معركة “البلديات” في زحلة: “طاحنة” بين القوات والعائلات…!
أسامة القادري – مناشير
رغم اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي البلدي، لازال الجو الضبابي مسيطراً على المشهد الزحلي، وذلك للإعتبارات التي كانت قائمة قبل اعلان دعوة الهيئات الناخبة، تخوفاً من انعكاس تفاقم الازمة الاقتصادية على اجراء الانتخابات في موعدها وفرض تأجيلها خلافاً للدستور حسب ما تتمناه بعض القوى الحزبية، الا أن اعلان وزير الداخلية بسام المولوي لموعد الانتخابات خلال مهلة شهر سيرفع من حرارة الحراك الأنتخابي لتتوضح الصورة سريعاً وتأخذ شكلها لرسم خريطة الجبهات السياسية والعائلية.
في الواقع بعد 2005 تحولت المدينة من “مقبرة الأحزاب” الى “ملعب الأحزاب”، وذلك بعد النقمة الشعبية على الزعمات التقليدية الزحلية التي ابتعدت عن الناس، لتتوالى خسائر البيوتات السياسية في صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية 2009، و2018، و2022، والبلدية في انتخابات 2010 و2016، لصالح الخطاب الطائفي المشحون تطرفاً كما غالبية المناطق، انما هذه النتائج تركت أثاراً سلبية على “عاصمة الكثلكة”، بعد اخفاق عمل الأحزاب التي توالت على تمثيل “المدينة” نيابياً، وفشلها في ارساء جو استقلالي عن قرارات الأحزاب المسيحية مركزياً المتهمة انها تحاكي مصالح “المارونية السياسية”، بعدة عمل لشد العصب الطائفي بإسلوب اجتراري يساهم في تأزم الوضع وتعقيده على حساب وإنماء المدينة، وذلك قفزاً فوق خصوصيتها وتاريخها المعروف وقربها من خط بيروت دمشق، والتي كانت ارست هذه الخصوصية حيثية لعائلاتها السبع (أبو خاطر وغره وبريدي ومسلم ومعلوف وجحا والحاج شاهين)، التي توالت على تمثيل المدينة سياسياً، بتأثير رئيسي دائم لمطران زحلة. قبل انتخابات المتصرفية، فأسست هذه العائلات السبع مجلساً بلدياً عام 1711، اعتمد الشورى فيما بينها كنوع من الحكم المحلي، وسجل ان مع بداية الانتداب الفرنسي عمدا مندوبا زحلة في مجلس المتصرفية، الى اعلان ولائهما لحكومة الملك فيصل في دمشق التزاماً بالعلاقات التجارية والاجتماعية التي تحكم عاصمة البقاع بجارتها السورية.
فخصوصية زحلة محكومة أن لا تكون بلديتها ذات طابع حزبي مستفز كي لا ينعكس على مصالحها وانمائها وعلاقاتها مع القضاء والموزاييك المحيط بها، بعد استهلاك الخطاب التحريضي من قبل فريقي 14 و8 آذار في المراحل السابقة، والعودة الى لغة الحوار بفضل مبادرة “بكين” (اتفاق السعودية وايران). عدا عن أن فعاليات المدينة تجار ورجال أعمال وناشطين يرفضون أن تكون الانتخابات سياسية وحزبية، وبحسب أحد الفعاليات التجارية قال “المطلوب اليوم ان تكون المعركة برنماجية لما هو في مصلحة انماء المدينة وانفتاحها على قرى القضاء المحيطة بها دون استثناء وهذا بالطبع يتطلب اسماء وازنة بالاعتدال وان لا تكون لفريق دون الآخر وذلك حسب المرحلة المقبلة”.
من هنا يرى البعض أن هذه الدورة لن تتكرر فيها مشهدية التحالفات التي حصلت في انتخابات 2016 عندما قررت الأحزاب (حزبي القوات والكتائب والتيار الوطني الحر بدعم من حزب الله وتيار المستقبل، حينها نالت اللائحة بحدها الاقصى 11500 صوت) خوض معركة “طاحنة” بوجه لائحتي العائلات، المدعومة من رئيسة الكتلة الشعبية مريام سكاف التي نالت 10500 صوتاً أي بفارق 1000 صوت في حده الأقصى، ولائحة العائلات الثانية المدعومة من الوزير السابق نقولا فتوش نالت 7000 صوتاً، قراءة أرقام نتائج الانتخابات 2016 منها يتم تحديد الأحجام والتي على أساسها تصوغ التحالفات وقدرة كل فريق على التجيير خلافاً للانتخابات النيابية التي يطغى عليها العامل السياسي أكثر منه عائلي.
