أين ملف “روسنفت”؟! هل من بديل يعوّض على منشآت طرابلس؟
كتبت ميريام بلعة
من دون أي تفسير أو تبرير، تنازلت شركة “روسنفت” عن عقد تطوير المنشآت النفطية في طرابلس الموقَّع برعاية وزير الطاقة آنذاك سيزار أبي خليل في كانون الثاني 2017 ويمتد على 20 عاماً.
وفي حين عزت جهات معنية انسحاب الشركة الروسية إلى العقوبات المفروضة على روسيا عقب الحرب في أوكرانيا، يستغرب متابعون في قطاع الطاقة، تجاهل وزارة الطاقة والمياه لخطوة “روسنفت” من دون تقديم أي شرح من قِبَلها، وعدم اتخاذ أي تدبير قانوني أو ما شابه في حق الشركة، ولا حتى الإتيان بشركة بديلة لتولي المهام المحدّدة في العقد.
هل القرار السياسي الذي ينضمّ تحت لوائه وزراء الطاقة المحسوبون على “التيار الوطني الحرّ” والقاضي بالتوجّه شرقاً (روسيا والصين)، هو ما يدفع بهؤلاء الوزراء إلى تجاهل الانسحاب الروسي من العقد تجنّباً لاستبداله بشركات غربية أو خليجية، ولو على حساب المواطنين الذين يئنّون من التقنين القاسي للتيار الكهربائي الذي يلامس الصفر في بعض الأحيان؟!
الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر تذكّر في حديث لـ”المركزية” بأن “عقد التشغيل مع “روسنفت” ينصّ على أن “تستأجر الشركة الروسية سِعات تخزينية من المنشآت لمدة 20 عاماً، وتبني فيها في المرحلة الأولى 14 خزاناً بسِعة 428 ألف طن، وتعادل مصروف لبنان من المشتقات النفطية لمدة شهرين، وهذه المرحلة ستحتاج إلى 18 شهراً لإنجازها، من تاريخ توقيع العقد مع الشركة التي ستنفذ عمليات البناء. بعد ذلك يُفترض أن تبدأ المرحلة الثانية من العقد، والتي ستضيف 32 خزاناً بقدرة استيعابية تقدَّر بمليون طن”.
وتكشف أن “نَصّ العقد لم ينفَذ منه شيء كما لم يتم مراجعة الشركة الروسية طوال الفترة الممتدة من العام 2017 حتى اليوم، أي على مدى 7 سنوات، في حين كان يُفترض بـ”روسنفت” أن تكون قد أنجزت كل هذه البنود”.
وإذ تأسف “لكون الشركة الروسية لم تخضع للمساءلة لا من جانب وزارة الطاقة ولا من إدارة منشآت النفط”، تشير إلى “علامات استفهام عدة طُرحت منذ البداية حول طبيعة هذا العقد الذي تخطى الهدف الاستراتيجي للتخزين، ليرسو على إرضاء روسيا في اختيارها لهذا العقد.”
ولم تغفل أبي حيدر الإشارة إلى أن “هذه المنشآت الاستراتيجية لو تمت إعادة تأهيلها عبر العقد الموقع مع “روسنفت”، لكان لبنان استفاد من هذا المخزون منذ مرحلة تفشي جائحة “كورونا” حتى اليوم، علماً أن تخصيص الشركة الروسية بهذا الاتفاق بالتراضي من دون مناقصة ضاربين القوانين المرعية عرض الحائط، خلق “حساسية” اتجاه الدول الغربية ما ينعكس سلباً على علاقات لبنان معها… ومع مرور 7 سنوات لم تبادر الدولة اللبنانية إلى محاسبة الشركة الروسية على عدم تطبيق بنود العقد وانسحابها منه بدون أي تبرير منطقي وقانوني؟!”.
وعما يُحكى عن ضياع ملف العقد، تعلّق أبي حيدر أن ذلك “يؤكد الاستخفاف في التعاطي مع هذا القطاع الحيوي الحسّاس، معطوف على غياب أي مساءلة أو محاسبة من قِبَل وزارة الطاقة حول عدم تنفيذ أي حرف من العقد الموقّع مع الشركة الروسية”.
…مع تنامي الوقائع التي تعكس الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها طوال كل تلك السنوات الثلاثين وأكثر، بات من المؤكد أن قراراً دولياً مزمناً اتُخذ على أعلى المستويات السياسية، بإبقاء لبنان يشحذ قطرة الفيول والغاز أويل، للنأي به عن خريطة التطوّر الاقتصادي والسياحي العالمي…!