هل رصد “الحزب” منزل نتنياهو بمسيّرة وهل يؤجّل الردّ؟
جاء في “الجريدة” الكويتية:
اشتبه الجيش الإسرائيلي في تسلّل طائرة بدون طيار أطلقها «حزب الله» لتصوير منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مما دفعه إلى إطلاق طائرات مقاتلة لملاحقتها، في حادث وصفه الأخير بـ «الإنذار الكاذب»، في حين أفاد مصدر بأن الحزب اللبناني متشائم من إمكانية نجاح الدبلوماسية الأميركية في وقف النار بغزة، ويستعد لتوجيه ضربة انتقامية قد تنقل الحرب إلى مرحلة جديدة.
بالتزامن مع بدء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارته التاسعة للمنطقة، منذ اندلاع حرب غزة، بهدف الضغط باتجاه إنجاح جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن بين إسرائيل و«حماس» لمنع تمدد الصراع إقليمياً، أفادت إسرائيل برصد طائرة مسيّرة، يعتقد أنها تابعة لـ«حزب الله»، عقب تسللها من لبنان لتصوير منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مدينة قيسارية أمس. وذكرت «يسرائيل هيوم» أن سفينة صواريخ تابعة للبحرية متمركزة أمام البحر في قيسارية، حيث يقضي نتنياهو وأسرته عطلة نهاية الأسبوع بمنزله الخاص عادة، رصدت المسيّرة.
وأضافت الصحيفة العبرية: «كان التفسير هو أنها طائرة تصوير دون طيار أطلقها حزب الله؛ بهدف التقاط صور لمنزل نتنياهو بالقرب من الشاطئ، ثم نشر المقطع المصور في وقت لاحق»، مبينة أن المسيّرة رصدت عبر أجهزة رادار السفينة فقط، وبعد إطلاقها لإنذار هرعت طائرات مقاتلة إلى المنطقة، لكنها لم تتمكن من تحديد موقع المسيّرة.
ورغم أن مكتب نتنياهو علّق على التقرير، الذي نسبته الصحيفة لمصادر بالجيش، بالقول، إن الحديث يدور عن «إنذار كاذب»، موضحاً أن رئيس الوزراء لم يكن في المنزل بقيسارية وقت الحدث، لكن الواقعة سلطت الضوء على «الحرب النفسية» الدائرة على هامش تهديدات طهران والحزب اللبناني بالثأر لاغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر والوعيد الإسرائيلي بشن ضربات استباقية بعمق إيران.
وفي وقت سابق، كشف مصدر مطلع لـ«الجريدة» أن قيادات «حماس» طالبت المرشد الإيراني علي خامنئي باغتيال شخصيات إسرائيلية بارزة وحتى نتنياهو في حال لجوء طهران، التي تتعرض لضغوط وتهديدات أميركية، للعدول عن توجيه رد صاروخي مباشر ضد إسرائيل، لمبدأ الرد بـ«الند مقابل الند» انتقاماً لمقتل هنية. تشاؤم وميدان ولا يزال «حزب الله» على تشاؤمه حيال المسار الذي يسلكه نتنياهو في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
ووفق ما تشير مصادر متابعة، فإن التنسيق متواصل بين «حماس» وحلفائها في «محور المقاومة»، ويجرون تقييمات لمسارات التفاوض مع تأكيد من المحور بالوقوف خلف أي قرار تتخذه الحركة. لكن وفق ما يقول مصدر مطلع، فإن «حماس» تعتبر أن المنطق الذي يفاوض فيه نتنياهو يظهر أنه تراجع خطوات إلى الوراء عما كانت قد وافقت عليه في مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن. كل الشروط التي يحاول أن يفرضها نتنياهو مرفوضة من الحركة، خصوصاً لجهة إصرار إسرائيل على السيطرة على محور فيلادلفيا، ومعبر رفح ومحور نتساريم، وعدم انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع الفلسطيني. «حماس» لا يمكنها أن تتراجع عن هذه المطالب، وهي لا تزال مرفوضة إسرائيلياً، في المقابل فإن الأميركيين تعهدوا بممارسة ضغوط على إسرائيل لإقناعها بإيجاد صيغة تكون مرضية. ثمة انتظار جديد لما ستنتجه المفاوضات التي يتوقع أن تشهدها القاهرة، الأربعاء والخميس، وبالتالي فإن إيران و«حزب الله» لن يتخليا عن حقهما بالرد، وانتظار التوقيت الذي سيختارانه ربطاً بمسارات التفاوض.
