إقتصاددولياتسياسة

مفاجآت صينية للبنان: مطار ومرفأ وسكة حديد ووظائف.. طريق الحرير يبدأ هنا!

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

يُدرك أي مراقب لتغيرات النظام العالمي أنّ الصين تسير في طليعة الدول التي تنافس الولايات المتحدة الأميركية على التربّع على العرش العالمي، إذ بدأت تستثمر مليارات الدولارات في برنامجها الفضائي الطموح، إضافةً إلى التفوق في مجال التكنولوجيا وإنشاء شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة “هواوي” البنى التحتية اللازمة لإنتاج الجيل الخامس من شبكة الاتصال الخليوي “5G”، والذي اعتبرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنّه تطوير لسلطتها الإقتصادية والسياسية، التي قد تعينها في أي حرب مقبلة.

من جانبها، نشرت مجلّة “ناشيونال انترست” مقالاً رأت فيه أنّ الصين تستفيد من فوضى الغرب، وأنّ بكين تضع بعض القواعد لتحفيز الدول المجاورة على اتباعها في قيادتها، لكي تحقّق نظامًا آسيويًا جديدًا، وتتنامى فيه القيادة العالمية الصينية، وهذا الأمر بدا جليًا خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في دافوس، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب كان يعاني مع أطول إغلاق حكومي في تاريخ بلاده، فيما تعاني رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من هزيمة لصفقة “البريكست”، أمّا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيتصدى لاحتجاجات “حركة السترات الصفراء”، وفي المقابل، دعا نائب الرئيس الصيني وانغ تشيشان في كلمته في دافوس إلى التعاون الدولي وتأسيس مجموعة اقتصادية أكبر، إضافةً الى حديثه عن الحكم التكنولوجي العالمي.
توازيًا، نشرت مجلة “فورين بوليسي” دراسة عن أنّ الإستثمارات الصينية في منطقة الشرق الأوسط ارتفعت 1700% ما بين العام 2012 و2017، وتبلغ قيمة الإستثمارات مجتمعةً 700 مليار دولار، نصفها تقريبًا في قطاع الطاقة، إضافةً الى 150 مليار دولار في حقل الأبحاث والتطوير، 113 مليار دولار في حقل الصناعة، 103 مليار دولار في قطاع النقل، 68 مليار دولار في القطاع العسكري، و4 مليارات كقروض ماليّة، و155 مليون دولار كمساعدات إنسانيّة.
وفي هذا السياق، تبرز يد الصين الفاعلة في سوريا عسكريًا وفي التحضير لإعادة الإعمار، كما بدأ لبنان يشهد حركة صينيّة نشِطة، في قطاعات عدّة، ما جعل البعض يتساءلون إن كانت بكين تُفعّل مبادرة الحزام والطريق في دول مجاورة من لبنان، وعن حصّة لبنان الذي يتمتّع بموقع استراتيجي في هذه المبادرة المعروفة بـ”طريق الحرير” والتي تربط 68 دولة ببعضها،  وبحسب دراسة أعدّتها مجموعة “سي فور إيه دي إس” الأميركية، فقد خصصت الصين تريليون دولار لبرنامج تفعيل طريق الحرير وتقوية روابط الصين بمنطقة جنوب شرق آسيا وأوروبا وأفريقيا عبر شبكات من الطرق والموانئ، الأمر الذي سيعزّز نطاق نفوذها السياسي ووجودها العسكري.

ماذا عن لبنان؟

وفي هذا الصدد، سأل “لبنان 24” رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية وائل خليل ياسين عن المشروع الصيني في لبنان، فأوضح أنّ المشروع الصيني في السابق كان يعتمد على  الإستثمار في ميناء طرابلس، لكي يكون نقطة عبور  للبضائع الصينية لإعادة إعمار سوريا، ثمّ انتقل للتفكير بالإستثمار في مطار القليعات “ومع الوقت سعينا عبر مركزنا إلى إضافة مشاريع أخرى لتحويل لبنان إلى شريك استراتيجي مع الصين وتحويله كمركز محوري للإقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وحوض المتوسط لما يتميّز به لبنان من موقع استراتيجي، فمنذ عهد الفينيقيين وحتى اليوم كان لبنان بوابة مركزية لخطّ طريق الحرير الذي يبدأ من لبنان ويصل الى الصين مرورًا بالعديد من الدول”.

وأضاف ياسين أنّ “المشروع الذي نركّز عليه هو تحويل لبنان من بلد مستهلك للبضائع ويعتمد على الدخل الزراعي والصناعي المحدود والسياحي ومن أموال الإغتراب الى بلد منتج وصناعي عبر إقامة مناطق صناعية مشتركة صينية لبنانية، تقوم على الاستثمار المشترك بين شركات ورجال أعمال صينيين وآخرين لبنانيين، بتقنية وإدارة صينية وتعتمد على الأيدي العاملة اللبنانية لنكون بهذا الموضوع نحارب البطالة، ونؤمّن فرص العمل، كذلك فللمشروع فوائد كثيرة تتمثّل بتخفيض كلفة السلع إذا صنعت في لبنان، فهذا البلد قريب من الدول المنتجة للمواد الخام في الخليج وأفريقيا، كما يتمتع بميزات بأنّه معفى من الضرائب مع بعض الدول العربية، ما يؤدّي الى تخفيف تكاليف تصدير البضائع ويسمح للبضائع اللبنانية بالمنافسة، كما أنّ لبنان قريب من الأسواق الإستهلاكيّة في الدول العربية وأوروبا، ما يجعل التصدير أقلّ كلفة من لبنان إلى هذه الدول، بدلاً من أن تُنقل مباشرةً من الصين”.

