لا حياد في القضايا الانسانية إما مؤمن وإما كافر
بقلم صلاح بسيوني
من ابشع المفاهيم السياسية في هذا العصر الدموي مفهوم الحياد, الذي يخرج منه كل شعارات التضليل والتسطيح التي تصنع العقول التافه. وبما ان علوم الحرب النفسية تستهدف عقول البشر, يأتي مفهوم الحياد وتعميمه وسط العامة برؤية حضارية وبغلاف انساني من اجل التحييد و التطويع.
الصراع بين الحق والباطل صراع ازلي عرفه البشر منذ عهد آدم , والدفاع عن القضايا الانسانية حماية للبشر ولقيم العدل و الانصاف.
بعد مرور اكثر من عشرة اشهر على حرب الابادة في فلسطين ” غزة” الذي مارس الصهيوني فيها كل اشكال القتل والتدمير والتعذيب والتجويع بدعم امريكي و غربي مطلق تحت شعارات الاساطير اليهودية و ظهور المشيح…تعلو اصوات الحياد و الدعوة للاحتكام للعقل الواقعي باعتبار موازين القوة حصرا بيد اميركا و الغرب و ان الاستمرار في المقاومة انتحار ومغامرة غير محسوبة .. قد نختلف على كل شيء في السياسة, لكن كيف ننقسم امام أولئك الذين يقوم كيانهم على القتل و التدمير و الابادة او حتى تحييد انفسنا .
ان خسرت غزة المعركة بما تمثل من قيم الصمود و المقاومة , سيجلس الطواويس الهزيلة على الطاولة للتوقيع على ميثاق ابراهيم فوق دماء الشهداء الاحياء منهم و الاموات وعذابات احرار العالم الداعمين و المساندين , ميثاق ابراهيم هو بكل المعايير ميثاق ” يهوذا” .
لكن ان انتصرت فلسطين لن يجرؤ اي طاووس الجلوس على طاولة يهوذا, وسيندفع الاحرار بكل شموخ لحماية قيم العدل و الانصاف…
المحايدون لم يتعظوا من درس التاريخ الذي يذكرنا بدور بعض العرب ابان غزو الماغول للعراق وتحول مياه دجلة النهر الى سيل من حبر حضارتنا وعلومنا و ثقافتنا حيث الانهيار الكبير.
عديموا الانسانية اللصوص الذين هاجسهم تفريغ رؤوسنا من كل ما يمت بصلة الى الكائن البشري , نهبوا كل ما تبقى لدينا من أشياء الحياة …. ومع ذلك ما زال هناك من يفكرون بأنوف تلامس أورانوس . الغزاة الذين كانوا يستولون على رؤوسنا قبل ان يستولوا على بلادنا جعلونا كالبط الاعرج بكامل صفات المفلسين… كيف يكون الحياد في مثل هذه الحالة؟
الحياد هو الخذلان بعينه بالرغم من اعتبار البعض انه رقي مواكب لغة العصر , الحياد في السياسة هو الوقوف بين الحق و الباطل بين الضحية والجلاد. تبرير الحياد خيانة العدل و الحق وفي ذلك جناية واضحة و اشتراك في الجريمة لا تغتفر .الحياد يورث الافراد الخمول و السلبية وقلة الضمير. ثقافة الحياد من اسوء الانتاج الفكري و السياسي لعصرنا وهي سبب من اسباب استمرار مآسي ملايين البشر المستضعفين و هي اقسى من الظلم نفسه , والحياد اشبه بشهادة الزور في المحكمة.
لا تتركوا فكرة الحياد تدخل عقولكم و عقول ابنائكم على انها شيء جميل . فهي الظلم و السلبية و تجميل للخذلان , الاجدر بنا ان نتحلى بقيم العدل و الانصاف , والوقوف الى جانب العداله لفلسطين حماية للقيم الانسانية ودفاعا عن كل شيء جميل في هذه الحياة.
ان موقف الحياد هو موقف العاجز الذي يعتقد انه يريد لنفسه السلامة , لكنه سيهوى بسبب من آمنهم وهم لا يأمنون ماضيه ولا حاضره ولا مستقبله.
لا حياد في المعارك الكبرى اما مؤمن وإما كافر
” نحن نحب الحياة إذا ما استطعنا اليها سبيلا..