غياب نصر/الله… غياب البوصلة السياسية للبنان
كتب غصوب جراح
لكل عهد حقبة، ولكل حقبة سياسة، ولكل سياسة حكم، وفي كل حكم شخصية، وفي هذه الحقبة السياسية برز اسم شخص كان حديث العالم من مشرقها إلى مغربها.
السيد حسن نصرالله…
صاحب لقب السيادة، والذي عاش حياته في الخفاء بعد اكثر من ثلاثين عاماً من تربعه على عرش القيادة لحزب الله، وفي وسط ميدان الحرب مع العدو الصهيوني، ومن قائد يخوض غمار الحرب حتى يصبح الضحية، ليصدم اللبنانيين عموماً والطائفة الشيعية خصوصاً، الحدث الذي قلب المعادلة رأساً على عقب.
الشخص الذي ترك بصمة كبيرة في قلوب أتباعه وطائفته، ذهب وترك لهم الذكرى، ذهب وترك حزبه في ضياعٍ كبير. حتى جعلهم يتسألون هل من بديل؟ هل هناك شخصية قادرة على هذا الحمل؟ وكيف ستتقبل الطائفة الشيعية شخصاً غير من هتفت له ثلاثين عاماً “لبيك نصرالله”…؟!
بين ١٦ فبراير ١٩٩٢ و ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٤، تاريخ حافل بأشكال وأنواع وأحداث مختلفة. الرجل الذي لعب دور فعال في السياسة اللبنانية بكل أركانها، كان البوصلة التي تحرك الدولة بعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري. البوصلة الذي كان بيده قرار السلم والحرب، والاسم الذي كان يفاوض بإسم لبنان لدرجة أصبح يستحق لقب رئيس الجمهورية اللبنانية.
صديق نظام الأسد الاول، ورأس محور المقاومة في شرق الاوسط، كان حديث العالم لسنوات طويلة. كنت معه او ضده، كان اسم هذا الرجل مصدر رعب الكيان الصهيوني رغم كل ما حصل من أحداث في لبنان وسوريا والعراق حتى اليمن.
كانت السياسة اللبنانية وفي الأونة الأخيرة ترتكز وتقوم بشكل إستراتيجي على هذا الرجل، ذو العقل المدبر الذي قادة جهات مختلفة، من الصراع الإسرائيلي العربي، إلى هندسة المحور الايراني، ومساندة نظام الأسد، حتى بلورة السياسة اللبنانية محلياً وإقليمياً.
التاريخ يعيد نفسه بعد ١٨ عاماً لكن في ظروف وأوضاع صعبة وقواعد عسكرية واقتصادية مختلفة، الكيان الصهيوني يواصل هدم ٤٠ عاماً من ما بناه حزب على مدى عقود حتى وصل إلى الهرم الرئيسي.
استشهاد نصرالله تاريخ وعلامة بارزة في تاريخ الحياة السياسية المقبلة، ومن المؤكد انه سيغير وجه المرحلة الجديدة في لبنان كما في الشرق الأوسط. وهذا يعيدنا عشرون عاماً الى تاريخ من حول اغتياله مسار الحياة السياسية في لبنان والمنطقة.
ومن هنا سؤال يطرح نفسه هل اغتيال نصرالله طريق لصياغة سياسة جديدة للمنطقة؟
