الأبواق الأمريكية العربية إلى طريق الإقفال…!
مناشير
قد لا يطول الوقت قبل أن تتوّقف “قناة الحرّة” الأميركيّة إلى جانب غيرها من المنصّات الإعلاميّة المموّلة أميركيًّا في أنحاء المنطقة والعالم، مثل “إذاعة صوت أميركا”، لأنّ الرئيس الأميركي يريد محاربة البيروقراطيّة وما أسماه “دعايتها المتطرّفة”.
ويأتي ذلك تطبيقًا لمراسيم تنفيذيّة وقّعها ترامب، وتتعلّق هنا تحديدًا بإيقاف تمويل الخدمات الإعلاميّة الأميركيّة الموجّهة للخارج لشبكة الشرق الأوسط للبثّ والتي تتبع لها “قناة الحرّة” ومنصّاتها الرقميّة. كما يشمل القرار تقليص عمل “إذاعة صوت أميركا” التي تأسّست قبل 73 عامًا وتعتبر أكبر إذاعة دوليّة أميركيّة، ولها حضور دولي واسع بتردّداتها التي تبثّ بـ40 لغة، بما في ذلك اللغة الفارسيّة والكرديّة وغيرها، وذلك الى جانب “إذاعة أوروبا الحرّة” (راديو ليبرتي)، و”راديو آسيا الحرّة”.
وإذا كان من المؤسف أن تصمت أيّ وسيلة إعلاميّة بشكل عام، إلّا أنّ “قناة الحرّة” و”إذاعة صوت أميركا” مثلًا عملتا من خارج السياق الإعلامي المهني المستقلّ والمتوازن، بل استخدمتا من أجل الترويج للسياسة الأميركيّة، بكلّ تجلّياتها الاستعماريّة والتخريبيّة وكخدمة لقوى ودعاة الحروب الأميركيّة وهيمنة الولايات المتّحدة في أنحاء منطقتنا العربيّة وفي أنحاء العالم.
يقرّ مدير شبكة الشرق الأوسط للبث (في فيرجينيا) والتي تتبع لها “الحرّة”، جيف غيدمان بأنّ الوكالة الإعلاميّة الأميركيّة تؤدّي دورها بشكل جيّد وتواجه كما يقول “الروايات المُعادية لأميركا، والشبكة هي بمثابة شوكة في خاصرة خصوم أميركا”. ويصف المعترضون قرار ترامب بأنّه “هديّة لأعداء أميركا” خصوصًا روسيا والصين وإيران.
والآن، من المعتقد أنّ العديد من هذه المؤسّسات وموظّفيها سيتّجهون إلى القضاء للاعتراض. وترامب يضعها ضمن رؤيته ورجل الأعمال إيلون ماسك، لـ”القضاء على عناصر البيروقراطيّة الفدراليّة”. ويعتبر البيت الأبيض أنّه ليس مضطرًّا لإنفاق أموال دافعي الضرائب “من أجل الدعاية المتطرّفة”.
ولم يكن إطلاق “الحرّة” العام 2004، صدفة. جاء ذلك في ذروة الهجمة الأميركيّة للمحافظين الجدد الداعمين للرئيس الأسبق جورج بوش، بعد سنة فقط من غزو العراق وتدميره، واحتلال أفغانستان وبدء تشديد إجراءات حصار إيران وسوريا والمقـ ـاومة والترويج لإسرائيل والتطبيع معها. وبدت سياسات “الحرّة” في الكثير من الأحيان، أكثر تطرّفًا من الإدارة الأميركيّة نفسها، في معاداة قضايا العرب وفلسطين.