ويقول المصدر المتابع إنه في حال تم التيقن بأن كل ما يقوم به الأميركيون والإسرائيليون هو فقط محاولات تسويف فإن الرد سيكون حتمياً وقوياً وعنصراً ضاغطاً لإلزام الإسرائيليين بالموافقة على وقف إطلاق النار جدياً، ويعتبر الحزب أن جزءاً أساسياً من الضغط الأميركي على إسرائيل لإقناعها بوقف النار هو استخدام مسألة الرد الإيراني ورد الحزب اللذين سيكونان قويين وقد يغيران مجريات المعركة أو يؤديان إلى اندلاع حرب أوسع على مستوى المنطقة، وهذا ما لا تريده إدارة بايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.
لكن حسابات الحزب وإيران تبدو أبعد من ذلك، صحيح أن وقف النار قد يعزز وضعية طهران السياسية، إذ ستنسب موافقة إسرائيل على الاتفاق لنفسها ولتهديداتها إلى جانب الحزب، أما الحسابات الأخرى بالنسبة إلى الحزب فترتبط بتحديد الهدف الذي سيتم ضربه واختيار التوقيت المناسب الذي لا يمكن فصله عن مسار التفاوض أولاً، وعن الاستعداد والجاهزية الكاملة لدى الحزب للرد على الرد الإسرائيلي المتوقع، لا سيما أنه في تقديرات الحزب لا تزال هناك احتمالات للذهاب إلى أيام قتالية.
في السابق كان «حزب الله» قد أجل ضربته على إسرائيل بانتظار مفاوضات الدوحة، حالياً لم يعد الحزب يتحدث بشكل واضح حول تأجيل الرد أو عدمه بل يضعها في سياق ظروف الميدان. وفي حال كانت هناك مصلحة لهذه الضربة في التأثير على مسار المفاوضات فسيكون هناك استعداد لتنفيذها. فبحسب المعطيات الدبلوماسية لا يزال نتنياهو مصمماً على استئناف الحرب، وأن أقصى ما يمكن أن يقدمه هو المرحلة الأولى من الاتفاق، أي هدنة لمدة 6 أسابيع، يتم خلالها إطلاق سراح الأسرى والرهائن، وبعدها يعود إلى العمليات القتالية. ووفق المعلومات فإن نتنياهو يريد الاستمرار في العمليات العسكرية الموضعية أو عمليات الاغتيال التي لا يزال مصراً على تنفيذها، وهذا يعني أن الحرب ستنتقل إلى مرحلة جديدة.
وفي وقت دعا نتنياهو أمس إلى «توجيه الضغوط إلى حركة حماس» وليس إلى إسرائيل، قائلاً، إن «حماس حتى هذه اللحظة متمسكة برفضها للمقترح، ولم ترسل ممثلاً عنها إلى محادثات الدوحة»، وأضاف في بيان لمكتبه: «ندير مفاوضات أخذ وعطاء وليس عطاء وعطاء والمبادئ التي وضعناها ضرورية لأمن إسرائيل»، مشدداً على أن «الضغط العسكري والسياسي القوي هو السبيل لإطلاق سراح المختطفين»، كشف موقع «والاه» الاستخباراتي أن مجلس الوزراء الإسرائيلي استبق ضغوط بلينكن المتوقعة للقبول بوقف النار، وأصدر تعليماته للجيش بزيادة حدة القتال في غزة، لتحسين موقف الدولة العبرية في المحادثات غير المباشرة مع «حماس». وبينما أسفر القصف الإسرائيلي على عموم مناطق غزة عن مقتل 25 وإصابة 72 خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، أعلنت سلطات الاحتلال مقتل قائدين بارزين في الجناح العسكري لـ«حماس» في غارة استهدفت مركبتهما في مدينة جنين بالضفة الغربية.