هل باتت مطارات بيروت ورياق وحامات تحت السلطة الأميركية… وأين أصوات “السياديين؟”
كتب حسان الحسن
منذ أن نال لبنان “استقلاله” عن الانتداب الفرنسي في العام 1943، واللبنانيون لم يتوحدوا على عقيدةٍ وطنيةٍ واضحةٍ تحدد الصديق من الـ.ـعـ.ـدو. لا، بل أكثر من ذلك، لم يصار إلى تحديد مفهوم واحد للسيادة لديهم، والمسلم به أنها واحدة من أبرز الثوابت الوطنية التي يفترض ألا يختلف أحد من اللبنانيين عليها. والأنكى من ذلك، أن مدّعي “حماة السيادة” هم الأكثر خضوعًا للتدخلات الخارجية في الشؤون اللبنانية الداخلية، أي المس بسيادة الدولة، إن من ناحية فرض الإملاءات على مختلف مؤسسات الدولة اللبنانية، أكانت التشريعية والإجرائية والأمنية والعسـ.ـكر ية وسواها، وإن لناحية احـ.ـتلال الأراضي اللبنانية، كما هو الوضع في الجنوب، أو إقامة قواعدٍ عسـ.ـكر يةٍ هي في الحقيقة جزر أمنية أجنبية خارجة على سلطة الدولة بالكامل، أقيمت تحت عناوين براقةٍ وخداعةٍ، كـ “التعاون بين القوى العسـ.ـكر ية والأمنية المحلية والدولة التي أنشأت “القواعد”، كما هو واقع الحال في مطار حامات في قضاء البترون في محافظة لبنان الشمالي، حيث تقيم القوات الأميركية قاعدةً جويةً وعسـ.ـكر يةً لها، لا تخضع لسلطة أي حسيبٍ أو رقيبٍ من الجانب اللبناني.
وتحت عنوان “الخصوصية الأمنية لقاعدة حامات”، تمنع القوات الأميركية اقتراب عناصر أي جهةٍ أمنيةٍ لبنانيةٍ من القاعد ة. كذلك تؤكد بعض المعلومات انتقال شخصياتٍ سياسيةٍ وأمنية أميركيةٍ من خارج لبنان مباشرة إلى قاعدة حامات، من دون المرور في المعابر الجوية أو البرية اللبنانية، كي يقوم جهاز الأمن العام بالمقتضى القانوني المتعلق بحركة عبور ومغادرة الأجانب الأراضي اللبنانية. ناهيك عن الدور الأمني المشبوه الذي تؤديه هذه القاعد ة في لبنان، تحت ستار “التعاون والتدريب بين الجيشين اللبناني والأميركي”. و يحدث كل ذلك وسط صمتٍ مطبقٍ لمن يزعمون أنهم “حراس السيادة”.
إلى ذلك، تنشط حركة الطيران المروحي الحـ.ـربي الأميركي بين قبرص ومقر السفارة الأميركية في عوكر في الضاحية الشرقية للعاصمة اللبنانية بيروت، بترخيصٍ من الأجهزة اللبنانية المعنية (القوات الجوية)، على اعتبار أن لدى طاقم السفارة المذكورة، حاجة لنقل “اللوازم والمعدات” من قبرص إلى مقر السفارة في بيروت. ناهيك عن هبوط الطا ئرات الحـ.ـربية والنقل العسـ.ـكر ي في مطار بيروت وقاعدتها الجوية أحيانًا، كذلك بترخيصٍ من السلطات اللبنانية.
مطار رياق في البقاع اللبناني: ويشهد راهنًا وجودًا عسـ.ـكر يًا أمريكيًا وبريطانيًا، نظرًا إلى موقعه الإستراتيجي في قلب سهل البقاع.
مطار القليعات: عادت مسألة تحويل قاعدة القليعات العسـ.ـكر ية الجوية في ساحل عكار إلى الواجهة مجددًا، كونها قريبة جدًا من الحدود اللبنانية- السورية، وليس غريبًا أن تستخدمها القوات الأميركية، كما باقي المطارات اللبنانية.
ووفقًا لمنظور “السياديين الجدد”، فإن كل ما ذكر آنفًا “يصب في مصلحة لبنان من دون المس بسيادة الدولة فيه، وفي وضعه الأمني في آنٍ معًا، بما في ذلك خضوع الحكومة للإملاءات الأميركية التي تقف خلفها “إسرائيل”، وتفضي هذه الإملاءات إلى منع هبوط طا ئرة إيرانية، على متنها ركاب لبنانيون عائدون إلى بلدهم، فهذا الإذعان، لم يحرك “غيرة السياديين الوطنية” سواء من المشاركين في الحكومة الجديدة أو من الداعمين لها، أو سواهم ممن يدورون في فلك محور واشنطن وأتباعها”.
لا ريب أن ذروة الخطورة في هذا الخضوع والرضوخ اللبناني الرسمي المذكور، تحت وطأة التهديدات الصهـــيونـ.ـية بقصـ.ـف مدرج مطار بيروت، هو أن “الدولة اللبنانية خضعت لهذا الإذعان، درءًا للخطر الصهـــيونـ.ـي على المطار”، كما قالت، إلا أن ذلك يعني أن في حال سكتت الدولة اللبنانية على هذا الأمر، واستمرت بالرضوخ، فهنا يمعن “الإسرائيلي” سيفرض إرادته بكل شيء، وهذا ما يعني القـ.ـضاء على السيادة اللبنانية، بالتالي لا يمكن الخضوع للأوامر الأميركية- “الإسرائيلية” التي تؤدي في نهاية المطاف الى الانتقاص من السيادة اللبنانية، كذلك ستفرض على الحكومة اللبنانية القرارات التي يمليها الثنائي الأميركي- “الإسرائيلي” باستمرار ، وستمنع اللبنانيين من القيام بما يريدونه، أو ما يتوقون إليه.