فخصوصية زحلة محكومة أن لا تكون بلديتها ذات طابع حزبي مستفز كي لا ينعكس على مصالحها وانمائها وعلاقاتها مع القضاء والموزاييك المحيط بها، بعد استهلاك الخطاب التحريضي من قبل فريقي 14 و8 آذار في المراحل السابقة، والعودة الى لغة الحوار بفضل مبادرة “بكين” (اتفاق السعودية وايران)
وأمام هذه المعادلة بدأت الصولات والجولات بين أحياء المدينة ولقاءات في صالونات مفاتيح العائلات، وبين قياديي الأحزاب كجس نبض وتقطيع للوقت، وبحسب المعطيات الميدانية أن اللقاء الذي جرى بين رئيسة الكتلة الشعبية مريام سكاف وعضو كتلة الجمهورية القوية النائب جورج عقيص في احد مقاهي البردوني، لم يأت بنتائج سوى انه لقاء رفع عتب، فيما يتمترس كل فريق خلف أرقام نتائج الاستحقاقات السابقة، فالقوات ترى ان نتائج الانتخابات النيابية هي وحدة القياس التي تنطلق منها، لتوزع المقاعد على بقية القوى محتفظة لنفسها ب11 مقعد تضمن وصول رئيس بلدية مقرب منها.
وتكشف المصادر أن الطرفين لم يصلا الى أي صيغة توافقية لا في عدد مرشحي كل فريق، ولا في اسم رئيس توافقي، فغلب على اللقاء إبداء النوايا الحسنة أمام الجمهور الزحلاوي من كلا الفريقين الذين عمد كل منهما على تسريب خبر اللقاء وفحوى بعض مما تم طرحه.
أما في المقلب الآخر تقول مصادر مقربة من الكتلة الشعبية أن سكاف ترفض الإملاءات وتحديد حجمها بأربعة او خمسة أعضاء كما جرت العادة، لكونها تنطلق من الرقم الذي حصدته في انتخابات البلدية الأخيرة، والتي هددت لائحة تحالف الأحزاب بفارق بسيط ما يعطيها صفة الفريق الأقوى، ويجعلها تنافس على تسمية رئيس اللائحة لأن لا يكون حزبي وقادر أن يكون مقرباً من الكتلة الشعبية ومقبولاً من غالبية العائلات”.
فيما “القوات” تحاول ان تلعب ذات اللعبة في الانتخابات النيابية على قاعدة تشكيل لائحة مكتملة جميع أعضائها محسوبين على القوات تعتمد على التوزيع العائلي، من 21 عضو من مختلف الطوائف المتعارف على تمثيلها في المدينة، لأن بحسب تقديرات احصاءات القوات أنها قادرة على الخرق بين ال9 وال 11 عضو.
هذه البانوراما تعطي انطباعاً أولياً أن المعركة في زحلة تتجه لخوضها بثلاثة لوائح على اقرب تقدير، اللائحة الاولى مدعومة من حزب القوات والتي تعمل على جذب الكتائب اليها ويبدو أن أمر تسمية رئيسها شبه محسوم حيث أكد أكثر من مصدر قواتي أن رجل الاعمال الصناعي هيكل العتل هو رئيس لائحة القوات وتعمل قيادة الحزب على استكمال بقية اعضائها من العائلات.
أما اللائحة الثانية بعد تعطيل قنوات التواصل بين سكاف والقوات بخصوص تحديد الاحجام تشير المعطيات أن اتصالات تجري بين الكتلة الشعبية ومقربين من الوزير نقولا فتوش، ومع فعاليات العائلات الزحلية الاساسية لحثها على ترشيح مجموعة من الأشخاص من الفئة العمرية الشابة وكفوئين من أجل استعادة قرار المدينة، انطلاقاً من قاعدة أن خصوصية عاصمة البقاع تحتم أن يكون رئيس البلدية على مسافة واحدة من جميع الأحزاب كي لا يكون مستفزاً لمحيطه من باقي الأطياف، ومن الاسماء التي يتم التداول فيها حتى اللحظة اسم رئيس غرفة الصناعة والتجارة يوسف جحا، والدكتور ميشال سكاف، ورجل الاعمال زياد سعادة وشفيق جان سكاف.
أما اللائحة الثالثة هي لائحة رئيس البلدية الحالي أسعد زغيب مدعوم من فعاليات عائلية ومستقلين ومن النائب ميشال ضاهر، والتيار الوطني الحر بحال فشلت المساعي في الوصول الى تحالف مع الكتلة الشعبية.