الشباب العربي بين الأمس واليوم – رائد عمر
رائد عمر – العراق
بغضّ النظر وبحجب البصر عن ” التعميم ” فلو كان جيل الشباب العربي الحالي بالمستوى لوطني – القومي الرفيع لجيل الشباب منذ قبل منصف القرن الماضي فما فوق , ولو صدر مثل قرار ترامب الحالي لتهجير سكّان غزة الى خارج بلادهم ” حينذاك ” , لغصّ وعجّ وضجّ الشارع العربي بتظاهراتٍ احتجاجية صاخبة وبكبرات الصوت المدوية أمام السفارات والقنصليات الأمريكية وعلى مدار الساعة بما يقلق ويسلب السكينة من دبلوماسيي واداريي تلكم السفارات , وربما تعرّضت بعض المراكز والملحقيات الأمريكية الى نوعٍ من الشغب الهادئ ومن دون اطلاق نار .! وربما ايضاً إشعال النيران بدواليبِ السيارات وبكثافة , كيما ارغام الأمريكان بغلق نوافذ بناياتهم من اعمدة الدخان الآخذة بالتصاعد والتصعيد ومنع الهواء النقي من التسلل الى دواخل مكاتبهم وغرفهم .! ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تصاحبه وترافقه مسيراتٌ جماهيرية عارمة لإرغام حكومات تلكُنّ البلدان على اتخاذ اية مواقف متضادة من الموقف الأمريكي .!
الى ذلك نستشهد ومن زاويةٍ محددة ” ولا نقول ضيّقة ” بأنّ نظام الرئيس حافظ الأسد قد اضطرّ مرغماً ” ولا نحبذ استخدام رغم أنفه ” الى اطلاق تظاهرة حزبية – مخابراتية بواجهة الطلبة ! لإحتلال السفارة الأمريكية في دمشق وإنزال العلم الأمريكي منها ” في يوم 17 – 12 – 1998 ” إثرَ العدوان الجوي – الصاروخي الأمريكي على العراق ” قبل يومٍ واحدٍ من تلك التظاهرة الساخنة ” الذي اطلق عليها الأمريكان < Operation Desert Fox – عملية ثعلب الصحراء > في حملةٍ شعواء إمتدت لأربعة أيّامٍ متتالية , ورغم أنّ الرئيس السوري السابق ” المتقاطع مع العراق من كافة الزوايا ” اضطرّ لهذا السيتاريو القومي لإمتصاص غضب الجمهور السياسي ( ولا مجال في مثل هذه المواقف لحسابات النوايا .! ) , كما لسنا بصدد استرجاع واستعراض بعض احداث التأريخ العربي المعاصر , إنّما آثرنا عرض صورتين متباينتين ملوّنتين بين جيل الشباب العربي السابق في الأنتفاض ضد السياسات الملكية وبعض الجمهورية في العراق وفي اقطارٍ عربيةٍ أخريات , وبين علامة ” السكون ” اللغوية التي ينحسر داخل محيطها ومساحتها جموعٌ غفيرة من الجيل الحالي , وفعلاً نفتقد الى ” جمال عبد الناصر ” آخر قد لا يأتي بعد مليون سنة ونيف .!