خبر عاجلسياسة

الحدود في الهرمل: جهود دبلوماسية لاحتواء التوتر وضبط الأمن

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

الحدود في الهرمل: جهود دبلوماسية لاحتواء التوتر وضبط الأمن

يبقى المواطنون في بلدات الهرمل الحدودية الحلقة الأضعف، ينتظرون من دولتهم أن تحميهم، ومن السلطات أن تترجم وعودها بإجراءات عملية تحمي السيادة وتحفظ كرامتهم.
لينا اسماعيل
المصدر: النهار
تعيش الحدود اللبنانية السورية، وفي الأخص عند تخوم منطقة الهرمل، حالة من التوتر الخفي (الصامت) منذ أسابيع عدّة، نتيجة تكرار الحوادث الأمنية والتجاوزات الحدودية. هذه الظروف دفعت إلى انطلاق جهود ديبلوماسية وأمنية مكثفة بين لبنان وسوريا، حيث يهدف الطرفان إلى احتواء التصعيد والاحتقان وضبط الحدود، ومنع انزلاق الوضع نحو صراعات مفتوحة وأكثر حدة قد تهدد الاستقرار الهش الذي يسود المنطقة.

كانت قرى حدودية مثل حوش السيد علي والقصر مسرحًا لاعتداءات عدّة طالت مدنيين لبنانيين داخل الأراضي اللبنانية، مع اتهامات لمجموعات مسلحة مرتبطة بالجيش السوري الجديد. هذه الأحداث، التي تضمنت إطلاق نار وسرقة واعتداءات، أثارت غضب الناس، و تُرجمت باحتجاجات واعتصامات نظّمها أهالي هذه القرى للمطالبة بحمايتهم وفرض سيادة الدولة كاملة.

في مواجهة هذا التصعيد المتصاعد الخطير، بادرت السلطات اللبنانية إلى إطلاق تحرّك ديبلوماسيّ سريع، مستعينة بقنوات الاتصال مع نظيراتها السورية، حيث تمّ التأكيد على أهمية احترام السيادة اللبنانية وضرورة ضبط التوترات القائمة على الأرض.

في مواجهة هذه التطورات الخطيرة، تحركت السلطات اللبنانية عبر قنوات رسمية وغير رسمية مع الجانب السوري، سعياً لضبط الوضع الأمني والحفاظ على التهدئة. الديبلوماسية اللبنانية، مدعومة بضغط شعبي وإعلامي، طالبت بضمانات بعدم تكرار الانتهاكات، وبتحديد المسؤوليات ومنع التعديات عبر الحدود.

في سياق موازٍ لهذا المسعى (الجهد) السياسي، عزز الجيش اللبناني حضوره في تلك المناطق الحدودية الحساسة، سعياً لإعادة الأمن والاستقرار. وفعّل إجراءاته الأمنية المشددة لحماية المواطنين ومنع أيّ احتكاكات إضافية مع الجانب السوري.
ورغم أن هذه التدابير أعادت بعض الطمأنينة إلى القرى، إلّا أنها لم تلغِ شعور القلق الدفين لدى الأهالي الذين يخشون أن تطرأ اعتداءات في أيّ لحظة.
وتفيد المعلومات لـ ” النهار ” بأنّ “اجتماعات أمنية غير معلنة” قد عُقدت في الأيام الأخيرة، ضمّت مسؤولين عسكريين من كلا الطرفين، بهدف وضع آلية واضحة لضبط التحركات غير الشرعية، على طول الحدود من الهرمل وصولاً الى راشيا البقاع الغربي، وتعزيز التنسيق الميداني لتفادي أيّ سوء تقدير أو انفلات أمني قد يؤدي إلى تفجير الأوضاع.

علاوة على ذلك، تتضمن الإجراءات الأمنية المشددة تنفيذ توقيفات للمخلّين بالأمن وتجّار المخدرات، خصوصًا على الحدود الشمالية الشرقية المتاخمة لجرود الهرمل. تشمل هذه التدابير أيضًا المشاريع الممتدة في القاع ورأس بعلبك وعرسال، وصولاً إلى جرود راشيا. وقد بدأت تظهر ثمار هذه التدابير بشكل فعلي، حيث شهدت مخابرات فرع منطقة البقاع زيادة في توقيفاتها المتورطين في أعمال المخلة بالأمن والتهريب. ومن بين تلك التوقيفات، تم توقيف أحد أبرز المطلوبين المعروف بـ”السنغري”، بالإضافة إلى ضبط عمليات تهريب المحروقات باستخدام الدراجات النارية في منطقة مشاريع القاع الحدودية وغيرها.

رغم هذه الجهود، تبقى المهمة معقّدة. فالحدود الشمالية الشرقية للبنان، بطبيعتها الجغرافية المفتوحة وطبيعة العلاقات العائلية والاقتصادية بين سكّان البلدين تشكّل بيئة خصبة لأيّ خرق أمني.

كذلك، لا تزال بعض الجماعات المسلحة الخارجة عن السيطرة الرسمية تشكّل تهديداً دائماً لأيّ تفاهمات أو اتفاقات قد يتمّ التوصّل إليها.
إرادة للحلّ… ولكن؟

المصادر الأمنية تؤكد لـ “النهار” أن هناك إرادة حقيقية لدى الطرفين لمنع انفلات الوضع، خصوصاً في ظل الظروف الإقليمية الدقيقة، ومع ذلك، فإنّ هذه الإرادة تصطدم أحياناً بحسابات محلية، وبشبكات مصالح اقتصادية وأمنية باتت تتحكم ببعض المعابر والمسالك غير الشرعية.

وتضيف: “ان المشهد الحدودي في الهرمل يبقى عنواناً دقيقاً لصراع السيادة والأمن في مواجهة اختلالات إقليمية ومحلية. وبين مساعي الدولة لفرض القانون، وغليان القرى المتضررة، يبدو أن طريق إعادة الاستقرار طويل وشائك، يحتاج إلى إرادة سياسية صلبة، ودعم شعبي صبور، وحسم أمني صارم يحفظ الحقوق ويحمي الأرواح”.

تشكّل المرحلة الحالية اختباراً حقيقياً للعلاقات اللبنانية السورية، وللقدرة على معالجة الملفات الشائكة بالحوار وليس بالسلاح.

في المقابل، يبقى المواطنون في بلدات الهرمل الحدودية الحلقة الأضعف، ينتظرون من دولتهم أن تحميهم، ومن السلطات أن تترجم وعودها بإجراءات عملية تحمي السيادة وتحفظ كرامتهم.

فهل تنجح الديبلوماسية في ضبط حدود لطالما كانت ملتهبة؟ أم أن الأمور ستبقى رهن موازين القوى المتبدّلة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى