الجزائر … مشاركة محدودة في الانتخابات المحلية والمعارضة تتراجع
مناشبر
شهدت الانتخابات المحلية في الجزائر شبه مقاطعة، مع امتناع أكثر من 65 في المئة من الجزائريين عن التصويت، فيما أظهرت النتائج فوز القوى السياسية نفسها في المجلس السابق وتراجع المعارضة والمستقلين
وعلى رغم برودة الطقس الشديدة والتقلبات الجوية التي ميزت يوم الاقتراع السبت، توجّه قسم من الجزائريين إلى مراكز الاقتراع لاختيار ممثليهم على المستوى المحلي. وعلى عكس الانتخابات السابقة لم يتم تسجيل أي مشاحنات أو توترات حتى في المناطق التي كانت تُشكل الهاجس الأكبر للسلطة بسبب العزوف عن التصويت مثل منطقة القبائل
بقيت نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية محدودة جداً، إذ بلغت 35 في المئة حسبما أعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، حيث تخطى عدد المقترعين 8 ملايين و500 ألف في الانتخابات البلدية وأكثر من 8 ملايين في الانتخابات الولائية من أصل كتلة انتخابية تقدر بـ 23 مليوناً و717 ألفاً و479 ناخباً، ما يعني أن 65 في المئة من الجزائريين امتنعوا عن التصويت، مع أن الانتخابات البلدية تكتسي أهمية كبيرة مقارنة بالانتخابات البرلمانية وحتى الرئاسية، فالمواطن الجزائري في حاجة إلى المجالس المحلية لحل المشاكل التنموية
ويبلغ إجمالي عدد الناخبين في الجزائر لـ”المحليات” 23 مليوناً و717 ألفاً و479 ناخباً، من بينهم 12 مليوناً و824 ألفاً و978 رجلاً، و10 ملايين و892 ألفاً و501 امرأة حسب أرقام للسلطة المستقلة للانتخابات
شبح العزوف والامتناع عن التصويت كان ظاهراً منذ انطلاق عملية الاقتراع صباحاً. وبرزت المقاطعة بشكل واضح في أربع محافظات كبرى وهي: العاصمة الجزائر وبجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل وولاية وهران غرب البلاد، فالأجواء فيها كانت هادئة والشوارع خالية من المارة بخاصة في الفترة الصباحية، مع تسجيل احتجاجات طفيفة ضد إجراء الانتخابات في محافظة البويرة (تقع على بعد 98 كلم من الجنوب الغربي للعاصمة الجزائرية)، لكنها بدرجة أخف من الاحتجاجات الرافضة التي شهدتها الانتخابات البرلمانية التي جرى تنظيمها في حزيران (يونيو) الماضي
وأعلن شرفي رفضه إجراء أي مقارنة مع الانتخابات البلدية السابقة التي طعنت فيها المعارضة وحتى الإعلام المحلي، وأرجع الأمر إلى نظام الانتخابات الذي قال إنه “مختلف”، لذلك يجب المقارنة مع الانتخابات التي نظمتها السلطة فقط
وعقب الإدلاء بصوته الانتخابي برفقة عائلته، أبدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تفاؤله بارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية بدعوى أنها تهم المواطن مباشرة
وفي رد على سؤال عن تصريحاته السابقة التي قال فيها إن “نسبة المشاركة لا تهم”، أوضح في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس أنه تم تأويل كلامه، وأشار إلى أن “الهدف الحقيقي هو البحث عن مؤسسات شرعية لا غبار عليها ومن دون أي تزوير ووصلنا إلى هذه ولا يمكن لأي كان أن يقول إن هناك تغييراً للنتائج”
وكان تبون أكد في مقابلة صحافية أجراها مع ممثلي الإعلام المحلي عشية تنظيم الانتخابات أن “السلطة عازمة على استكمال بناء المؤسسات وتجسيد مسار الجزائر الجديدة من خلال انتخابات محلية فتح فيها المجال أمام الطاقات الشبابية والنسوية والكفاءات الجامعية، لتكون الواجهة الأولى التي سيجدها المواطن الجزائري” بدءاً من مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2021
وأعلن خلال المقابلة أن الحكومة الجزائرية ستفتح قريباً ورشة سياسية وتشريعية لإعادة النظر في منظومة الحكم المحلي، من أجل إعطاء آليات تفتح آفاقاً جديدة أمام المنتخبين المحليين، للاضطلاع بمهماتهم والنهوض بالتنمية في بلدياتهم
وأظهرت النتائج الأولية المسرّبة بقاء “جبهة التحرير الوطني” (الحزب الحاكم سابقاً ومُتصدر نتائج الانتخابات النيابية) والتجمع الوطني الديموقراطي إضافة إلى “حركة البناء الوطني” (حزب محسوب على التيار الإسلامي) و”حركة مجتمع السلم”، في واجهة المشهد السياسي الجزائري مع عدد من المستقلين، ولوحظ تراجع تمثيل “جبهة القوى الاشتراكية” (حزب سياسي جزائري معارض، دأب على مقاطعة معظم الاستحقاقات الانتخابية بما فيها الانتخابات البرلمانية السابقة) في منطقة القبائل التي تمثل عقر داره
ويتوقع متتبعون للمشهد السياسي في البلاد أن تشكل نتائج الانتخابات البلدية، نكسة كبيرة لهذا الحزب الذي يعتبر من أعرق أحزاب المعارضة في البلاد، فهو اكتفى بمقاعد محدودة في محافظة تيزي وزو (تقعُ على بعد 120 كيلومتراً عن العاصمة الجزائرية)
ولم تخلُ الانتخابات البلدية في نظر بعض الأحزاب السياسية المشاركة على غرار “حركة مجتمع السلم” (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد) و”جبهة القوى الاشتراكية”، مما سمّته بـ”التجاوزات” المسجلة في عدد من مكاتب الاقتراع خصوصاً في العاصمة الجزائرية وقسنطينة (شرق البلاد) وأم البواقي ووادي سوف جنوب البلاد، إضافة إلى الحادثة التي أعلن عنها شرفي حول قيام رئيس مركز بإخفاء محاضر الفرز