العنصر النسائي في البقاع يزيّن اللوائح الانتخابية
كتب غصوب جراح في مناشير
عامٌ بعد عام، نشهد تقدمًا ملحوظًا في عالم السياسة في مجتمعاتنا العربية، خاصة فيما يتعلق بمنح المرأة حقوقها السياسية، وهو تقدّم واضح بالمقارنة مع ما كنّا عليه سابقًا.
يدخل لبنان اليوم مرحلة جديدة من تاريخه، ولا سيّما على الصعيد البلدي. وبعد غياب طويل لمؤسسات الدولة، تعود هذه الأخيرة إلى الواجهة بوجهٍ جديد، يدخل حيّز الوجود في العالمين العربي والدولي.
بلدُ المليون شهيد، الذي عاش زمن الحرب، لم يكن ليبلغ مستوى الحرية الحقيقي لولا منحه المرأة حق المشاركة السياسية في عام 1952، ليكون بذلك من أوائل الدول العربية التي أقرت هذا الحق وفعّلته.
وفي هذا العام، برزت ترشيحات نسائية لافتة على اللوائح الانتخابية، لا سيّما في منطقة البقاع ذات الطابع المحافظ، بعد سنوات من تهميش دور المرأة في هذا المجال. وقد شكّلت مبادرة “الضجّة النسائية” محطة مميّزة، إذ تهدف إلى تعزيز وجود المرأة في المجالس البلدية، وذلك بالتعاون مع منظمة فيفتي-فيفتي، من خلال إطلاق اتفاقية “سلمة، حمامة السلام للمساواة” على امتداد 10425 كيلومترًا مربعًا.
يشهد البقاع اليوم تطورًا ملموسًا في المشاركة النسائية، تبدأ من زحلة، المدينة التي اعتادت أن تكون رائدة بنسائها، إذ تتزيّن معظم لوائحها الانتخابية بأسماء سيدات فاعلات في مجتمعاتهن ويتمتعن بمكانة اجتماعية مرموقة.
وفي برالياس، البلدة المعروفة بتمسّكها بعاداتها وتقاليدها، بدأت تتبلور ملامح انفتاح تدريجي تجاه مشاركة المرأة في الشأن العام. فرغم الطابع المحافظ الذي يطغى على المجتمع المحلي، برزت هذا العام مبادرات تدعو إلى إدماج النساء في الحياة البلدية، وتُرجمت عمليًا من خلال ترشيح عدد من السيدات ضمن لوائح انتخابية محلية، من بينها لائحة مستقبل برالياس، التي ضمّت أسماء نسائية طامحة للمساهمة في العمل البلدي. هذا الحضور النسائي، وإن لم يكن بعد سائدًا، يعكس تحوّلاً تدريجيًا في الذهنية العامة تجاه أدوار النساء في مواقع صنع القرار.
ولا يخفى على أحد هذا الزخم المتزايد في الحضور النسائي، إذ تُظهر الإحصاءات تطورًا لافتًا في المشاركة النسائية بين عامي 2016 و2025. ففي حين بلغ عدد المرشحات في الانتخابات البلدية لعام 2016 نحو 1508 امرأة، ارتفع هذا الرقم إلى قرابة 3000 مرشحة في انتخابات 2025، ما يُعدّ قفزة نوعية في مسار تمكين المرأة السياسية. هذا النمو لا يعكس فقط تزايد الوعي بحق المرأة في الترشح، بل يُترجم أيضًا تحوّلًا ثقافيًا ومجتمعيًا متدرّجًا في النظرة إلى دور المرأة في صناعة القرار المحلي.
المرأة، التي يشهد لها التاريخ بحكمتها وقيادتها، تثبت اليوم من جديد أنها مؤهلة لتتبوأ أعلى المناصب. وبمشاركتها الفعالة، ترفع مستوى العمل السياسي إلى درجات عالية من التطور والتميّز.