كشفت صحفية ألمانية، تعرّضت للاختطاف في سوريا وأُسِرَت قرابة العام كيف كان خاطفوها مستعدين «لقطع رأسي أمام كاميرا في بثٍ حي»، لكن انتهى بهم الأمر إلى أن يدللوها بالشوكولاتة، والألعاب، والحفاضات الباهظة بعدما ولدت طفلاً في الأسر.
في مقابلة نُشرت في صحيفة Süddeutsche Zeitung الألمانية، قالت يانينا إنَّها ذهبت إلى سوريا في تشرين الأول عام 2015 لصناعة فيلم وثائقي عن صديقٍ لها من أيام المدرسة قَصد الجهاد منضماً لأحد فصائل جماعة جبهة النصرة المنتسبة سابقاً لتنظيم القاعدة، ولم تُعلِم أحداً بخطط سفرها سوى والد طفلها ولم تأخذ معها هاتفاً نقّالاً ولا جهاز تعقب لموقعها بتقنية GPS.
ومع أنَّ صديقها الجهادي كان قد وعدها بألّا يطالها أذى، نُصِب شَرك ليانينا وسائقها وهما يحاولان عبور الحدود عائدين إلى تركيا، فقد وُضعت عصابة على عين الصحفية، البالغة من العمر آنذاك 27 عاماً، تحت تهديد السلاح واقتيدت إلى بيت في موقع معزول.
وقالت يانينا، التي يصدُر كتابها My Room in the House of War “غرفتي في بيت الحرب” الشهر المقبل في ألمانيا: “في الليلة الأولى ظننت حقا أنّ الضمان الذي وعدني به صديقي يعني أنّه سيُطلق سراحي عمّا قريب. لكن سرعان ما أدركت أن آمالي تلك لم يكن لها أساس”.
وعندما سُئلت عن المعاملة التي تلقّتها في الأَسر، أفصحت أنها “تعرّضت لبضعة مواقف غير سارة، لكنني كنت في حالٍ جيدة نسبياً. ومع ذلك، كان واضحاً أنّ هؤلاء لم يكونوا أشخاصاً لطفاء أو إنسانيين… كان بإمكانهم أن يقطعوا رأسي أمام كاميرا في بثٍ حي”.
وفيما كانت تحت الأسْر، كتبت الصحفية مذكراتها بخط يدٍ صغير، مستخدمةً عُلب الطعام بعد أن نفد الورق، وحاولت من دون جدوى أن تلفت انتباه سكّان المنازل المجاورة وجمعت سراً أدوات قد تسهّل هربها.
وأخبرت يانينا مَن أجروا المقابلة معها: “كان أمراً مستحيل التصوّر أن ألد طفلي في سوريا. تجاهلت واقع الموقف حتى لم يعد بإمكاني تجاهله”.
ابتزّ خاطفوها طبيباً ليولّد ابنها، وتمّت الولادة دون مضاعفات، وقالت: “فجأة أصبح كل شيء بعيدا: الحرب، وخاطفيّ، لم يكن هناك سواي وابني. كان ضئيلاً جداً، وهشاً جداً، لكنّه كان في صحةٍ جيدة”.
ورأت أنّ معاملة خاطفيها لها تغيّرت بعد الولادة: “كنت أكثر عجزاً من ذي قبل ومعي طفلٌ وليد. عندما كان ابني يستيقظ ليلاً ويصرخ، كانوا يسألونني في الصباح التالي ماذا ألمّ به؟”.
جلب لها خاطفوها شوكولاتة، وعصيراً مقوياً بالفيتامينات، ودمية دُب محشو، ولم يبخلوا بالحفّاضات، وفسّرت أنه “في سوريا يوجد نوعان من الحفاضات، الأول يُعرَف باسم “حفاضات الأسد” وتلك رديئة، والنوع الآخر هو حفاضات مولفيكس، وهي النوع الراقي من الحفاضات في سوريا، وذلك ما جلبوه لي”.
وعندما سُئلت عما إذا كانت تعتقد أنَّ ابنها سيلومها يوماً على ولادته في ظروفٍ عصيبة كتلك، قالت يانينا: “فكَّرت بهذا الاحتمال كثيراً. عندما يحين وقته، سأتحمّل المسؤولية كاملة”.
في النهاية، حُرّرت الصحافية بفضل جماعة أخرى من الإسلاميين، حيث بعد سماعها صوت إطلاق نارٍ خارج مجمَّعها السكني، وجدت نفسها محاطة برجالٍ يرتدون أقنعة يقولون لها إنَّهم سيعيدونها إلى ألمانيا.
وقد أعلنت الجماعة، وتُدعَى جبهة فتح الشام، في بيانٍ إلكتروني، أنَها حرّرت امرأةً ألمانية بعد أن حكمت محكمة الشريعة بأنَّ خطفها عملٌ غير إسلامي في ضوء ضمان الأمان الذي وعدها به صديقها.
أخبرت يانينا صحيفة Süddeutsche Zeitung أنّها تعتقد أنّ ذلك ما حدث، وأنّها ليست على علمٍ بما إن كانت الدولة الألمانية قد دفعت أي قدرٍ من مبلغ 4.3 مليون يورو (4.86 مليون دولار) الذي طلبه خاطفوها مقابل إطلاق سراحها، معتبرةً أنها “مُنِحت فرصة ثانية. وهو أمرٌ لم يحظَ به جميع من اختطفوا في سوريا”.
المصدر عربي بوست