الصين: على أوكرانيا أن تكون جسرا بين الشرق والغرب وليس خط المواجهة الأمامي
مناشير
قال السفير الصيني لشؤون نزع السلاح لي سونغ، هنا أمس الخميس، إنه يتعين أن تصبح أوكرانيا جسرا بين الشرق والغرب، وليس خط المواجهة الأمامي بين الدول الكبرى.
وأوضح لي موقف الصين بشأن الأزمة الأوكرانية خلال كلمته في الاجتماع الكامل لمؤتمر نزع السلاح، قائلا إن الوضع في أوكرانيا يتطور بسرعة. وأكد أن الصين تولي اهتماما كبيرا بالتطورات.
وأضاف لي “نؤمن دائما بأنه يتعين احترام سيادة ووحدة وسلامة أراضي جميع الدول، وينبغي حل النزاعات الدولية بطريقة سلمية، بما يتوافق مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.
وتابع لي قائلا إن “الأولوية الفورية هي الحيلولة دون تفاقم الوضع، مع تعزيز الجهود الدبلوماسية من أجل التوصل إلى حل سياسي”.
كما حذر من أن “ممارسة الضغط وفرض العقوبات على نحو أعمى وخلق الانقسام والمواجهة، لن يؤدي إلا إلى زيادة تعقيد الوضع، كما سيؤدي إلى تداعيات سلبية سريعة للأزمة، وسيؤثر على المزيد من الدول”.
وسلط الضوء على أهمية إيلاء اهتمام واحترام كاملين للشواغل الأمنية المشروعة لجميع الدول، واتخاذ هذا الاهتمام والاحترام أساسا لإقامة آلية أمن أوروبية متزنة وفعالة ومستدامة من خلال الحوار، من أجل تحقيق سلام واستقرار دائمين في القارة الأوروبية.
وأكد أن الصين تدافع عن مبدأ الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام.
واختتم لي كلمته بقوله “ندعو المجتمع الدولي لاتخاذ موقف مسؤول، ودعم الأطراف المعنية من أجل العودة فورا إلى مسار التسوية السياسية، واستخدام الحوار والتشاور للسعي إلى حل شامل للقضية الأوكرانية. والصين على أهبة الاستعداد لمواصلة دورها البناء في هذا الصدد”.
وتعليقا على الموقف الصيني اكد وائل خليل ياسين رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية، وهو استشاري متخصص بحوث سياسات مجلس الدولة الصيني لشؤون غرب آسيا وشمال أفريقيا، ان للدول التي تسعى الولايات المتحدة للتدخل فيها بهدف ضمها لحلف الناتو واتباعها بالمنظومة الغربية بهدف الاخلال بالتوازنات الدولية وتحويلها الى ساحة مواجهة، فرصة كبيرة متاحة أمامها الآن، وليس عن طريق الانضمام للأحلاف العسكرية، وانما السعي لان تكون محايدة وجسر تواصل بين الشرق والغرب وركيزة اساسية في تحقيق توازن كبير وعميق ومهم، بحيث تعمل هذه الدول على ضمان أن لا يتصاعد التنافس الاقتصادي والجيوسياسي بين الصين وروسيا وشركائهم مع الولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة لها إلى صراع عسكري. ويعتبر بناء قدرات هذه الدولة وتعزيز قدراتها الدبلوماسية على اساس الحياد مهم جداً لضمان عدم الانجرار الى نزاع دولي مدمر .
واضاف ياسين اما بخصوص موقف الصين المعارض من محاولة توسع الناتو فهو ينطلق من مبدئها المعارض لمسألة إنشاء الأحلاف العسكرية والإنخراط فيها، كونها تحمل عقلية الحرب الباردة وَتعزّز احتمالية حدوث التوترات والحروب ، والصين تُفضّل في المقابل التركيز على بناء : شبكة واسعة من الشراكات الإستراتيجية معتمدة في ذلك على قوتّها الإقتصادية المتنامية حيث ان هذه المقاربة تساعد الصين على خلق بيئة تعاونية متعدّدة الأقطاب مواتية لها ومعادية لنزعة الهيمنة الأمريكي فمن خلال آلية الشراكة الإستراتيجية بدلاً من الأحلاف توصل الصين رسالةً للعالم مفادها بأنّ العلاقات ما بين الدول لا ينبغي أن تتأتّر بالاختلافات في القيم أو المؤسّسات أو شكل الحكومات أو النظم الاجتماعية حيث يُسمح لكل دولةٍ أن تُحدّد مسارها التنموي ونظامها الاجتماعي والسياسي الخاصٌّ بها بعيداً من آي تدخل خارجي.
وأوضح ياسين مفصلاً، ان هناك استراتيجيتان تسود حالياً في العالم.
الاستراتيجية الاولى وهي التي تتبناها بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية اضافة الى بعض الدول التي لديها اطماع توسعيه منطلقة من احلامها باستعادة امجاد الماضي .
وهذه الاستراتيجية تنطلق من المفهوم الاستعماري ومبدأ الهيمنة وبسط النفوذ ، حيث تعمد هذه الدول على اثارة الفتن والنزاعات العرقية والدينية مما يؤدي لتعطيل نهضة الامم حيث تنتشر حالة عدم الاستقرار وتستنزف طاقات الدول وتتفكك ما يخلق مسببات التدخل والهيمنة لنهب الخيرات وتحويل الدول المهيمن عليها لاسواق استهلاكية حصرية لها بالقوة الجبرية .
اما الاستراتيجية الثانية فهي استراتيجية مبنية على مبدأ التنمية والتشارك والتعاون السلمي وفق سياسة الربح المشترك وقاعدة انه لا يمكن ضمان استمرار تنمية امة ما لم يتم ضمان تنمية الامم الاخرى اضافة الى وجوب السعي لاحلال السلام والاستقرار لايجاد الارضية الخصبة للتنمية والتعاون بهدف بناء مجتمع افضل مشترك للبشرية جمعاء وهذه السياسة تجلت في مبادرة الحزام والطريق اضافة الى اطلاق عدة منظمات كمنظمة شنغهاي للتعاون و مجموعة البريكس وغيرها.
ان هذه الاستراتيجية التنموية تحث جميع الاطراف الى التعاون المشترك بهدف الربح المشترك وتبشر بعالم تعددي يحفظ لكل شعب حقه ودورة حسب امكانياته وهي على نقيض مع الاسترتيجية الاولى التي تعتمد مفهوم الاحلاف والتكتلات العسكرية كحلف الناتو وحلف أوكسوس.