بلدياتخبر عاجلسياسةمقالات

المناصفة حلال في بلدية بيروت وحرام في بلدية زحلة وغيرها…! 

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

المناصفة حلال في بلدية بيروت وحرام في بلدية زحلة وغيرها…! 

 

 

أسامة القادري – مناشير

أثارت المطالبات في تقسيم نطاق بلدية بيروت او المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق اتفاق الطائف حالة من الإستياء لدى العديد من القوى السياسية والإجتماعية، بسبب فارق عدد الأصوات في المدينة بين المسلمين والمسيحيين، حيث يبلغ عدد المسلمين أكثر من ثلثي الأصوات. 

هذه المطالبات دفعت بأبناء البقاع وخاصة المسلمين في مدينة زحلة الذين يبلغ عدد الاصوات فيها الربع من أصل عدد أصوات المدينة لرفع الصوت عالياً دون وجود اذان صاغية، فأبقى التمثيل مقتصراً فقط على إثنين واحد سني وآخر شيعي، وما زاد طينة المفارقة في “شماعة” خطاب العيش المشترك، “بلة” قيام أحد نواب حزب القوات اللبنانية بالطلب من وزير الداخلية وقف العمل بقرار زيادة مختار في حي حوش الأمراء في زحلة والذي يبلغ فيه عدد اصوات المسلمين 4500 صوت، بحجة انه يخلق حالة شرخ في المدينة، وذلك من أجل منع وصول أي مختار مسلم، ونزولاً عند رغبة النائب أوقف وزير الداخلية العمل بقرار إداري دون مبرر قانوني، هذا ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام القوى السياسية بمبدأ العدالة وأقله المساوة في التمثيل الشعبي، خصوصًا في ظل مطالب متناقضة بحسب الموقع والديمغرافيا.

ففي زحلة، المدينة ذات الغالبية المسيحية، يُقدّر عدد الناخبين المسلمين بنحو 14 ألفًا، من أصل 67 الف صوت ويمثلون حوالي 22% من نسبة المقترعين. ورغم هذا الحضور الديمغرافي، لا يحظى المسلمون في المجلس البلدي إلا بعضوَين فقط، وعلى ضوء ذلك سارع رؤوساء اللوائح المتنافسة على استكمال تشكيلها دون أي زيادة على تمثيل المسلمين فيها، بل ذهب البعض بإتهام المطالبين بإنصاف المسلمين بالطائفية، فيما تتصارع اللوائح على الحصول لأصواتهم من خلال خطاب العيش المشترك والمواطنة والمساوغة، كذلك هو الحال في بلدة تعلبايا البقاعية التي وصل فيها عدد اصوات المسلمين الى ثلثي عدد اصوات البلدة فيما تصرّ القوى المسيحية في البلدة على التشدد بإعتماد العرف السابق منذ عشرات السنين على مبدأ ان رئيس البلدية للمسيحيين الموارنة وإعتباره قانون مبرم تتحطم امامه الديمقراطية وقانون الانتخابات. ولذلك تم تعطيل العمل بقرار زيادة مختارين اثنين للبلدة وحرامان شريحة وازهة من التمثيل بمختار، بهدف عدم وصول مختار من الطائفة الشيعية بحجة ان للمختار حق حق طلب نقل النفوس من بلدة الى اخرى.

ليصل الأمر بهذه القوى التهديد بحال تغير العرف تناط خدمات البلدة الى بلدية زحلة، كما حصل في بلدة تعنايل عندما تغيرت الديموغرافيا فيها واصبح اصوات المسلمين مقرراً تم إلحاق تعنايل ببلدية زحلة.

هذه الازدواجية تطرح إشكالية كبرى في الممارسة السياسية اللبنانية، حيث تُستخدم مفاهيم مثل المناصفة والميثاقية كأدوات ظرفية تخضع لحسابات محلية ضيقة، لا لمنظومة عدالة تمثيلية وطنية

ايضاً الحال ينسحب الى بلدة جديتا التي تعتزم القوى السياسية على تحريم الحديث عن المناصفة او المس بالعرف.

في المقابل، تُرفع في بيروت، المدينة الأكثر تنوعًا، مطالب صريحة من قبل القوى المسيحية بالمناصفة في المجلس البلدي، رغم أن المسلمين يشكلون ثلثي الناخبين. هذا يفتح الباب أمام قراءة سياسية مزدوجة: فبينما تُرفَع شعارات الشراكة والتوازن في العاصمة، تُغضّ الطرف عن تمثيل حقيقي لفئات واسعة في مناطق أخرى كزحلة، حيث يُفرض نوع من “التمثيل الرمزي” لا يعكس حقيقة التوزيع الشعبي.

وأمام هذه المستجدات تطالب فعاليات بقاعية وزحلية انصاف المسلمين من حيث الحضور والعدد، وعلى أثر ذلك قامت الفعاليات بجولة على القوى الروحية والسياسية مطالبة بإنصاف المسلمين في زحلة والقرى المجاورة، واذ لاقت جواباً أن المطالبة تهدد العيش المشترك ويتهم المطالبون بالطائفية، فيما في بيروت القوى المسيحية تتوحد حول المطالبة بالمناصفة دون خجل من طائفيتهم.

هذه الازدواجية تطرح إشكالية كبرى في الممارسة السياسية اللبنانية، حيث تُستخدم مفاهيم مثل المناصفة والميثاقية كأدوات ظرفية تخضع لحسابات محلية ضيقة، لا لمنظومة عدالة تمثيلية وطنية. ما يُشير إلى غياب معيار موحّد في التعامل مع التعددية، ويؤكد الحاجة إلى إصلاحات فعلية تضمن تمثيلًا واقعيًا لكل المكونات على قاعدة النسبية والمشاركة، لا على قاعدة المحاصصة والاصطفاف.

فهل نحن أمام إشكالية تقنية في قوانين الانتخاب البلدي، أم أمام ثقافة سياسية تكرّس التمييز غير المعلن؟ الإجابة لا تكون في الشعارات، بل في ترجمة المساواة في كل المناطق، لا فقط حيث يُطلب من الآخر أن يقدّم تنازلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى