18 شهرًا من الصمت… أين تقرير “توتال”؟
خاص مناشير
مرّت ثمانية عشر شهرًا منذ انتهاء أعمال الحفر في البلوك 9، ولا يزال اللبنانيون ينتظرون التقرير الفني من الكونسورتيوم المشغّل، بقيادة “توتال إنرجيز” الفرنسية، مرورًا بـ”إيني” الإيطالية، و”قطر للطاقة” القطرية. التقرير المنتظر – أو “السرّ المصون” كما بات يُلقّب – يبدو اليوم أقرب إلى ملفٍ منسيّ في درج فرنسيّ مغلق، منه إلى وثيقة يفترض أن تحدّد مستقبل الثروة الغازية في لبنان.
في هذا الوقت، يخرج وزير الطاقة بين الحين والآخر بتصريحات كلاسيكية مطمئنة، يخبرنا فيها أن الكونسورتيوم “تعهّد” بتسليم التقرير خلال “أسابيع”، وكأنّ السنوات التي مضت لم تكن سوى أيام. وكأنّ تقريرًا عن نتائج حفر بئر واحدة يتطلّب لجنة تقصّي حقائق دوليّة وليس بضع صفحات من التحليل الجيولوجي.
الأسئلة كثيرة، والإجابات أقلّ من شحيحة: هل سأل الوزير عن سبب التأخير الفاضح؟ هل يُعقل أن يكون مصير هذا الملف الحيوي مرهونًا فقط بـ”تعهّدات لفظية”؟ ومتى ننتقل من منطق الانتظار السلبي إلى منطق المحاسبة والمطالبة بالشفافية؟ الأدهى أنّنا بتنا نتصرف وكأن تقرير توتال هو من سيعرّفنا على ما نملك، لا الدراسات السيادية التي يفترض أن تُبادر بها الدولة اللبنانية عبر مؤسساتها وخبرائها.
أما في ما يتعلّق ببقية البلوكات، فالوضع لا يقلّ سوداوية. الكونسورتيوم نفسه قدّم عرضين للتنقيب وُصفا بأنّهما “مهينان” لشروط السيادة والمصلحة اللبنانية، وتمّ رفضهما عن حق. لكن هل طُوي الملفّ نهائيًا؟ أم أنّه موضوع على رفّ منسيّ بانتظار ظروف إقليمية أو سياسية “مواتية” لإعادة تحريكه؟
في ظلّ كل هذا الغموض، يبدو أنّ الدولة تنتج “هواءً سياسيًّا ساخنًا” أكثر مما تنتج طاقة، فيما اللبنانيّ يدفع ثمن هذا التباطؤ ضعفًا في الاقتصاد، واستمرارًا في استنزاف ما تبقّى من موارد.
هل آن الأوان لفتح الملف على مصراعيه؟ أم أن لبنان سيبقى رهينة إرادة الشريك الأجنبي… بلا مساءلة، ولا أجوبة?