وتابع ياسين أنّ “لبنان يتمتّع بثروة كبيرة وهي إنتشار مواطنيه في العالم، وإذا ما تحوّل الى دولة منتجة وصناعية سيصبح لديه مندوبون للبضائع في كافة أرجاء العالم، وفي مرحلة ثانية، سيشجّع رجال الأعمال الى العودة والإستثمار في لبنان”.

ياسين خلال زيارته الرئيس ميقاتي

برًا وبحرًا وجوًا!

وكشف ياسين أننا “نعمل عبر مركزنا في الصين على حثّ الشركات الصينية على الإستثمار في البنية التحتية، من أجل تطوير ميناء طرابلس وتوسعته، وتطوير مطار القليعات، وإعادة بناء سكة حديد طرابلس وربطها بالداخل السوري عبر تلكلخ أو العبودية، وفي نفس الوقت  تطوير معرض رشيد كرامي والسعي لأن يكون معرضًا دوليًا للبضائع الصينية واللبنانية، إضافةً الى السعي عبر شركات لبنانية وصينية لإنشاء العديد من المصانع في منطقة الشمال، لما يتمتّع به الصناعيون الشماليون من خبرات طويلة وجيدة”.

وأشار الى أنّه “وبالتزامن مع العمل شمالاً هناك مشروع لتطوير ميناء بيروت وربطه بالبقاع عبر  نفق “قناطر زبيدة – شتورة” وتأهيل سكة حديد لنقل الحاويات وإنشاء ميناء جاف (dry port) وهذا يحمي دور لبنان سيما وأنّ الصين أقامت اتفاقات مع اسرائيل باستئجار ميناء حيفا وأسدود، وهكذا يبقى مركز لبنان أساسي واستراتيجي ووحيد لطريق الحرير،  ومن المفترض أن ينطلق مشروعا بيروت – البقاع وطرابلس في الوقت نفسه وألا يحلّ أي منهما مكان الآخر”.

أمّا المسألة الثانية التي تحتاج توضيحًا فهي لماذا بدأ عمل الصينيين في البقاع وتم استئجار مجمّع “الكاسكادا مول” و200 شاليه في مكسه لكي يسكنها مستثمرون صينيون، فأوضح ياسين لـ”لبنان 24″ أنّ استئجار “الكاسكادا مول” هدفه أن يكون شبيهًا بالمركز التجاري الصيني في دبي Dragon Mart، ولفت الى أنّه يتمّ البحث في البقاع لإنشاء بعض المؤسسات الصناعية والتجارية، وأكد أنّ هذا لا يعني أنّه “يوجد تخلّ عن مشروعنا في طرابلس، فقد بدأ المشروع في البقاع من خلال شركات صينية خاصّة، بعدما عَلِمت بالتوجّه الصيني لإقامة مشاريع في لبنان، وبدأت بمجهود خاص للبقاع وكانت الأمور أسهل هناك، لأنّ الكاسكادا هي ملكية خاصة على عكس ميناء طرابلس ومطار القليعات ومعرض رشيد كرامي وسكة الحديد، فكلّها تحتاج موافقات من الحكومة وليس هناك خطوات عملية حتى الآن على الأرض للبدء بتباحث جدي للشروع فيها، فهذا الأمر يكون على عاتق الحكومة والجهات الإقتصادية الموجودة في الشمال”.

مجمّع “الكاسكادا مول”

مشاريع خاصة بالبقاع.. بانتظار الحكومة شمالاً

وأوضح أنّ “هناك جهات في الشمال تبدي رغبة بالتطوير وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي الذي التقينا به وأبدى استعدادًا كبيرًا للتعاون والتسهيل والضغط من أجل إطلاق مشاريع تعود بالنفع على طرابلس والشمال كلّه، إضافةً الى غرفة الصناعة والتجارة في طرابلس والشمال التي تساعد في تحريك المشاريع في طرابلس”.

مرفأ طرابلس

وأضاف أنّ “هناك وفودًا صينية قد زارت ولا تزال تزور طرابلس بشكل دوري، وهناك شركات كثيرة ترغب بالإستثمار في طرابلس والشمال، ونحن نسعى لشرح هذه المسائل خلال المؤتمرات التي تعقد في الصين ونحثّ الجانب الصيني على المجيء الى لبنان والإستثمار فيه في جميع المناطق اللبنانية من أجل الإنماء المتوازن، ونحن نتنظر من الجانب اللبناني دراسات جدوى ومشاريع ومخططات، لمعرفة كيفية العمل إن كان عبر قروض ميسّرة أو تلزيم أو BOT أي نظام البناء والتشغيل والتحويل أو البناء والتشغيل ونقل الملكية، أو PPP public–private partnership أي الشراكة بين القطاع العام والخاص أو بين شركات لبنانية وصينية.

معرض رشيد كرامي الدولي

وإذ لفت الى أنّ الجانب الصيني منفتح على الكثير من الإقتراحات، أوضح أنّ الوضع الإقتصادي صعب في لبنان والعجلة الإقتصادية تحتاج دفعًا، كما أنّ لبنان مرّ بإرباك أمني إلا أنّه ذاهب للإستقرار، وهناك انتظار الآن حتى تتبلور الرؤية في منطقة الشرق الأوسط ولبنان.

المصدر:سارة عبدالله – لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى