“يديعوت أحرونوت”: رسائل “موسى” وترتيب لقاء بين بشار الأسد ورئيس الموساد في موسكو
كتب نايف زيداني في العربي الجديد
“موسى” ليس شخصاً في هذه الحالة، ولكنه عدة أشخاص، يشكّلون معاً فريقاً في إحدى وحدات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، حرصوا على التواصل مع المسؤولين السوريين في نظام بشار الأسد على مر سنوات، وإطلاعه على تطورات، من خلال مجموعة على تطبيق “واتساب”، استخدمت أيضاً لغة التهديد والترغيب، ورتبوا للقاء بين الأسد ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين في موسكو، من أجل صفقة سرية، قبل إلغاء الأسد اللقاء في اللحظة الأخيرة.
تشير صحيفة “يديعوت أحرونوت”، التي نشرت المعلومات أعلاه في تحقيق مطوّل، اليوم الجمعة، إلى قيام إسرائيل بممارسة أنشطة سرية لإنشاء قناة اتصال مع الأسد ومحيطه، وأن رسائل “موسى” وصلت إلى القيادة في دمشق. كما كانت عمليات أخرى تهدف إلى إبرام صفقة سرية، حيث يوقف الأسد نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان مقابل رفع العقوبات. وكان من المفترض أن يلتقي كوهين في الكرملين، ولكن بعد ذلك انهار كل شيء في سورية.
نص إحدى رسائل “موسى”
بتاريخ 29/5/2023، تلقّى مكتب وزير الدفاع السوري رسالة عبر واتساب من الإسرائيلي الملقب بـ”موسى”، وفقاً للصحيفة العبرية، جاء فيها:
“السلام عليك، سيدي… هذا موسى.
قبل وقت قصير، هاجمنا أهداف تخزين تابعة لقيادة المنطقة الجنوبية في دمشق. بالإضافة إلى ذلك، هاجمنا منشأة التدريب في ضمير، التي يستخدمها أفراد وحدة الجولان بقيادة أبو حسين للتدريب وبناء القوة بهدف تعزيز القدرات لضرب دولتي. نؤكد أننا لن نوافق على وجود حاج هاشم ورجاله في منطقة جنوب سورية. التعاون مع حزب الله يضر بالجيش السوري ورجاله، وستدفعون الثمن. أي دعم من جانبكم للمحور وحزب الله الذي قد يضر بدولتي، سيقابل برد قاسٍ”.
لم يكن “موسى” بحاجة إلى شرح من هو، وفقاً للصحيفة العبرية، ذلك أن وزير الدفاع في النظام السوري علي محمود عباس، الذي وُجهت إليه رسالة واتساب هذه، يعرف جيدًا المرسِل حتى لو لم يعرف اسم الكاتب. وهذه لم تكن رسالة واتساب الأولى التي يرسلها الفريق الإسرائيلي إليه.
بعد كل هجوم إسرائيلي تقريباً في سورية، كان “فريق موسى” يرسل إلى الوزير السوري شرحاً دقيقاً ومفصلاً عبر واتساب حول الهجوم الذي نفذه جيش الاحتلال. وتنقل الصحيفة عن مصادرها أن الأمر تحوّل إلى “علاقة طويلة الأمد. كان موسى يرسل الرسائل، والمخابرات العسكرية السورية ترفعها من واتساب وتحولها إلى رسالة سرية للغاية وعاجلة، تُوزع على عدة مسؤولين كبار، منهم علي مملوك، مستشار الأمن القومي ونائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية”.
في هذه الرسالة عبر واتساب، يحذر “موسى” الوزير السوري من أن إسرائيل لن توافق على وجود حاج هاشم في جنوب سورية. وحاج هاشم هو الاسم المستعار لمنير علي نعيم، القيادي في حزب الله الذي عينه الأمين العام (الراحل) حسن نصر الله مسؤولاً عن جبهة الجولان السورية. ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية، كان من المفترض أن يقود الجبهة السورية في الحرب التي خطط لها حزب الله ضد إسرائيل.
بعد بضعة أيام، وعقب هجوم آخر للجيش الإسرائيلي، يعود “موسى” ويكتب أن سبب الهجوم هو إطلاق صاروخين باتجاه إسرائيل من منطقة مرتفعات الجولان بتوجيه من حركة حماس: “في الآونة الأخيرة، بسبب يوم القدس ومسيرة الأعلام، نشهد أنشطة لعناصر فلسطينية في أراضيكم… على الرغم من أنه ليس من الواضح من هو القائد، فإن هذه العناصر تعمل بتوجيه من خالد مشعل وصلاح العاروري نيابة عن حماس… نحذّركم من أي نشاط محتمل لهذه العناصر، ونطالبكم بوقف جميع الاستعدادات لاستخدام القوة في أراضيكم (..) نوصيكم بأخذ كلامنا على محمل الجد. ضعوا في اعتباركم أن هجومنا القادم سيكون أقوى بكثير مما فعلناه حتى الآن، وستدفعون ثمناً باهظاً غير مسبوق”.
في 8 يونيو/ حزيران 2023، يرسل “موسى” المجهول، مرة أخرى، رسالة واتساب توضح مدى معرفة إسرائيل بما يحدث في سورية: “في الأسبوعين الماضيين، لاحظنا هبوط ثماني طائرات في مطار حميميم قادمة من إيران”. ويذكر أرقام الطائرات ومعلومات إضافية عنها، مضيفاً: “أود أن أؤكد أنه في إطار جهود تعزيز المحور الإيراني، فهمنا أن الأسلحة نُقلت أيضاً إلى قوات فيلق القدس وحزب الله… تتم عمليات نقل الشحنات هذه بالتعاون بينكم وبين الإيرانيين، باستخدام مطار حميميم، الذي يقع تحت مسؤولية الروس. ليست لدينا نية لإلحاق الضرر بالجيش السوري… ومع ذلك، إذا واصلتم السماح بنقل هذه الأسلحة التي تساعد حزب الله والإيرانيين على تعزيز قوتهم، فلن نقف مكتوفي الأيدي وسنضطر إلى التحرك”.
وكان “موسى”، يعرف حتى كيف يجامل عند الحاجة: “لاحظنا أنه اعتباراً من 6 يوليو/ تموز، توقف هبوط طائرات إليوشين 36 التابعة للواء 29 في سلاح الجو السوري في مطار حميميم. كما أوضحنا لكم عدة مرات، كانت هذه الطائرات تنقل أسلحة لعناصر فيلق القدس وحزب الله، بمساعدة عناصر أمنية سورية من مدينة اللاذقية. بصفتكم من يقف وراء وقف هذه الرحلات، يجب أن تعلموا أنكم منعتم مواجهة غير مرغوب فيها للطرفين… على الرغم من كل ذلك، اعلموا أننا نراقب وسنواصل مراقبة الأنشطة التي تتم على الأرض”.
أهداف الرسائل
كانت رسائل الواتساب من “موسى” ستظل سرية تماماً، وفق تحقيق “يديعوت أحرونوت”، لولا أن قوات “المتمردين” (الوصف الإسرائيلي لفصائل المعارضة السورية التي أطاحت نظام بشار الأسد) استولت قبل حوالي أسبوعين على مقر المخابرات حيث كانت تُحفظ نسخ من هذه الرسائل. نشر “المتمردون”، وفق التوصيف الإسرائيلي، هذه الرسائل على الإنترنت، وفسروها على نحو خاطئ، وكأنها تعاون روسي-إسرائيلي ضد الأسد. هذا بالطبع غير صحيح، تزعم الصحيفة، لأن “موسى”، كما ذكر، هو الاسم المستعار لفريق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، وكان ثمة هدف لرسائل الواتساب.
“الدافع وراء هذه الرسائل، التي جرى إرسال العديد منها إلى عدة جهات، تضمن عدة أهداف”، يقول مسؤول أمني كبير مطلع على العملية المذكورة لم تسمّه الصحيفة. وأوضح: “أولاً، أردنا أن نظهر لكبار مسؤولي نظام الأسد أنه ليست لدينا مشكلة في الوصول إلى هواتفهم المحمولة وكتابة نصوص بسيطة وواضحة لهم، وإذا لزم الأمر، حتى نصوص صارمة. ثانياً والأهم، أردنا أن نظهر لهم مدى عريهم (كم هم مكشوفون)، وأنه ليست لديهم أي فرصة لإخفاء أي شيء عنا، بغض النظر عن عدد الحيل التي سيحاولونها… ثالثاً، أردنا أن نشرح لهم أن العمليات التي قمنا بها في الليلة السابقة لم تكن عشوائية، بل كانت شيئاً دقيقاً وحاداً. ورابعاً، لتهديدهم بأنه إذا استمر هذا، فسنواصل ضرب الشحنات والأشخاص الذين بجانبها”. وتابع: “الخلاصة كانت الإظهار لنظام الأسد ورئيسه أن العلاقة مع إيران وحزب الله، حتى لو كانت مفيدة له في الماضي، تحوّلت من ميزة إلى عبء، وأنه إذا فكر في مكاسبه وخسائره.. فسيصل إلى استنتاج أنه مع مرور الوقت، يكسب أقل ويتضرر أكثر”.
تواصل عبر دول عربية وعدم السماح لحزب الله بالعمل في الجولان
حول ما إذا كان نظام الأسد قد استوعب الرسائل، يقول المسؤول الإسرائيلي: “أولاً، رأينا بوضوح أنه تم استيعابها ونقلها. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك سلسلة من الأحداث التكتيكية التي من خلالها يمكننا رؤية التأثير. على سبيل المثال، بعد التحذير، جرى إغلاق مستودع معيّن أو توقفت رحلات جوية على خط معيّن”.
ويكشف المسؤول الكبير أيضاً أن رسائل الواتساب من “موسى” لم تكن الاتصال الوحيد الذي حاولت إسرائيل إنشاءه مع دمشق، فقد “كانت هناك أيضًا جهود عبر قنوات سرية أخرى للوصول إلى الأسد. وليس فقط إسرائيل، بل أنشأت الولايات المتحدة أيضاً مسارين سريين: أحدهما عبر أبوظبي وعلاقة MBZ (الاختصار الشائع لاسم لرئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد) مع الأسد، والآخر عبر سلطنة عُمان. كانت الفكرة هي: ما الذي يمكن أن يغري الأسد ليقرر التخلي عن محور المقاومة، وعدم السماح بعد الآن بمرور الأسلحة عبر سورية إلى لبنان. لكن في النهاية، وحتى نهاية الأسد نفسه، لم يقتنع. وربما كان من الجيد أننا لم نراهن عليه ليكون عاملاً يمكننا الاعتماد عليه في بناء مفهوم الأمن الجديد في المنطقة”.
كان التقييم الإسرائيلي أنه لا يمكن تحويل الأسد بالكامل من جانب إلى آخر. ويقول المسؤول الإسرائيلي في هذا الجانب: “لقد قضيت سنوات عديدة من حياتي في دراسة النظام السوري وشخصية الأسد الأب، وبعد ذلك الابن. بشار هو من أكثر الشخصيات الماكرة، والكاذبة، والمتلاعبة، والأنانية، والخالية من أي شعور واهتمام بمن وما لا يخدمه هو وعائلته، وتجسيد للميكافيلية، ولا تدع مظهره المتردد يخدعك. كنا نأمل في بعض التحرك لتقليل شحنات الأسلحة وتقليل المشاركة العسكرية السورية المباشرة في الصراع معنا. لا أكثر”.
ومما يشير إلى أن ثمة تحوّلاً ربما حدث فعلاً في موقف الأسد، إن صحّت الرواية الإسرائيلية، إشارة المسؤول للصحيفة إلى أنه “منذ هجوم 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) على إسرائيل، ومع تدهور المنطقة نحو حرب إقليمية، رفض الأسد بشدة المشاركة فيها وحرص على ألا يعمل حزب الله من هضبة الجولان. في الأشهر الستة الماضية، كان مستعداً لتحمل المزيد والمزيد من العمليات التي قمنا بها في أراضيه ضد إيران وحزب الله، وأحياناً ضد قواته أيضاً، من القصف المتزايد إلى الأنشطة الأخرى في بلاده”.
صفقة سرية
وكشفت الصحيفة عن سلسلة محاولات إسرائيلية لبناء علاقة وإحداث تأثير مع النظام في دمشق، بما في ذلك الأسد نفسه. بالإضافة إلى رسائل واتساب، التي يمكن الافتراض أنها وصلت إلى مكتب الأسد، حاولت إسرائيل نسج صفقة مع رئيس النظام السوري المخلوع بطرق معقّدة، لإخراجه من “محور الشر”، بحيث يتوقف الأسد عن السماح بمرور الأسلحة عبر سورية، ويحد من نشاط حزب الله والإيرانيين في بلاده، وفي المقابل يحصل على تخفيف العقوبات وتجديد شرعيته في نظر دول العالم.
الرسائل التي أُرسلت عبر واتساب، والمحاولات للوصول إلى صفقة سرية مع بشار الأسد التي كشفت الصحيفة عنها هنا، تستند إلى جهد استخباري طويل الأمد تديره إسرائيل في سورية. الوحدة في شعبة الأبحاث التابعة للاستخبارات العسكرية التي كانت تعمل على تحليل سورية ونظام الأسد الأب والابن كانت تُدعى بالعبرية “زيتساف”، وهي اختصار لـ”الجبهة الشمالية” باللغة العربية، وهي وحدة تخرّج منها العديد من رؤساء المخابرات الإسرائيلية، وحُلَّت لاحقاً.
ومن المعلومات الاستخبارية التي جُمعت عن سورية ولدت أيضاً فكرة محاولة إبرام صفقة مع الأسد. وتقول الصحيفة إنه عندما طرحت خطط الصفقة لأول مرة في مكان ما في عام 2019، ربما بدت أكثر كهلوسة، ولكن في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أصبحت أكثر واقعية بكثير. ونقلت عن مستشار استراتيجي لإحدى وحدات الاستخبارات العسكرية قوله إنه منذ انضمام حزب الله إلى الحرب، كان الجيش الإسرائيلي مقتنعاً بأنه يمكنه توجيه ضربة قاضية له “بسلسلة من العمليات الاستباقية، التي ستسقط عليه.. وتحرمه من معظم قدراته، وتدمر قيادته وتحوّله إلى ظل لنفسه”. بالإضافة إلى ذلك، قدّر جيش الاحتلال أنه يمكنه أيضًا ضرب إيران. واعتقد مسؤولون في المؤسسة الأمنية أنه من دون هذين العضوين الرئيسيين في “محور المقاومة”، يمكن أن تقدّم إسرائيل للأسد عرضاً لا يمكنه رفضه: الانضمام إلى الغرب وطرد الإيرانيين وحزب الله من بلاده، مقابل إعادة الشرعية الدولية، وضمانات من الولايات المتحدة لاستمرار حكمه من دون عوائق”.
بين “أسدين”.. الأب والابن
وبحسب الصحيفة، “يُسمح الآن بالكشف عما عرفته المخابرات الإسرائيلية وأضاء لها أضواء حمراء (تحذيرية) كثيرة في ذلك الوقت. في عام 1991، انضمت سورية إلى التحالف الذي حارب ضد العراق. عندما عاد رئيس الأركان السوري (في حينه) حكمت الشهابي من المعارك في الكويت، تحدّث عن القدرات الأميركية المذهلة، سواء في الجو أو في الأسلحة الدقيقة أو في القيادة والسيطرة. عندما سمع حافظ الأسد هذه التقارير، توصّل إلى استنتاج أنه إذا كانت هذه القدرات موجودة لدى الولايات المتحدة، فهي موجودة بالتأكيد لدى إسرائيل. لذلك، لا فرصة لقواته البرية أو الجوية في مواجهة الصهاينة، ويجب على سورية تغيير الاتجاه. أمر بتقليل الاستثمار في القوات البرية والجوية، وزيادة إنتاج الصواريخ والأسلحة غير التقليدية”.
“منذ ذلك الحين، تحول تركيزنا نحو SSRC، مصانع الأسلحة السورية الموازية لمصانع رفائيل (الإسرائيلية)”، يقول أحد رؤساء شعبة الاستخبارات العسكرية السابقين، مضيفاً: “بنى السوريون مخزوناً كبيراً من صواريخ سكود، إلى جانب كميات هائلة من الأسلحة الكيميائية… والموساد تبعهم في جميع أنحاء العالم”.
وعندما تولّى بشار السلطة، كانت هناك آمال إسرائيلية في “أنه وزوجته، اللذين تلقيا تعليمهما في لندن وربما تأثرا بالثقافة الغربية، سيغيران هذا الاتجاه. صواريخ أقل وديمقراطية وتقدّم أكبر. تحطّمت هذه الآمال بسرعة كبيرة. دخلت إيران الصورة، وبدأ قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، في تحقيق رؤيته لحلقة النار، وتطويق إسرائيل بقوات عسكرية تابعة لطهران. أصبحت سورية جزءاً مركزياً من هذا المحور. وركزت المخابرات الإسرائيلية جزءاً كبيراً من جهودها في دمشق”.
