خبر عاجلسياسة

الصين ومصر وقناة السويس: موقف يتجاوز التضامن إلى رسائل جيوسياسية في وجه الهيمنة

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

الصين ومصر وقناة السويس: موقف يتجاوز التضامن إلى رسائل جيوسياسية في وجه الهيمنة

 

خاص مناشير

في مشهد سياسي دولي يتسم بالتعقيد والتنافس على النفوذ، جاء تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في السابع من مايو، ليشكل موقفاً لافتاً من بكين تجاه مصر وقضية سيادتها على قناة السويس. لم يكن التصريح مجرد تضامن دبلوماسي، بل حمل في طياته رسائل تتجاوز الإقليم، موجهة إلى واشنطن والعواصم الغربية الكبرى، مفادها أن بكين حاضرة ومستعدة للدفاع عن مبدأ السيادة، حتى لو اقتضى ذلك مواجهة الهيمنة العالمية.

قال لين جيان: “لا جدال في سيادة مصر على قناة السويس وحقها في إدارتها وتشغيلها. ندعم بحزم مصر حكومةً وشعبًا للدفاع عن سيادتها وحقوقها المشروعة، ونعارض تصرفات التنمر قولا وفعلا أيا كانت.”
هذا التصريح لا يُفهم بمعزل عن تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، خصوصاً في ظل محاولات الأخيرة إعادة ترتيب أوراق نفوذها في الشرق الأوسط، وسط أزمات الطاقة، والحرب في أوكرانيا، والتحديات في البحر الأحمر.

منطق المصالح الصينية: المبادئ أم الاصطفاف الاستراتيجي؟
يرى مراقبون أن الموقف الصيني ينسجم مع العقيدة الدبلوماسية لبكين المبنية على مبادئ خمسة للتعايش السلمي، يؤكدها المستشار السياسي وائل خليل ياسين، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية، الذي شدد على أن “دعم الصين لسيادة الدول ليس موقفاً تكتيكياً بل جزء من بنيتها القيمية والدستورية في العلاقات الخارجية.”

ياسين أشار إلى أن بكين تعتبر دعم الاستقلال الوطني للدول خطاً أحمر، مضيفاً أن الصين “لطالما ناصرت قضايا الشعوب المحقة في المحافل الدولية، وترفض أي اعتداء على سيادة الدول من أي جهة كانت.”

لكن القراءة الجيوسياسية الأوسع تكشف أن هذا الموقف لا يخلو من رسائل استراتيجية في وجه واشنطن. فالصين، التي تعزز حضورها في أفريقيا والشرق الأوسط عبر مبادرة الحزام والطريق، ترى في قناة السويس شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، وبالتالي فإن أي تدخل غربي أو تهديد مبطن لسيادة مصر على هذا الممر يُعد مساساً غير مباشر بمصالح بكين.

قناة السويس… رمز السيادة ونقطة اشتباك مستترة
منذ أزمة 1956، ظلت قناة السويس رمزاً للسيادة الوطنية المصرية. واليوم، في ظل الأزمات الجيوسياسية المتسارعة، عادت القناة إلى الواجهة كموقع استراتيجي تتقاطع فيه مصالح قوى كبرى. محاولة التشكيك في قدرة مصر على إدارتها أو الضغط عليها بشأنها، قد يُفهم في بكين كمقدمة لخلق ممرات بديلة تعيد للغرب بعض السيطرة على تدفقات التجارة والطاقة.

ولذلك، فإن الموقف الصيني لا يحمل فقط تضامناً مع مصر، بل تحدياً مباشراً لمشاريع التفاف استراتيجية قد تقودها الولايات المتحدة، عبر تحالفات أو مبادرات موازية.

الشرق الأوسط بين المطرقة الأميركية والميزان الصيني
يأتي هذا التطور في لحظة تشهد فيها المنطقة إعادة تشكيل لتحالفاتها. فبينما تسعى واشنطن لإعادة تثبيت حضورها العسكري والسياسي، تتقدم الصين كـ”حليف استراتيجي بديل” يقدم نموذجاً مختلفاً من العلاقات: قائم على الشراكة الاقتصادية دون التدخل السياسي المباشر.

هذا ما جعل عدداً من الدول العربية، بما فيها مصر، ترى في الصين شريكاً موثوقاً في مواجهة الضغوط الاقتصادية، والاستقطابات الغربية.

خلاصة: موقف رمزي أم بداية معادلة جديدة؟
في ضوء هذا كله، لا يمكن قراءة تصريح الصين بشأن قناة السويس كتصريح عابر. بل هو جزء من مشهد دولي أوسع يشهد صراع نفوذ متصاعد، تتصدر فيه بكين معارك السيادة الوطنية، وتضع نفسها كمدافع عالمي ضد “التنمر السياسي” الأميركي، في لغة أصبحت مألوفة في القاموس الصيني.

وإذا كان الشرق الأوسط لا يزال يعاني من تقلبات الولاءات والضغوط، فإن الرسالة الصينية لمصر اليوم تقول: “لسنا مجرد شريك اقتصادي… نحن حليف سيادي في وجه الهيمنة.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى