تحقيقاتخبر عاجل

عوامل عدة تتحكّم بوضع الحدود بين لبنان وسوريا… هل نحن مقبلون على تصعيد عسكري؟

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

عوامل عدة تتحكّم بوضع الحدود بين لبنان وسوريا… هل نحن مقبلون على تصعيد عسكري؟

 

تحولت القرى اللبنانية في حوض العاصي الـ33 الواقعة في ريف القصير، والتي كانت تكتظ باللبنانيين قبل شهرين، إلى أمكنة خالية من أي وجود لبناني.
كتبت لينا اسماعيل في جريدة النهار
عوامل عدة تتحكّم بوضع الحدود بين لبنان وسوريا... هل نحن مقبلون على تصعيد عسكري؟

قوات الإدارة السورية الجديدة.

يسود الحدود الشمالية الشرقية لمدينة الهرمل، في البقاع اللبناني الشمالي الشرقي، هدوء مشوب بالحذر منذ يومين، وسط اتصالات دولية ومحلية للتهدئة بموازة جهود الجيش اللبناني في ضبط الحدود بين لبنان وسوريا.

 

 

ولليوم السابع، تواصل قوات الإدارة السورية الجديدة إحكام سيطرتها على المعابر غير الشرعية في الهرمل، حيث تحولت القرى اللبنانية الـ33 في حوض العاصي الواقعة في ريف القصير، والتي كانت تكتظ باللبنانيين قبل شهرين، إلى أمكنة خالية من أي وجود لبناني، بعد اشتباكات مسلحة ضارية استمرت أربعة أيام، بين إدارة أمن الحدود والمعابر “قوات علي” التي تتبع للفرقة 103 في الإدارة السورية الجديدة، ومسلحي عشائر بعلبك – الهرمل. وقد أسفرت هذه المواجهات الدموية عن وقوع ضحايا وجرحى من كلا الجانبين، بالإضافة إلى الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بالقرى اللبنانية القريبة من الحدود.

يتداول أن الإدارة السورية زرعت ألغاماً للمعابر غير الشرعية والحدود بهدف منع الاقتراب منها، إلا أن مصدراً في الإدارة أشار لـ”النهار ” إلى أن الأمر لم يتم رسمياً بعد. ومع ذلك، أكد أنها ستسعى جادةً لإغلاق هذه الحدود بكل الوسائل الممكنة التي تقتضيها الضرورة.

 

 

تعد هذه القرى من الأماكن التي شهدت تهميشًا طويلًا في الذاكرة الجمعية، إذ كانت مختفية بشكل شبه كامل عن الأنظار حتى سقوط نظام بشار الأسد.

 

هذه القرى، التي تمثل جزءاً من الهوية اللبنانية التاريخية والجغرافية نتيجة امتلاك لبنانيين اراضي فيها، كانت حاضرة في الذاكرة الشعبية، ولكن لم يكن لها الدور الكافي في الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة في العقود الأخيرة.

تمثل هذه القرى تجسيداً عميقاً للهوية اللبنانية والسورية على حد سواء، تاريخياً وجغرافياً. ورغم أنها قد رسخت نفسها في ذاكرة الشعب، إلا أنها لم تحظَ بما تستحقه من اهتمام في غمرة الأحداث السياسية والاقتصادية التي عصفت بالمنطقة على مر السنين، إذ استغلت من الجانبين بطريقة تتوافق مع مصالحهما الذاتية فقط.

 

 

 

وعلى سبيل المثال، استغلّت الفرقة الرابعة وحرس الحدود السوري “الهجانة” هذه الظروف، للتورط في عمليات التهريب والرشوة وإنشاء معامل المخدرات.

 

كذلك هناك من حاول استثمار هذا الوضع لتحقيق مكاسب سياسية من خلال استقطاب أصوات أبنائها الشيعة في محافظة بعلبك – الهرمل خلال الانتخابات اللبنانية، والذين يقدر عددهم ن بنحو 90 ألف شخص.

 

لكن، هل اعترفت الدولة اللبنانية بوجودهم ككيان لبناني سابقا، واليوم، في ظل تهجيرهم من أرضهم وممتلكاتهم؟

 

 

مع تغير الأوضاع السياسية في المنطقة، بدأت هذه القرى تطفو على السطح من جديد، محاولة استعادة مكانتها وظهورها بشكل بارز. ولكن، في الوقت نفسه، تجد هذه القرى نفسها محاصرة بين آمال العودة إلى الماضي وضرورة التأقلم مع واقعها الحالي. فعلى رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، مثل التدمير الذي لحق بالبنية التحتية والنزوح الذي أجبر العديد من أهلها على مغادرتها، إلا أن هناك رغبة حقيقية في بناء مستقبل جديد من أهلها الذين ينتمون الى عشائر بعلبك – الهرمل الشيعية، وفق ما اكده شيوخ عشائر بعلبك الهرمل لـ “النهار”.

وأشاروا إلى أن سكان هذه القرى قد بذلوا جهوداً مضنية للحفاظ على جذور ماضيهم، خلال الاشتباكات المسلحة الأخيرة، وذلك ليس فقط بتأكيد وجودهم الملموس، بل أيضاً من خلال إبراز هويتهم اللبنانية الأصيلة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من نسيج هذا الحوض. وفي خضم هذا الواقع القاسي، يحدوهم الأمل في تعزيز رؤية مستقبل يتسم بالسلام والازدهار، ويضمن عودتهم الى أرضهم التي تشتتوا منها الى بقاع لبنان، بفعل الظروف السياسية والأمنية المضطربة التي شهدتها المنطقة، وإنهم جميعاً يسيرون في كنف قيادة الجيش اللبناني.

في سياق موازٍ، أوضحت إدارة أمن الحدود في الإدارة السورية الجديدة أنها مستمرة في ملاحقة أوكار الجريمة، “حيث استطاعت وحداتها السيطرة على معامل لإنتاج الكبتاغون في ريف حمص الغربي، والتي كانت تحت إدارة عصابات التهريب المسلحة، بالتواطؤ والتنسيق المباشر مع النظام السابق وميليشيا حزب الله” .

 

 

ومع استمرار التحديات، يكمن الحل الأنسب للتحديات الراهنة في التوصل إلى تسوية سياسية وأمنية تضمن الاستقرار لجميع  الأطراف المعنية. فإذا استطاعت الحكومة اللبنانية أن تبرم اتفاقاً مع الادارة السورية الجديدة لإعادة ضبط الحدود الشمالية الشرقية لمدينة الهرمل، فإن ذلك قد يساهم في تعزيز التنسيق الأمني بين الجيشين اللبناني والسوري، مما يؤدي إلى تقليص الأنشطة العسكرية العشوائية وكبح محاولات تهريب السلع والمخدرات. وستكون ثمار هذا التنسيق تحقيق الأمن والاستقرار على الحدود، وتعزيز التعاون البناء بين البلدين في هذا المضمار.

في المحصلة، مستقبل الوضع الحدودي بين لبنان وسوريا يتوقف على مجموعة من العوامل التي تتداخل فيها الأوضاع السياسية والأمنية . ويبدو أن السيناريوهات المحتملة بشأن هذه الحدود تنحصر في ثلاثة مسارات رئيسية، تراوح بين الأمل في الحلول السلمية والتهديد بالتصعيد العسكري، وصولًا إلى التدخلات الإقليمية والدولية التي قد تزيد من تعقيد الوضع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى