رسالة ام افتراضية
رسالة ام افتراضية
كمال اللقيس – مناشير
عزيزاتي اﻻمهات
طاب صباحكن
اﻻم بقدر ما هي طيف اثيري يحث مخيلة الشاعر على النظم واﻻبداع بقدر ما هي واقع مشخص له كينونته وحضوره. بقدر ما تُعنى بتنظيم التفاصيل اليومية ﻻوﻻدها بقدر ما تبث فيهم روح اﻻنتماء الى القضايا اﻻنسانية الكبرى. بقدر ما توازن بين الحد من قساوة الآباء في بعض اﻻحيان وبين كبح جماح نزق اﻻبناء في اغلبها بقدر ما ترفع بيتًا تذهب اعمدته عميقًا في اﻻرض. انها صمام اﻻمن واﻻمان لكل مجتمع يريد ان يحجز لنفسه موقعًا متقدمًا على خارطة العالم المتحضر. انها قبل وبعد ذلك المعادل اﻻخلاقي لكل ما هو جميل على وجه البسيطة.
وبعد هل سيتوقف دور اﻻم ههنا؟ ام ستُناط بها مهمة قد تكون اﻻصعب على اﻻطلاق في واقعنا المعيش اليوم؟
هل ستنتظر ابنها ليعود صورة معلقة على جدار سرعان ما سيتحرر منها مع تعاقب الفصول ام انها سترفع الصوت عاليًا ضد لعبة المصالح وتفاهة السياسة وهزالها؟
ولأنني لست من مؤيدات النزعة النسوية ﻻ ابتغي هنا اﻻنتقاص من حق الرجل ومن قدرته على مواجهة اﻻستحقاقات الكبرى لكنَّ امومتنا وحسرتنا على ابنائنا مدى الحياة تحتمان علينا ان نبادر الى اﻻقدام على فعل يكون على مستوى خطورة المشكلة.
لذا فنحن معنيات وبشكل مباشر بتفكيك هذا العصاب الجماعي الذي يجتاح بلاد العرب واﻻسلام والذي يحصد آﻻف اﻻبرياء. واذا كان اﻻنسان اخا اﻻنسان في الدين او نظيرًا له في الخلق(علي بن ابي طالب) واذا كانت “المشيئة اﻻلهية” او الصدفة البيولوجية وراء انتمائه الى هذا الدين او ذلك وبالتالي الى هذه الطائفة او تلك فكيف له ان يدَّعي بعد ذلك حصرية امتلاك الحق والحقيقة؟! فيكفِّر الآخر المختلف؟ وعليه علام هذه الضجة الكبرى بين تكفير وتكفير مضاد؟!
وبعد لم يكن دأبي في هذه الرسالة ان اخطَّ مطالعة في اﻻرشاد لكنَّ امومتي وحرصي على حقن دماء اﻻخوة في الدين واﻻنسانية قد دفعاني الى ذلك ﻻن هذا الكابوس يطرق ابوابنا جميعًا وسيطل برأسه من النوافذ..