ذكرى غزو العراق.. “مسلخ أبو غريب” بصمة أمريكية في ذاكرة المعتقلين؟
مريم عرفة / مناشير
رغم مرور عشرون عاماً على الغزو الأمريكي لدولة العراق لازالت امريكا تسجل في قاموس البشرية أبشع الجرائم وأكثرها فظاعة حسبما الذي خرج للعلن من سجن أبو غريب في بغداد المعروف ب”الجحيم” وفق ما أطلقه عليه كل الذين اعتقلوا وخرجوا منه، وحتى العاملين فيه والذين لازالت ابواب ذاكرتهم مفتوحة لم توصدها السنين والأيام ولم تجد بعد ألية أو طريقاً لترميمها.
ورغم الشهادات الحية والصور الموثقة واعتراف السجانين جنود امريكان وجنود مرتزقة تابعين لشركات امنية وتأكيدهم أن “سجن أبو غريب جحيم” يفتقد لأدنى مستويات الانسانية، فبقي هذا السجن يحاكي التاريخ. هذا السجن سيئ السمعة على حد تعبير حازم (ابو عبيدة) ابن الفلوجة في محافظة الأنبار، كان اعتقل ابان الغزو الامريكي للعراق منذ 2003 حتى 2008،
لا تخونه ذاكرته رغم مرور 20 عاماً قال”كيف أنسى ومورس معي شتى أنواع التعذيب، لم يوفروا اسلوب او طريقة الا واستعملوها معي ومع اخواني المعتقلين، لأنني كنت مؤمنا واواضب على الصلاة كانت احدى الجنديات تقوم بتعريتي واغتصابي وقطع وضوئي”، يتابع وهو يحاول ان يمسح عن جبينه التعرق الناتج من اجهاد ذاكرته، “للدلالة على اجرام امريكا كان معنا بين المعتقلين أطفال لا يتجاوز عمرهم ال14 سنة، عذبوا واغتصبوا امامنا، حتى ان هناك طفل اعتقل هو واخوانه وووالدهم عذبو واغتصبو امام بعضهم واغتصبوا والدهم امام عيونهم، كيف لا تكون هذه المشاهد هي باباً واسعاً للانتقام بأي طريقة يمكن أن تخطر على بال. ويعندما ينتقم أحدنا لكرامته يتحول الى ارهابي بنظر الغرب الكاذب الذي يدعي الديمقراطية فيمتطا هم يتلذذون في تعذيب وإيذاء وإذلال اشخاص ذنبهم أنهم دافعوا عن بلادهم ورفضوا الاحتلال.
يتوقف عن الحديث برهة ويقول “لا ثقة في المجتمع الدولي هذا ولا بمنظمات حقوق الانسان ولا حتى ان الاعلام يمكن ان يحرك ضمائر العالم، منذ 20 عاماً قامت صحف ومنصات إخبارية عدة، بعرض تقارير عن معتقلي “أبوغريب” وعرض صور واسماء الضباط والجنود كل ذلك لم يأت بنتيجة سوى ان ادارة واشنطن اعتبرتها مخالفات فردية، أضاف بتأفف “من يحاسب أمريكا على جرائمها اذا كانت هي الحاكم والحكم والمجرم”.
يسأل لما لم تستدعني أي جهة قضائية محلية او دولية للتحقيق ما حصل معنا داخل السجن؟
ومن يعوض علينا ما نعيشه اليوم من آثار سلبية مما تعرضنا له؟
ليجيب على سؤاله فقط الاعلام هو من أنصفنا يومها نشرت الصور والتقارير لكشف جرائم هذا ” الكيان”، ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نلملم أشلاء عمرنا من داخل جدران ذاكرتنا في أبو غريب.
يتابع “أبو عبيدة” انها مسالخ بما للكلمة من معنى، ما من شخص دخل السجن الا وعلق كالخروب وتم جلده وتعريته واغتصابه ليتلذذ الجلادون بما يفعلون.
يؤكد معتقل آخر يدعى علي قال “كنت اتوق لأن أتحرر من النظام البعثي، ومن الذين ظنوا أن قوات التحالف ستحررنا من الظلم، انما ما شاهدته داخل سجن ابو غريب وما تعرضت له يجعلني اليوم اتوق لنظام صدام حسين. يتلعثم علي وهو يحاول ان يستجمع كلماته لوصف ما تعرض له، وما مورس بحقه من تعذيب وتهديدات واعتداءات جنسية وإهانات جسدية ونفسية. لم يفرق جنود الجيش الأمريكي بين مسن وشاب وطفل، فكل من كان داخل السجن انتهكت كرامته وتم اذلاله وتعذيبه. قال أدخلت في قفص حديثدي لا تتجاوز مساحتة المتر المربع وضعت فيه بطريقة القرفصاء وكبلت يداي لخارجه وتركوا الكلاب تهجم علي وتحاول عض يدي او ما تستطيع ان تنال من جسدي المقور داخل القفص”.
يضيف كيف أنسى وشاهدت معتقلين ماتوا جراء التعذيب ، يروي أنه كلما اراد الاستحمام يتذكر التعذيب بالمياه الساخن مرة والباردة وقوة المياه وماذا تفعل به “تتلاطمنا المياه من حائط الى حائط لتصعقنا الكهرباء”.
يسكت علي ليتابع بعد مرور هذا الوقت وفقدان العديد من المعتقلين، لم نعد لوحدنا ضحايا عائلاتنا ونساءنا واولادنا أصبحوا ضحايا وسجناء أبو غريب ومعذبون مما نحن نعانيه نفسياً وينعكس عليهم بشكل يومي، هذا ما يجب ان نقوله دون خجل نحن بحاجة لمراكز إعادة تأهيل نفسية، تمكننا وعائلاتنا من نسيان الظلم الذي لحق بنا.
ليختم كما باقي المعتقلين بمطالبة الحكومة العراقية بالإدعاء على امريكا وانتهاكاتها واجرامها بحق المواطنين العراقيين الذين مورست بحقهم ابشع انواع الاجرام في سجن ابو غريب والتعويض على المعتقلين وعائلاتهم كونهم لازالوا يدفعون ثمن ما تعرضوا له من تعذيب وانتهاك جسدي ونفسي واستغلال جنسي.