خبر عاجل

يا طالب الدبس من النمس…

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

يا طالب الدبس من النمس…


مي عيتاني (بيروت)
يا سادة يا كرام! هل أحدثكم قصة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها ألف معنى ومعنى؟
يحكى أن في قديم الزمان، وفي قرية تعشق العسل عشقًا جنونيًا، دبّ الخلاف بين أهلها حول من سيجلب لهم أطيب أنواع العسل. فظهر “زعيم النحل” الذي كان يتمتع بشعبية جارفة وبصوت جهوري. كان هذا الزعيم يعدهم بأن خلاياه مليئة بأجود أنواع العسل، وأن انتخابه هو السبيل الوحيد لكي يتدفق العسل أنهارًا في قريتهم.
كان هناك بعض العقلاء الذين حاولوا أن يسألوا عن نوع الزهور التي يرعى عليها نحل الزعيم، وعن كمية العسل التي أنتجها في السنوات السابقة، وعن سمعة النحل العامل لديه. لكن صوتهم كان يضيع وسط الهتافات الصاخبة للمؤيدين الذين كانوا يرددون ببلاهة: “نحن مع الزعيم! الزعيم هو الحل! هو يعرف مصلحة الخلية أكثر منا!”.
وفي يوم الانتخابات، هرع أهل القرية بأعداد غفيرة ليضعوا أصواتهم في صندوق “زعيم النحل”. وبعد الفرز، أُعلن فوزه الساحق. ابتهج الحمقى، وظنوا أن أيامهم ستكون مليئة بالعسل المصفى.
لكن، مرت الأيام والشهور، ولم يروا قطرة عسل واحدة. وعندما سألوا الزعيم عن وعوده، كان يجيبهم بوعود جديدة وأعذار واهية. كان يقول لهم إن هناك مؤامرة تحاك ضد خلاياه، وإن الطقس لم يكن مساعدًا، وإن النحل الكسول هو السبب.
في النهاية، اكتشف أهل القرية الحقيقة المرة: “زعيم النحل” لم يكن يملك أي عسل أصلًا. كان مجرد محتال بارع في الكلام المعسول، يستغل حبهم للعسل ليصل إلى السلطة ويسيطر على موارد القرية.
وهكذا، أيها السادة، تمامًا كما يذهب أهل قريتنا الساذجة لطلب العسل من “زعيم النحل” الكاذب، هكذا يذهب بعضنا اليوم إلى صناديق الاقتراع ليختاروا من لا يملكون إلا الوعود الكاذبة والشعارات الرنانة. يختارون من نهب خيرات البلاد في الماضي، أو من هم مجرد أدوات في يد “زعماء” فاسدين.
إنهم يذهبون لطلب الدبس من النمس، وهم يعلمون تمام العلم أن النمس لا يصنع الدبس، بل يقتات على الفئران والزواحف. والنمس السياسي عندنا يقتات على عرق الشعب ودمه وأحلامه.
فمتى سنتعلم الدرس؟ متى سنفتح أعيننا ونرى الحقيقة المرة؟ متى سنتوقف عن انتظار العسل من النمس؟ ومتى سنبحث عن النحّالين الحقيقيين الذين يعملون بجد وإخلاص لإنتاج العسل الطيب؟
أتمنى أن يأتي ذلك اليوم قريبًا، قبل أن تجف آخر قطرة أمل في خلايانا المثقوبة. ويا له من أمل باهت، كضوء شمعة في ليلة عاصفة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى