خبر عاجلسياسة

استعدّوا للزحلاوي القادم من البيت الأبيض

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

استعدّوا للزحلاوي القادم من البيت الأبيض


كتب أحمد عياش في نداء الوطن
تصل إلى لبنان خلال الشهر الجاري شخصية دبلوماسية أميركية صعدت للتو إلى مسرح الاحداث في المنطقة. وتتميّز هذه الشخصية بعلاقات استثنائية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب. إنه طوم برّاك الذي هو نفسه توماس باراك سفير الولايات المتحدة الجديد في تركيا. واستطاع باراك في النصف الثاني من الشهر الماضي أن يحظى بالأضواء من خلال تحرّكه كمبعوث لبلاده إلى سوريا إضافة إلى منصبه كسفير فوق العادة إلى أنقرة. وأتى هذا التحرّك مباشرة بعد إعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات عن حكم الرئيس أحمد الشرع في 13 أيار الماضي.

 

 

يجب أن يعني لبنان وصول باراك بالانكليزية وبرّاك بالعربية إلى هذا المنصب الحساس في نطاق جغرافي يشمل معاً تركيا وسوريا وإسرائيل ولبنان. ويرافق هذا الاعتناء اللبناني بمواطن أميركي من أصول تعود إلى زحلة، قناعة مسبقة بأن الأخير سيثبت ولاءه للولايات المتحدة قبل أي شيء آخر. لكن تشاء الأقدار أن الرئيس الأميركي نفسه معجب بلبنان ما يعني بالنسبة اليه أن خدمة لبنان لا تتعارض مع خدمة العم سام كما حصل إلى حد ما في تجربة السفير الأميركي الشهير فيليب حبيب خلال ولاية الرئيس الأميركي رونالد ريغان خلال محنة لبنان عام 1982.

 

 

يطلّ الأسبوع المقبل غداً مع الأنباء التي ستصل من إسرائيل في الأيام القادمة مع بدء محادثات السفير باراك ونائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس معاً مع المسؤولين الإسرائيليين على كل المستويات. وتأتي الزيارة المشتركة لباراك وأورتاغوس للمرّة الأولى منذ بدء عمل الأخيرة خلفاً لمبعوث شهير هو آموس هوكستين الذي نال شهرة الوساطة بين وإسرائيل في ابرام اتفاقية الترسيم البحري بين البلدين في آخر عهد الرئيس ميشال عون عام 2022.

 

وسيتعيّن انتظار بعض الوقت لمعرفة خلفية القرار الأميركي بضمّ جهود باراك وأورتاغوس في متابعة الملف اللبناني. وأفيد في إسرائيل عشية وصول المبعوثَين، بأن في صلب أبحاثهما الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان. ويتضمن برنامج الزيارة المشتركة إجراء جولة لهما عند الحدود مع سوريا ولبنان، ومشاركتهما الأربعاء المقبل في اجتماع لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان في الناقورة. واستبقت تل ابيب أية توقعات بالقول عبر مصادرها الأمنية إنها ستؤكد خلال اجتماع الناقورة على استمرار “انتشار ونشاط الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان إلى أجل غير محدّد” وفق معلومات صحفية.

 

 

يتطلّب هذا التطور الدبلوماسي الجديد إجراء مقارنة سريعة بين المسؤول الأميركي اللبناني الأصل وبين المسؤول الأميركي السابق الإسرائيلي الأصل. ونتحدث هنا عن توم باراك وآموس هوكستين. وقد اعتاد المسؤولون في لبنان في الأعوام الأخيرة على الدفاع عن ودّ العلاقات التي نسجوها مع هوكستين الذي كان يحظى بموقع جيّد في العلاقات مع الرئيس الأميركي الأسبق جو بايدن، على الرغم من التذكير من وقت لآخر بأن المبعوث الأميركي السابق خدم فترة تجنيده الاجباري في الجيش الإسرائيلي باعتباره مواطناً في الدولة العبرية. وسيكون اليوم سؤال مشروع نطرحه عن الأعوام الآتية التي سيصبح باراك فيها جزءاً أساسياً من الأحداث في لبنان والمنطقة مع ميزة لم يسبقه اليها مبعوث أميركي من قبل ألا وهي تحدّثه العربية بطلاقة أي بلغة وطنه الأم؟

 

 

كتب الكثير ولا زال عن توماس باراك. لكن الأهم فيما قيل فيه حتى الآن هو حديث الرئيس ترامب عن “صديقه في نيويورك” على حدّ تعبير الرئيس الأميركي. وأتى هذا الحديث المطوّل في خطاب ترامب أمام منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات في الرياض في 13 أيار الماضي. قال ترامب الكثير عن باراك لكن من دون أن يسمّيه. وعندما نقرأ الآن نصّ الخطاب ندرك الدور الذي سيضطلع به الأخير من الآن فصاعداً. قال ترامب: “بعد سنوات من المعاناة، بدأت اثنتان من أكثر الدول تضرراً من الإرهاب أخيراً في إنهاء كوابيسهما الطويلة في ظلّ الجيل الجديد من القادة في لبنان، حيث أصبح صديق لي للتوّ سفيراً، الذي سيكون رائعاً. قلت (له): “كما تعلم، يمكن أن تكون هذه مهمة خطيرة للغاية”. قال: “لقد ولدت هناك. أنا لبناني. أنا أحب هذا البلد”.

 

 

قلت: “لكن هذا أمر خطير للغاية”. هذا صديق لي من نيويورك. قلت: “لكن هذا أمر خطير للغاية. هل أنت متأكد من أنك تريد أن تفعل ذلك؟ لم أفكر فيه أبدا على أنه محارب ، لكنه محارب. إنه يحب بلده. قال: “إذا أصبت أو مت، فأنا أموت من أجل بلد أحبه”. نشأ هناك. إنه أمر فظيع ما حدث في لبنان، لكن لديك سفير عظيم، يمكنني أن أخبرك بذلك. ولبنان، الذي وقع ضحية إلى ما لا نهاية من قبل “حزب الله” وراعيه، إيران، جلب الرئيس الجديد (جوزاف عون) ورئيس الوزراء (نواف سلام)، أول فرصة حقيقية منذ عقود لشراكة أكثر إنتاجية مع الولايات المتحدة… تقف إدارتي على أهبة الاستعداد لمساعدة لبنان على خلق مستقبل من التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه. لديك أشخاص رائعون في لبنان، أطباء ومحامون ومحترفون رائعون. أسمعها مرات عديدة”.

 

 

أوردنا للتوّ ما ورد في النصّ الكامل لخطاب ترامب في الرياض والذي يمثّل منطلق تحولات بدأت في المنطقة. وتعيدنا سيرة باراك الشخصية منذ أعوام طويلة إلى أن المبعوث الرئاسي الجديد إلى سوريا سيحظى بفرصة مرافقة هذه التحوّلات في المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً.

 

ليستعدّ لبنان لملاقاة ابن زحلة العائد إلى وطنه على صهوة البيت الأبيض. كم سيكون مشهد طوم برّاك اللبناني الأصل محمّلاً بالدلالات وهو يجول في موطن والديه اللذين هاجرا كما فعل كثيرون من مواطنيهم في القرن الماضي إلى بلاد العالم وبينها القارة الأميركية.

 

 

سعد المبعوث الأميركي السابق آموس هوكستين عندما زار برفقة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية الحالية ليزا جونسون بعلبك، كما سعد وهو يجلس مع السفيرة الأميركية في المقهى المطلّ على صخور الروشة.

ننتظر أن يجلس باراك على ضفاف البردوني بينما يرتفع صوت محمد عبد الوهاب مناجياً “جارة الوادي” التي ابتدعها أحمد شوقي.

 

 

يتطلّع لبنان إلى من يعيد إليه الموسيقى بدلاً من دويّ الانفجارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى