نتنياهو يلين.. ولكن ليس بسبب العرب
مناشير
كما يُقال: “فلت الملق”، أو بالأحرى، خرجت الأمور عن السيطرة. ليس بالنسبة إلى العرب، بل بالنسبة إلى “إسرائيل”، التي وجدت نفسها فجأة في مرمى لهجات أوروبية حادّة، نبرة تهديد لا تشبه المعتاد.
ما بدا كأنه مرونة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين تحدّث بشكل مبهم عن استعداده لوقف الحرب مؤقتًا بشرط نزع سلاح غزّة ونفي قادة “حماس”، لم يكن نابعًا من إحساس بالذنب أو إدراك فداحة جريمة التجويع الجماعي التي تُرتكب منذ أسابيع بحق أهل غزّة، بل من ضغط خارجي يتصاعد.
الإدارة الأميركية، وعلى رأسها بايدن، باتت محبطة علنًا من نتنياهو. وهذا لم يعد سرًا. لكن اللافت الآن، أنّ أوروبا هي الأخرى بدأت ترفع صوتها. معادلة الحرب المستمرة ومنع دخول الغذاء لم تعد مقبولة لديهم.
أكبر تظاهرة شهدتها هولندا منذ عقدين خرجت في لاهاي، حمراء بحناجر الغاضبين على ما يحدث في غزّة. لم تأتِ من الشارع العربي، بل من قلب أوروبا. وتلك كانت إشارة واضحة.
رؤساء حكومات دول أوروبية، من إسبانيا إلى آيسلندا مرورًا بإيرلندا ومالطا وسلوفينيا ولوكسمبورغ، أطلقوا دعوة صريحة لوقف الهجوم على غزّة. وقالوا: “لن نصمت أمام الكارثة الإنسانيّة التي تتكشّف أمام أعيننا.”
الاتحاد الأوروبي يستعد للتصويت في 26 أيار/مايو على إمكانية تعليق اتفاقية الشراكة مع “إسرائيل” – خطوة تدعمها فرنسا. بريطانيا، بدورها، علّقت محادثات التجارة الحرة، استدعت السفيرة الإسرائيلية، فرضت عقوبات جديدة على مستوطنين، وتدرس فرض عقوبات على بن غفير وسموتريتش. السويد بدأت تحرّكًا لفرض عقوبات على وزراء إسرائيليين بعينهم. البرلمان الإسباني صادق على مناقشة حظر تجارة السلاح مع “إسرائيل”.
حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن “كلّ الخيارات مطروحة”، بما في ذلك توسيع العقوبات.
أما إيرلندا، التي كانت من أوائل الدول الأوروبية التي تضغط منذ بداية الحرب، فاختصرت الأمر قائلة: “ما تقوم به إسرائيل في غزّة هو فعل وحشي.”
لهذا فقط، بدأ نتنياهو يُظهر ليونة. ليس احترامًا لنداءات القمّة العربيّة، بل لأن الغرب – الذي طالما اعتبره ظهره الآمن – بدأ يلوّح بالعصا.