“رجل الأنفاق”.. ماذا يعني اختيار السنوار زعيما لحماس؟
مناشير
أثار إعلان حركة حماس، الثلاثاء، تعيين زعيمها في غزة يحيى السنوار رئيسا لمكتبها السياسي، خلفا لإسماعيل هنية، تساؤلات بشأن دلالات الخطوة في هذا التوقيت، الذي يشهد تصعيدا بالمنطقة.
ووصف محللون ومراقبون، في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، اختيار السنوار بأنه مفاجأة، متوقعين أن يلقي بظلاله على العديد من الملفات على رأسها صفقة الهدنة في قطاع غزة.
وكانت حماس قد أعلنت، السبت، إجراءها مشاورات واسعة لاختيار رئيس جديد للمكتب السياسي بعد اغتيال هنية، في حين كانت الترشيحات تدور في فلك عدد من قادتها على رأسهم: خالد مشعل الذي سبق أن شغل المنصب عقب اغتيال عبد العزيز الرنتيسي، وخليل الحية نائب رئيس الحركة في غزة، وموسى أبو مرزوق، وهو أحد كبار مسؤولي المكتب السياسي، وزاهر جبارين الذي يتولى منذ فترة طويلة إدارة الشؤون المالية للحركة، إضافة للقيادي محمد إسماعيل درويش.
ويوصف السنوار بأنه “رجل الأنفاق” في قطاع غزة، والذي يعيش داخلها منذ 10 أشهر حين اندلعت شرارة الحرب بين إسرائيل وحماس، كما بات على رأس الأهداف التي تسعى إسرائيل للوصول إليها منذ هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
ويُنظر إلى السنوار البالغ من العمر 61 عاما على أنه الرئيس الفعلي للحركة، وصاحب اليد العليا في اتخاذ قراراتها المتعلقة بالحرب والمفاوضات، وتُحاط تحركاته بسرية شديدة، إذ لم يشاهد علنا منذ اندلاع الحرب، رغم المحاولات الإسرائيلية المُكثفة لتتبع أثره.
وأمضى زعيم حماس 23 عاما في السجون الإسرائيلية قبل الإفراج عنه في 2011، ثم انتخابه رئيسا للحركة في غزة في 2017، وبات مطلوبا ومدرجا على قائمة “الإرهابيين الدوليين” الأميركية.
انعكاسات اختيار السنوار
اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب لـ”سكاي نيوز عربية”، أن اختيار السنوار “رسالة موجهة لإسرائيل أولا وأخيرا”.
وأوضح الرقب أن اختيار السنوار جاء مخالفا لكل التوقعات خلال الأيام الماضية وبعد شد وجذب بين قيادات حماس، مضيفا أن “هذا الاختيار مثّل صدمة للمتابعين ولإسرائيل؛ لأنه إن أراد نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) أن يتفاوض بعد ذلك فعليه أن يتفاوض مع رجل يقيم تحت الأرض”.
وبشأن تأثير الاختيار على مفاوضات الهدنة، أضاف: “هذا رد على تعنت نتيناهو الذي اغتال إسماعيل هنية رغم المرونة التي قدمها بشكل كبير خلال المحادثات، إذ كان يطرح أفكارا جديدة ويسعى للوصول إلى اتفاق”.
وأكد الرقب أن تعيين السنوار “سيعقد أي ملفات متعلقة بالتفاوض؛ إذ أن عملية الاتصال ذاتها معه أمر صعب، وحينما تحتاج لرسالة سيكون مطلوبا الانتظار لعدة أيام، ومن ثم بات الأمر صعبا على الوسطاء أنفسهم”.
وشدد المحلل الفلسطيني على أن خطوة حماس تعتبر متغيرا جديدا في مسار الحرب “سيربك المشهد بأكمله؛ إذ ستسير الأمور بطريقة أصعب مما كانت عليه”.
واتفق مع ذلك مدير مركز التحليل العسكري والسياسي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، الذي قال في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “هذا ليس جيدا لمساعي وقف إطلاق النار”.
كيف تنظر إسرائيل للسنوار؟
وعن الرؤية الإسرائيلية لاختيار يحيي السنوار زعيما لحماس، يقول المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن إسرائيل تتعامل مع السنوار على أنه “حي ميت”، وحين تأتي أول فرصة ستقضي عليه، حسب قوله.
وأوضح نيسان أن إسرائيل تسعى منذ بداية الحرب لاستهداف السنوار شخصيا لمسؤوليته المباشرة عن هجوم السابع من أكتوبر، ولا تكف عن البحث عنه داخل الأنفاق وفي قلب غزة ذاتها.
واعتبر المحلل الإسرائيلي أن الاختيار مفاجأة، مشيرا إلى وجود “خلافات بين جناحي حماس السياسي في الدوحة والعسكري في غزة حول اختيار رئيس المكتب السياسي”، وفق قوله.
ومع ذلك، بين نيسان أن تعيين السنوار يمثل مشكلة للحركة ذاتها، إذ لن يستطيع التوجه خارج غزة أو إقامة علاقات مع إيران وحلفائها على سبيل المثال، كما ستكون هناك صعوبة في محادثاته لجمع أموال للحركة.
لكن لا يعتقد أن مفاوضات إطلاق سراح الأسرى ستتأثر بهذا الاختيار، قائلًا: “هناك تفاؤل خلال الساعات الماضية بإمكانية التوصل إلى صفقة لتبادل المختطفين، وربما يأتي تعيين السنوار ليسهل هذا الأمر ويحسمه سريعا خاصة أن هناك ضغوطا أميركية على الأطراف كافة لإنجاز هذا الاتفاق”.
ووفق البيت الأبيض، فإن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس قد وصلت للمراحل النهائية.
وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن، اتصالين هاتفيين مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء،؛ لمناقشة الجهود المبذولة لتهدئة التوتر في الشرق الأوسط والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق الرهائن.