخابات البلدية التي تتواجه فيها لائحتان مكتملتان، بعيداً عن الوصاية الحزبية والتدخلات السياسية التقليدية. هذا الاستحقاق، الذي يجمع بين الدينامية العائلية والنزعة التغييرية، يشكّل اختباراً حقيقياً لوعي القاعدة الشعبية ومدى استعدادها للخروج من النمط المألوف نحو مشروع بلدي تنموي مستقل.
لم يكن من السهل الوصول إلى معادلة تنافسية متوازنة في قب الياس، خاصة في ظل محاولات التوافق التي استمرت لأسابيع بين الفاعليات المحلية. لكن فشل هذه المحاولات أفضى إلى غربلة طبيعية أفرزت لائحتين واضحتين:
لائحة قول وفعل..
واحدة بقيادة المختار صلاح حمزة طالب تحت شعار “قول وفعل”، وكل من الاعضاء متري توفيق ابو النصر، عادل علي حاطوم، سهيل جوزيف زغيب، محمد حسين مرعي، عبدو احمد الحمود، بولس نجيب ابو زخم، ايلي رشيد ابو رجيلي، حافظ محمد مراد، كارين مارون مهنا، زياد خيرالله بدر، هشام عبد الحفيظ يقطين، سامي نايف الحايك، كامل فضل الله شماطة، بسام تيودوروس بالش، سامر عمر غزال، جورج نقولا توما، علي احمد خالد.
لائحة علم وعمل
اما اللائحة الثانية عِلم و عَمل يرأسها الدكتور فادي المعلم، مدعومة من الناشط السياسي التغييري “عيد عازار”، وتضم الى جانب المعلم، فادي مطانيوس وهبة نائباً للرئيس، والاعضاء حسن الحاراتي، سليم فؤاد زرزور، قاسم محمد العمقي، هاني فؤاد سليلاتي، أحمد حسين العقلى، ميشال سمير شتيوي، علاء علي مرعي، نور فادي شويري، علي محمد بعلبكي، جورج عساف عفيش، خضر أكرم أحمد، وسام إيلي بدر، علي مصطفى عسكر ،
جاد فؤاد عازار، محمد عمر رضوان، جوزف جرجس بدر عن مقعد وادي الدلم.
القوة الرئيسية للائحتين تتجلى في التحالفات العائلية التي لطالما شكلت ركيزة أساسية في الانتخابات البلدية اللبنانية، لكنها في هذه الحالة تخاض بأسلوب جديد، حيث أُدرجت هذه التحالفات ضمن خطابات وبرامج تنموية تهدف لاستقطاب الجيل الشاب والمترددين. لذلك، فإن من ينجح في تحويل هذه القوة التقليدية إلى طاقة تغييرية سيكون أقرب إلى الفوز.
خطاب تغييري بلا أحزاب
اللافت في معركة قب الياس هو الغياب الكامل للدعم الحزبي التقليدي، وذلك بعدما اعلن تيار المستقبل انكفاءه عن خوض الانتخابات البلدية وترك الخيار للاهالي والعائلات، هذا ما دفع بقية الاحزاب والتيارات الى اتخاذ ذات النهج في قب الياس، ما قد يعكس تحوّلاً في المزاج العام الرافض لإملاءات القوى السياسية، هذا يضع على المرشحين مسؤولية مضاعفة لتقديم برامج مقنعة بعيداً عن الوعود الشعبوية، ويمنح الناخب فرصة فريدة للاختيار على أساس الكفاءة والبرنامج، لا الانتماء.
انما الطابع الطائفي يبقى حاضراً بحكم القانون والتركيبة السكانية، مع تقسيم المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ورئاسة متوقعة للمسلمين بحكم الغالبية العددية. فيما يتخوف المسلمون من تكرار تجربة انتخابات 2016، عندما فاز 11 عضو مسيحي ما عكس اصطفافاً طائفياً.
المعركة بين “قول وفعل” و”علم وعمل” مفتوحة على كل الاحتمالات. فالأولى تمثل امتداداً للعائلات الكبرى مع نفوذ اجتماعي، وكفاءات علمية، فيما الثانية تُقدّم نفسها كبديل تغييري يعوّل على كفاءة أعضائها وشعار المدنية والحوكمة الرشيدة.
لذا بلدية قب الياس أمام مفترق طرق حقيقي، فإما أن تُعيد إنتاج التركيبة التقليدية بقالب جديد، أو تنجح في فرض معادلة جديدة تفتح الباب أمام تغيير فعلي في إدارة الشأن المحلي. في الحالتين، تبقى الكلمة الفصل لصناديق الاقتراع ولناخبي المدينة، الذين أمامهم فرصة نادرة لصياغة مستقبل بلدتهم بأيديهم.