ويضيف مسؤول إسرائيلي خدم في عدة مناصب في شعبة الاستخبارات العسكرية والموساد إن الروس، الذين ساعدوا الأسد في قمع الثورة، زودوه أيضاً بأنظمة دفاع جوي متقدمة للغاية، وجهّزوا سلاحه الجوي بطائرات ميغ وسوخوي حديثة، فضلاً عن وجودهم في سورية، “جعلوا النشاط الجوي الإسرائيلي في سماء سورية ولبنان أكثر صعوبة وخطورة… ثم ظهرت فكرة استخدام الحيلة بدلاً من القوة، ومحاولة إخراج الأسد من المحور من خلال نوع من الصفقة السرية. كان من الواضح أنه إذا أخرجت سورية من المعادلة، فلا توجد طريقة لنقل الدعم أو الأسلحة، ولا توجد مقار، ولا توجد جبهة أخرى مع إسرائيل في هضبة الجولان”.
تحديد اجتماع بين الأسد وكوهين
جُنّدت الولايات المتحدة أيضاً لجهد التوصل الى تسوية بين إسرائيل والأسد، وكانت الرسالة التي نُقلت إلى الأسد واضحة، وفقاً لمصادر الصحيفة، “أخرج من المحور، وستحصل على تخفيف كبير في العقوبات وشرعية دولية، رغم جرائم الحرب ضد شعبك”، مضيفة: “هذا الأسبوع، نكشف أن إحدى ذروات هذا الجهد كانت في نهاية عام 2019، عندما حُدّد اجتماع شخصي بين يوسي كوهين، رئيس الموساد آنذاك، والأسد في الكرملين بموسكو بوساطة الرئيس (فلاديمير) بوتين. ألغى الأسد مشاركته في اللحظة الأخيرة”.
قبل حوالي شهرين من عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أوصت شعبة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية بـ”تطوير التفكير في سورية باعتبارها دولة، أي ليس كياناً مكسوراً، بل قبول حكم الأسد، باستخدام شراكات إقليمية، وتفاهمات محددة، وما إلى ذلك”. وقبل أن يتطور هذا التوجه، اندلعت الحرب. وتنقل الصحيفة الإسرائيلية عن مصادرها أن “الأسد لم ينضم رسمياً إلى الحرب ضد إسرائيل. وباستثناء حالات قليلة، لم يسمح أيضاً بإطلاق النار من أراضيه باتجاه إسرائيل”.
وكثفت إسرائيل الهجمات في سورية ضد القوات الإيرانية وقوات حزب الله الموجودة هناك، لكنها أدركت أن الهجمات في سورية محدودة، وإذا ما أصيب جنود روس، على سبيل المثال، فإن الوضع سيصبح معقّداً للغاية. وكان هذا هو الوقت، بالنسبة لإسرائيل، لمحاولة العودة إلى الفكرة من عام 2019، وإبرام صفقة مع الأسد مرة أخرى. وجُنِّدت واشنطن وموسكو هذه المرة، وكذلك دول عربية لديها مصلحة مزدوجة في فصل الأسد عن المحور. وركّز الوسطاء على وعود بالمساعدة الاقتصادية من دول خليجية، وانسحاب مئات الجنود الأميركيين المنتشرين في شمال شرق سورية منذ عام 2015، ومرة أخرى، على عروض لتخفيف العقوبات الأميركية الصارمة على نظام الأسد.
في الوقت نفسه، عُقدت سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الروس، بإدارة السكرتير العسكري لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اللواء رومان جوفمان، ومسؤولين آخرين مقربين من القيادة في دمشق وتل أبيب. وفي إسرائيل، وفقاً للصحيفة، لم يتوقعوا هذه المرة أيضاً انتقال الأسد بالكامل إلى الجانب الآخر، وقطع كل العلاقات مع إيران، وتراجع تهريب الأسلحة إلى الصفر.. “لكن إذا كان هذا الضغط سيؤدي إلى تقليل معيّن، فسيستحق ذلك الجهد”. لكن كانت هناك مشكلة واحدة فقط، “الواقع كان أسرع بكثير من هذه الاتصالات. انهار نظام الأسد، وبسهولة تامة. هذا الانهيار السريع فاجأ الجميع، بما في ذلك المخابرات الإسرائيلية. ولو كانت هناك صفقة قد نُسجت مع الأسد، لكانت إسرائيل ستكتشف أنها راهنت على البطاقة الخاطئة”، كما جاء في الصحيفة.