دوّت اصوات انفجار آمال عودة العلاقات بين تركيا وسوريا بفعل الانقلاب المفاجيء في الموقف التركي، المفاجأة لم تكن في بحث عودة العلاقات الى ما قبل 2011 ؛ فبحثها ليس بجديد او فريد، لقد فشل قبل ذلك او تراجع او تأجل، المفاجأة كانت في مستوى المبادرة وإلحاح رأس هرمها، وتبدّل موقع المحتاج لها.
لم تكن تركيا قبل ذلك تعير امر التطبيع مع سوريا ونظامها القائم اهتماما الا بقدر توقيها وطأة ثقل اللاجئين السوريين في تركيا وحمل مسؤولية السوريين في مناطق التواجد التركي في سوريا، واهم من ذلك حيلولتها ضد تقدم مشروع دولة الاكراد على حدودها وما يعنيه ذلك من خطر ارهاب حزب العمال بحسب توصيف تركيا له وللدولة المزمع اقامتها.
لم يقف خطر الواقع وثقله عند هذا الحد الذي يمنح تركيا فسحة التعامل بروية خاصة بعد احداث العنف الاخيرة التي شهدتها الساحة السورية المحمية من قبلها والتي وخزت كثيرا حتى اوجعت الحكم في تركيا سيما مع دعم مجموعات المعارضة والفصائل التي لاقت غضبا شعبيا كبيرا وصل حد السيطرة على مقراتها بعد طردها افقدها جدوى الخسائر اللاحقة بالدولة التركية جرّاء الاعتماد عليها.
ضعف هذا المفصل الذي فكك قدرة تركيا الحكم على الصمود اما تركيا المعارضة التي وجدت في الاحداث الاخيرة مقتلا سهلا للتصويب من خلال مد يد التفاهم مع السلطات السورية التي ارادت تفويت الفرصة على سلطة الحكم في تركيا ممثلة بالحزب لا بشخص الرئيس الذي يعد سنواته الاخيرة في منصبه، الذي يسعى الى تعبيد طريق الاسلام السياسي الوعرة في اقامة اية علاقات حالية او مستقبلية مع دمشق.
تنبهت السياسة السورية منذ اللحظات الاولى وبادرت بترك المشهد يغلي بنار التصريحات التركية المتلاحقة التي باتت تركض بعد ان كانت تزحف من اجل التخلص من اعباء الأوضاع الراهنة، الى ان وصلت التصريحات ذروتها حتى قطعت الدبلوماسية السورية الطريق على اغراءات تلميحات عودة مناطق سيطرة الفصائل الى الدولة وغيرها من التفاهمات التي يدور في فلكها الاتحاد ضد محاولة قضم الاكراد جزءا من الدولة السورية وغيرها .
اكدت سوريا ان لا تزال مصرة على موقفها صراحة بضرورة ضمان انسحاب القوات التركية من اراضيها، واعلنت ضمنا عدم رغبتها بالتعامل مع الاسلام السياسي طالما كان متلونا متغيرا يسير خلف المصالح، بل ارادت فوق ذلك تحميل المسؤول في تركيا عن أيلولة الأوضاع الى ما آلت اليه وتركه ينزع أشواكه بيده.
اخيرا : لن تتوقف محاولات كهذه بل ستمتد على اكثر من صعيد، نعتقد ان من بينها ما يتم تداوله حديثا حول صفقة مع سوريا يتم من خلالها انسحاب القوات الأمريكية من اراضيها وبسط نفوذها في لبنان واعادة اعمارها ودعمها بمبالغ تصل الى 200 مليار دولار مقابل تنازلها عن الجولان والتطبيع مع اسرائيل في سياق ينسب الى وساطة وئام وهاب، في حين ان حديثا من هذا النوع مرّ على تداوله سنوات ولم يشهد حتى اللحظة تصريحا ولا تصديقا ولا حتى تلميحا رسميا او شبه رسمي.