خبر عاجلسياسةمقالات

دريان فشل في ملء “الشغور” وافتاء المناطق بين  الإلغاء ووضع اليد على المؤسسات…! 

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

دريان فشل في ملء “الشغور” وافتاء المناطق بين  الإلغاء ووضع اليد على المؤسسات…! 

 

 

 

أسامة القادري – مناشير

سنة مرت على شغور دار الفتوى في البقاع بعد رحيل المفتي الشيخ خليل الميس، تاركاً فراغاً ثقيلاً في الوسطين الديني والسياسي، وفاتحاً أبواب التكهنات على مصراعيها عن الأسباب في تأخر ملء الشغور ما فسره متابعون أنه قد يكون تهديد لموقع فتوى المناطق ككل بهدف إلغائه اسوة بما حصل في سوريا من ألغاء موقع الافتاء في المناطق وتوزيع دار الفتوى والاوقاف وعائداته بين باقي المذاهب الاسلامية، أو أن مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان بإمتناعه عن دعوة الهيئة الناخبة بمثابة إعلان عن فشله في تنفيذ القانون وفق النص الدستوري، بعدما أصبحت اكثر من نصف مراكز افتاء المناطق شاغرة، فمثلاً منطقة راشيا تقبع منذ خمس سنوات بفراغ دون مفتي، عدا أن في لبنان لم يتبق مفتين أصيلين سوى المفتي الشيخ محمد علي الجوزو وعمره تجاوز الثمانين عاماً، ناهيك عن شواغر وظيفية في كافة الدوائر الإدارية في دار الافتاء. 

وبالعودة الى “فتوى البقاع” تتحوّل نافذة الفراغ مع تأخر الوقت في انتخاب مفتي جديد وأصيل الى بوابة يدخل منها كل من يدور في فلك “الأحزاب” والتيارات الإسلامية المتشددة، والتي كانت على خلاف مع الميس طيلة توليه المنصب، ودائماً كان حذراً من تسليمها القرار، بل وكثيراً ما هاجموه وموقع فتوى الجمهورية. 

فما بدى خلال افتتاح الاحتفال الأخير ان من حيث الحضور او المشاركين في برنامج المؤتمر عن أثر المفتي منذ النشأة حتى الوفاة، حالة من الفوضى وخطورة الاستمرار بالفراغ، ليعطى الكلام لبعض الحزبيين الإسلاميين للحديث عن مزايا المفتي الميس، فيما كانوا قبل فترة يصفونه اوصاف غير لائقة، وبـ”العميل السوري”، كما لوحظ غياب اي ممثل عن الرئيس سعد الحريري، وعدم ذكر اسمه وقالت مصادر مقربة من الحريري انه لم يدعى مما ادى الى انزعاج الاوساط المقربة من الرئيس الحريري،  كما كشفت نشاطات مؤسسات أالازهر الأخيرين اللثام عن حضور غير مسبوق لشخصيات حزبية اسلامية تدور في فلك “الاخوانجية”، فأصبح لها تأثير وازن في الأزهر بعد أن كانت تمارس مقاطعة في عهد المفتي الميس، عدا عن تسجيل غياب لشخصيات وفعاليات اجتماعية ودينية رافقت مشوار الراحل من البداية حتى النهاية كالقاضي الشيخ عبد الرحمن شرقية. والذي شكل غيابه عن المؤتمر جملة من التساؤولات، بإعتبار شرقية معروف عنه لا يعتذر عن حضور أي نشاط معني مباشرة بحياة رفيقه المفتي الميس. 

المفتي ليس منصباً دينيا وظيفياً فقط او اداريا، انما هذا المقام هو مرجعية للربط بين الشريعة السماوية والإداء السياسي

هكذا بدى أن الثابت الوحيد هي مخالفة المفتي دريان للنص القانوني الذي يحدد اقصى مهلة للشغور بثلاثة اشهر فقط، وغير ذلك تصبح مخالفة قانونية واضحة، لأن موقع مفتي الجمهورية اللبنانية هو الموقع الموازي لرئاسة الجمهورية، ولأنهما المقامان الوحيدان المعنيان مباشرة بالجمهورية لا سواهما، ومؤتمنان على القانون والدستور، فلا يجوز للمفتي في ظل هذا التصدع الحاصل في الطائفة السنية لأن يمعن في الفراغ دون مبرر للعامة، كما لا يمكن الاستمرار بنهج التعيين بمعزل عن البقاعيين، و” الشورى بينهم”، أو بتفرد عن  المرجعيات السياسية. لأن المفتي ليس منصباً دينيا وظيفياً فقط او اداريا، انما هذا المقام هو مرجعية للربط بين الشريعة السماوية والإداء السياسي.

ما يطرح العديد من التساؤلات عن مصير هذا الموقع، ما اذا كان عجز من مفتي الجمهورية في انجاز استحقاق الانتخاب، أم هو هدف مقصود لضرب أخر مسمار في نعش موقع مفتي المناطق، بهدف وضع اليد على ما تبقى من مؤسسات كأزهر البقاع والوقف، أو أن ما وراء الأكمة ما وراءها، أو افساح المجال للقبض على مفتي المناطق، والبقاع أهمها لكونه يعتبر الملعب الخلفي لسوريا ونظام الأسد.

فلا يختلف اثنان أن الميس ترك فراغاً يطرق صداه في كافة الميادين، ولم يعد في البقاع ضابط ايقاع للشارع السني بما فيه من تناقضات ايديولوجية، بين الإسلام المتشدد والإسلام المعتدل، هذا في المسألة الدينية أما في المسألة السياسية كثيراً ما دوّر المفتي الميس الزوايا وابقى جميع قنوات التواصل مفتوحة، وعمل وفق رؤية كرّسها مفتين قبله، “أن الإفتاء مهمة وليست وظيفة، وايضاً مرجعية وليست هيكلية، وبالتالي له دور استراتيجي في بناء المجتمع وادارة الدفة”. 

 

إفتاء البقاع شهد رافعة من خلال إحتضان أئمة القرى الكبرى في الاوسط والغربي للمفتي منذ انتخابه مفتياً، بدءاً من امام مجدل عنجر محمد عبد الرحمن، والمرج الشيخ خالد كنعان، وغزة الشيخ ابراهيم الغزاوي وقب الياس الشيخ عبد الرحمن شرقية

فمن غير المنطقي طمس دور المجموعة في نجاحات المفتي الميس واختصار مؤسسات الأزهر ودار الفتوى بشخصه وحده، فإفتاء البقاع شهد رافعة من خلال إحتضان أئمة القرى الكبرى في الاوسط والغربي للمفتي منذ انتخابه مفتياً، بدءاً من امام مجدل عنجر محمد عبد الرحمن، والمرج الشيخ خالد كنعان، وغزة الشيخ ابراهيم الغزاوي وقب الياس الشيخ عبد الرحمن شرقية، فبهذا الاحتضان استطاع ان يمسك بعصى التجاذبات السياسية من نصفها، وتعامل مع التناقضات بنمطين مختلفين، نمط يَفصِّل التعامل معها كمؤسسات الأزهر عن الفتوى، والنمط الثاني، ابقى مركز فتوى البقاع على مسافة واحدة من الجميع، انما تعامل معها بحذر شديد بتناغم مع سياسة المرجعية السنية الأقوى على مستوى الوطن، فيما توازى دوره كمفتي للمسلمين المقيمين في البقاع والمغتربين، وابقى قنوات التواصل والاتصال مفتوحة.

لم ينجح المفتي دريان في تطمين البقاعيين حيال استحقاق انتخاب مفتي للبقاع، ليتحوّل كل نشاط يقوم به أزهر البقاع بحضور المفتي دريان الى مادة “دسمة” بين الفعاليات البقاعية والحديث عن حاجة “الطائفة” لمفتي وليس الى موظف. والتخوف من تبعات التعيين خلافاً للدستور، كي لا تكون حصة “الأسد” لمحور “الممانعة”، لطالما البقاع يعد “الملعب” الخلفي للنظام السوري وتوابعه. 

وحرصاً على هذه المؤسسات بعد تدهور صحة المفتي في السنوات الثلاثة الأخيرة قام بتعيين الشيخ علي الغزاوي مديراً للمؤسسة التربوية عام 2019، لتسيير العمل التربوي والاداري، وتوازياً وقّع الميس على مشروع مجلس أمناء لإدارة الأزهر وبذات الوقت الشؤون الافتائية، لإتخاذ القرارات بالإجماع. 

 

تخوف البقاعيون من التناغم المستجد بين  المفتي دريان ومدير المؤسسات التربوية في ازهر البقاع الشيخ علي الغزاوي، كأن هذا التناغم هو لوضع يد فتوى الجمهورية على المؤسسات، فدريان في احتفالات سابقة أطلق على الغزاوي لقب “سماحة الشيخ”، رداً على ترحيب الغزاوي له بوصفه “رب هذه المؤسسات” بمثابة ربط إدارة الأزهر بدار الفتوى، وبالتالي يصيبها ما اصاب غيرها من المؤسسات بفعل رهنها للتجاذبات السياسية والمناطقية، بين فتوى الجمهورية التي تحوّلت بنظر مسلمي المناطق الى فتوى بيروت، وهذا ما كان يتخوف منه المفتي الميس، بحال ارتبط مصير الازهر بدار الفتوى مركزياً.

لذا ترى فعاليات في الطائفة “السنية” أن لا موانع قانونية تمنع اجراء انتخابات لا يزيد فيها عدد الناخبين عن دون ال 70  مقترعاً من مدراء عامين، وقضاة مدنيين وشرعيين ونواب حاليين ووزراء حاليين ورؤوساء بلديات ومشايخ خاصة بعدما نجحت الدولة اللبنانية باجراء انتخابات نيابية يزيد فيها عدد المقترعين عن مليون ناخب. 

وبحسب المادة 30 من المرسوم 18 الناظم لأحوال الطائفة السنية، فإنه يعود لمفتي الجمهورية تحديد موعد انتخاب المفتي وابلاغه لرئيس الدائرة الوقفية لاذاعته على الناخبين،  وقد نصت المادة انه لا يجوز تأخير موعد الانتخاب مدة تزيد عن ثلاثة اشهر من خلو مركز الافتاء.

وفي هذا الصدد أكدت مصادر من بيت الوسط لـ”مناشير” انه في 2019 اثر تعيين الغزاوي مدير تربوي لتسيير عمل المؤسسة والموظفين، بعدها تم صياغة مشروع قانون لادارة الأزهر، بتوجيهات من الرئيس سعد الحريري، لُخص بمجلس امناء في الأزهر، حدد بتعيين نواب للمفتي الميس من القضاة الشرعيين، كل نائب لمدة سنة بدءاً من الأكبر سناً الى الأصغر بحال مرض المفتي او سافر، اما بحال الوفاة تصبح القرارات متخذة بإجماع الأكثرية من الأمناء. وتابع المصدر “أن هذا المشروع موقع من المفتي الميس نفسه، عندها عارضه بعض المشايخ الذين يدورون في فلك محور “الممانعة”، اضافة الى الشيخ علي الغزاوي وهددوا الميس بتقديم استقالاتهم من المؤسسة كليا واعفائهم من جميع المهمات بحجة أن هذا الاقتراح هو بمثابة اساءة أمانة. 

وبالعودة الى شغور الافتاء، أكدت مصادر في السراي الحكومي، أن ملف مفتي المناطق في حوزة المفتي. ورئاسة الحكومة تولي البقاع اهتماماً زائداً لخصوصيته، وقال “لا اعتقد المفتي دريان يتخذ قرار بتعيين مفتي من دون العودة الى القيادة السياسية خاصة أن الرئيس سعد الحريري كلف قبل مغادرته الى الامارات فريق للبحث مع المفتي دريان ومع الرئيس ميقاتي موضوع انتخاب مفتين، وكان من المفترض الدعوة مباشرة بعد اجراء الانتخابات النيابية، وأضاف ان تأخير دعوة الهيئات الناخبة، يعود للمفتي دريان والتأخر ناجم من رأي مجموعة من العلماء المحيطين بالمفتي، يحاولون تعويم فكرة الغاء مفتي المناطق او أقله الاستمرار في التعيين لمزيد من الإمساك بقرار المناطق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى