الإساءة السخيفة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر
كتب رائد عمر – العراق / مناشير
التسجيل الصوتي الذي بدأت ببثّه “قناة العربية الفضائية” والمنسوب زورا وبهتاناً الى الرئيس عبد الناصر واعقبه بعض التطبيل والتزمير من بعض السوشيال ميديا المدفوعة الثمن على ما يبدو , فكان بائناً أنه من إنجاب الذكاء والغباء الإصطناعي معاً , وكان فاشل الإنتاج والمونتاج والإخراج ايضاً , ويفتقد لقابلية جعله قابلاً للتصديق , كما بجانب أن يظن او يتصوّر أيّ إمرءٍ ما بأن تصدر من عبد الناصر كلمات بأنه من دعاة الحل السلمي مع اسرائيل وليس من دعاة الحرب .!
يكفي أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغن اعترف علناً بعد حرب حزيران لعام 1967 ” بفترةٍ ليست قصيرة ” بأنّ الحكومة الإسرائيلية قدّمت عرضاً الى عبد الناصر بالإنسحاب من سيناء ” التي احتلتها في تلك الحرب ” مقابل اعتراف مصر بأسرائيل , لكنّه بيغن أقرّ أن الرئيس المصري رفض ذلك العرض , وطلب بأنسحابٍ كامل للقوات الأسرائيلية من الجولان السورية والضفة الغربية التي كانت عائدة للأردن .
الرئيس عبد الناصر الذي كان يمثّل ويجسّد الشارع العربي برمّته , هو صاحب المقولة الشهيرة ( ما اُخِذ بالقوة لا يُسترد إلاّ بالقوة ) وكان حقا يمثل عموم الموقف العربي أمام دول العالم , وهو من رموز حركة عدم الإنحياز … مسألة تقطيع الكلمات صوتياً من خطاباتٍ سابقة وتحويرها والتلاعب فنيّاً بها , هي مسألة عفا عليها الزمن وتجاوزها , فبعد حرب عام 1967 بأيامٍ قليلة قامت ” شعبة الأبحاث الحرب النفسية ” في جهاز الموساد بإنتاج شريط مسجّل جرى بثّه من الأذاعة الأسرائيلية الناطقة باللغة العربية تزعم وتدّعي فيه انه مكالمة هاتفية سرية بين الملك حسين وجمال عبد الناصر يُدّعى فيه أنّ احدهم سيفاوض الولايات المتحدة والآخر يتظاهر بالضد وما الى ذلك .! وفي ذلك التسجيل كان التشويش واضحاً والصوت ضعيفا ومتقطّعاً ايضاً , ولم يلق التسجيل ايّ اُذُنٍ صاغية من الرأي العام العربي , بل كان في غاية التندّر .!
لا شكّ ولا ريب على الإطلاق أنّ كل مَن استمع لهذا التسجيل الجديد ” من قناة العربية او سواها ” في عموم الأقطار العربية , سيتساءل مع نفسه عن الأسباب الكامنة وراء إخراج وإظهار هذا التسجيل حالياً بعد 54 عاماً من رحيل الزعيم المصري الخالد , ولماذا لم يكن قبل ذلك .!؟ , احدى الإجابات ذات العلاقة , فمنذ اسابيعٍ صارت تظهر ففي العديد من المواقع الإخبارية مقاطع من خطابات وصور وفيديوهات مسجّلة تعيد وتكشف المواقف القومية المشرّفة للرئيس المصري في داخل مصر ومع رؤساء وقادة عرب واجانب , ولعلّ الخشية المسبقة من انبعاث تيّار ثوري ناصري على امتداد الخارطة العربية هو وراء حملة التشويه هذه , كما أنّ الأمر ليس بعيداً عن حرف الأنظار عن بشاعة عمليات القتل الجماعي الأسرائيلية في غزة وحرق الأطفال الفلسطينيين وهم احياء , وليس ببعيدٍ ايضا عن عمليات القضم الصهيوني لأراضٍ سورية وتدمير وقصف مواقع عسكرية واقتصادية فيها .!
آخر مانشير اليه في هذا الإختزال شبه المطوّل , أنّ الرئيس عبد الناصر هو مَنْ وضع اللبنة الأولى والأسس الستراتيجية لحرب عام 1973 عبر الخطة المسماة ” خطة الدفاع 2000 ” , لكنّ القدر فاجأه قبل الشروع بتنفيذ عملية التحرير للتراب المصري …