خبر عاجلدولياتسياسةمقالات

الحرب الإيرانية – الإسرائيلية: صواريخ الردع ومصير المنطقة المعلّق على الزناد

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

الحرب الإيرانية – الإسرائيلية: صواريخ الردع ومصير المنطقة المعلّق على الزناد

 

أسامة القادري – مناشير

بين تل أبيب وطهران، لم تعد الحرب بالوكالة كافية. إيران، التي طالما فضّلت الرد عبر حلفائها، كسرت هذه المرة القواعد الكلاسيكية للصراع وقررت خوض المواجهة مباشرة: عشرات الصواريخ المتزامنة، هجمات نوعية بطائرات مسيّرة، واستنفار إسرائيلي غير مسبوق أدخل معظم المجتمع الإسرائيلي إلى الملاجئ لأيام، مخلّفاً أضراراً جسيمة في منشآت حيوية وعسكرية ومبانٍ مدنية.

الرسالة الإيرانية كانت واضحة: “العب بالنار وستحترق”. لم يعد بإمكان إسرائيل الاستمرار في استهداف حلفاء طهران في غزة ولبنان واليمن، أو إسقاط نظام الأسد سابقاً، من دون أن تتلقى رداً مباشراً. ورغم نجاح القبة الحديدية والمنظومات الغربية في اعتراض قسم من الهجمات، إلا أن البعد السياسي للضربة كان أقوى من أن يُخفى خلف دخان الدفاعات: إيران قادرة على الضرب متى شاءت، وأينما شاءت.

الهدف لم يكن تدمير إسرائيل، بل كسر وهم التفوق، وتعديل قواعد الاشتباك. لكن يبقى السؤال: هل سيكبح هذا الرد جموح إسرائيل ويوقف عدوانها على غزة ولبنان؟

غزة المعلقة بحبال التسويات

رغم الضربة الإيرانية، يواصل الجيش الإسرائيلي حملته الشرسة على قطاع غزة، متجاهلاً النداءات الدولية، وممعناً في القتل والحصار. الأطفال يموتون جوعاً في المستشفيات، وكبار السن يُحتجزون خلف ركام البيوت المهدّمة، بينما تمنع إسرائيل دخول البعثات الإنسانية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. في المقابل، يخيّم صمت عربي ودولي خانق، لتغيب الإرادة السياسية عن أي تدخل فاعل، حتى بدى المشهد غريق ينتصر اي حبال تسويات ليتعلق بها.

لبنان: هدنة هشة وأرض مشتعلة

في الجنوب اللبناني، يلتزم حزب الله بوقف إطلاق النار المعلن، لكن إسرائيل تواصل استفزازاتها، وتنفذ ضربات متكررة على مركبات ومواقع، في ظل ضبط نفس من الحزب بعد تكبده خسائر كبيرة في الجولة الأخيرة من التصعيد. إلا أن الواقع اللبناني اليوم يختلف: اقتصادٌ منهار، أزمة سياسية مزمنة، وشعب لا يتحمل كلفة حرب جديدة. ومع ذلك، فإن الأرض حبلى بالاحتمالات، وخطأ صغير كفيل بإشعال مواجهة كبرى.

 

سوريا: لاعب غائب أم ساحة مفتوحة؟

منذ سقوط نظام بشار الأسد فقدت طهران أحد أهم أذرعها في المنطقة. الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع تسعى للخروج من محاور الصراع، لكن إسرائيل تستمر في قصف مواقع داخل الأراضي السورية، خالية من الوجود الإيراني، بهدف تكريس واقع جديد، وتقسيم سوريا فعلياً عبر دعم حراك السويداء تحت شعار “حماية الأقليات”. ومع غياب القرار الأممي، والتواطؤ الغربي، والشلل العربي، قد يجعل من سوريا ساحة لتصفية الحسابات الكبرى، إذا ما توسّع نطاق الحرب.

 

تساؤلات حول مصير التطبيع العربي

الحرب الحالية تعيد طرح مصير اتفاقيات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل. هذه الأنظمة تجد نفسها في موقف حرج أمام شعوبها الغاضبة من المجازر في غزة، فيما تتصاعد أصوات شعبية تطالب بإلغاء كل أشكال التعاون. في المقابل، لا تزال بعض العواصم الخليجية تعتبر إيران العدو الأول، وتستثمر في تعميق شراكتها الأمنية مع إسرائيل، خصوصاً في مجالات الدفاع الجوي والمراقبة البحرية.

هكذا تتحول اتفاقيات التطبيع إلى تحالفات أمنية ضد إيران أكثر من كونها مشاريع سلام حقيقية.

 

المشهد الدولي: بين المصالح والتواطؤ

الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، تسعى لاحتواء التصعيد لكنها ترفض ممارسة ضغط فعلي على تل أبيب. أما روسيا، فترى في هذا التصعيد فرصة لتشتيت تركيز الغرب عن أوكرانيا، وتلعب على التوازنات الإقليمية. في حين تلتزم الصين صمتاً مدروساً، مركّزة على توسيع نفوذها الاقتصادي واستغلال الفراغات الاستراتيجية، اما اوروبا لاتزال في غيبوبة

الشرق الأوسط على شفير الهاوية

الحرب الإيرانية – الإسرائيلية لم تنتهِ، بل بدأت بشكل جديد. نحن أمام تحوّل استراتيجي في قواعد اللعبة: إيران فرضت معادلة ردع جديدة، وإسرائيل تعيش هاجس فقدان السيطرة، أما العرب فمشتّتون: بين أنظمة تطبّع دون غطاء شعبي، وأخرى عاجزة أمام آلة القتل الإسرائيلية.

ويبقى السؤال المعلّق في فضاء المنطقة:

هل نحن أمام لحظة انفجار إقليمي كبير؟ أم أن الردع المتبادل سيمنع الحرب… ويؤجلها فقط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى