أشياءٌ ما عن قمة الرياض .! – رائد عمر
رائد عمر – العراق / مناشير
سنبدأ الحديث هنا من النقطة الأقلّ وزناً .! ومن الزاوية اللغوية المخففة “وغير الملطّفة !” , فقد اختارت المملكة او القائمين على ادارة مؤتمر القمنة هذا بِالقمة العربية الإسلامية غير العادية, بينما العبارة باللغة الأنكليزية المرفقة مع العربية كعنوان او شعار للمؤتمر هي Extra Ordinary Arab and Islami Summit , والتي معناها وترجمتها الدقيقة ( القمة العربية الإسلامية فوق العادة ) , اذ يُلحظ أنّ العبارة العربية فيها مسحة نسبية غير مُعبّرة ولا حتى بلاغية , ولا ندري لماذا لم يكن تطابق بين “العربية والأنجليزية ” .؟
ايضاً , لماذا تسمية القمة بالإسلامية بينما هنالك دول اجنبية اتخذت مواقف مناهضة للعدوانات الأسرائيلية “كأسبانيا انموذجاً حيث منعت بالأمس القريب سفينتين محمّلة بالأسلحة الى اسرائيل من الرسوّ في موانئها” , وهنالك بعض دولٍ اخرى سمحت للتمثيل الفلسطيني الدبلوماسي فيها وافتتاح سفارة فلسطينية رسمية , ولعلّ ما يوازي ذلك او يفوقه اهمية “سلباً” هو دعوة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي لحضور القمّة .! هل هو مسلم او ينتمي الى احدى المذاهب الأربعة .! , ولم يكن من مبرّر لدعوته للقمة وبما يشكّل اساءة الى روسيا , وربما حتى لتوجهات ترامب في نيّته المعلنة لوقف الحرب بين كييف وموسكو وبدئه ممارسة الضغوط على اوكرانيا , وهو ما لوّحَ والمحَ له في الإعلام . الا يتناقض حضور زيلينسكي للقمة مع دعوة الرئيس بشار الأسد “الحليف الأشد لروسيا” وانّ العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين اوكرانيا ودمشق .! وانّ الرئيس الأوكراني هذا هو من ابوين يهوديين , وسبق لأسرائيل ان زوّدت كييف بمعدات لوجستية تتعلق بالحرب في بداية هذا العام .
لم يكن ممكناً فهم واستيعاب ضرورة حضور زيلينسكي للقمّة , هل هو سيوقف الغارات الجوية على غزة ولبنان .! ؟ وبهذه المناسَبة “غير المناسِبة” فقد ابدت الصحف الجزائرية امتعاضها من دعوة ولي العهد السعودي لزيلينسكي من حضور هذه القمة , بينما ذكرت صحيقة “ليكسبريسون” الجزائرية الناطقة بالفرنسية انّ هذه الدعوة تشكّل تحوّلاَ مذهلاَ للأحداث , ووصفتها بـ”القنبلة” التي قد تنسف هذه القمة الثانية والثلاثين .
هنالك مفارقات بدت على شكلِ ثَغَراتٍ بنحوٍ او بآخر في آليّة واجواء مؤتمر قمة الرياض , فلم يحضر امير الكويت للقمة واناب عنه ولي العهد الشيخ صباح خالد الصباح , كما لم يحضر سلطان سلطنة عُمان واناب عنه اخيه اسعد بن طارق , وكذلك عدم حضور رئيس جمهورية جزر القمر السيد “غزالي عثماني” . وفي مفارقةٍ من لونٍ لآخرٍ, فسرعان ما غادر امير قطر قاعة المؤتمر قبل شروع الرئيس بشار الأسد في القاء خطابه , وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس التركي في مغادرته المقصودة قُبيل خطاب الرئيس الأسد .. الرئيس الأيراني بزشكيان تصرّف بدبلوماسيةٍ ما عبر اتصاله الهاتفي بولي العهد السعودي واشادته بعقد هذه القمة , لكنه اعتذر عن الحضور بسبب الأعباء التي يواجهها في الوضع الداخلي الأيراني.
ممّا لافت في الإعلام وممّا لم تتطرّق له ايّ من وسائل الإعلام عدم دعوة السعودية لأمين عام الأمم المتحدة لحضور المؤتمر ولا حتى دعوة ممثّلٍ عنه .! وذات الأمر في عدم دعوة ممثلية الأتحاد الأوربي للقمة .! , ولعلّه كان مفيداً لو جرى دعوة رئيس منظمة الصليب الأحمر ورئيس محكمة العدل الدولية “التي بصدد اصدار احكامٍ دولية ضد نتنياهو واسرائيل” طالما انّ هذه القمة مخصصة لمحاولة وقف الحرب الأسرائيلية الشعواء على غزة ولبنان .
بجانب انّ ايّ تجمّعٍ عربي ودولي لبحث العدوان الأسرائيلي هو مسألة يباركها الرأي العام ويتعاطف معها نفسيا وفكرياً , إلاّ ما يمكن ان نستشف من هذه القمة , فانها تفتقد الآلية الواقعية لتنفيذ او للدنوّ ممّا جرى طرحه في خطابات اصحاب الجلالة والسيادة من الحضور .