خطاب “السيادة” يُفجّر صناديق الاقتراع في جزّين: القوّات اللبنانيّة تدفع ثمن تموضعها السياسي
مناشير
في قراءة المشهد الانتخابي في جزين، حمل مفاجآت وتبدّلات في المزاج الشعبي، سجّلت دائرة جزّين خسارة مدويّة للقوّات اللبنانيّة، لم تأتِ من فراغ، بل عكست تبدّلاً نوعياً في موقف الناخب الجزّيني، الذي عبّر من خلال صناديق الاقتراع عن استياءٍ عميق من الخطاب السياسي الذي تبنّته القوّات خلال حملتها الانتخابية الأخيرة.
وبحسب مصادر مسؤولة وموثوقة في المدينة، فإنّ ما أثار غضب شريحة واسعة من الأهالي، لا سيما غير المنتمين إلى القوّات، كان الاتّهام الضمني أو الصريح لهم “بالتبعيّة” و”اللاسياديّة”، وهي أوصاف اعتبرها كثيرون تجريحاً مباشراً في انتمائهم الوطني وخياراتهم السياسية.
وتشير هذه المصادر إلى أنّ هذا الخطاب لم يؤدِّ فقط إلى خسارة الأصوات التقليدية التي ترفض الطروحات الحادّة، بل دفع حتى أولئك الذين كانوا يقفون على الحياد أو يعتبرون أنفسهم غير معنيّين بالمعركة الانتخابية إلى النزول بكثافة إلى صناديق الاقتراع، والتصويت ضد القوّات، في ما بدا وكأنّه “انتفاضة كرامة” محليّة أكثر منه مجرّد خيار سياسي.
وتقول شخصية جزّينية متابعة إنّ “الناس شعروا بأنّهم يُصنّفون بين وطنيين وغير وطنيين على أساس انتماءاتهم السياسية أو خياراتهم الحزبية، وهو أمر مرفوض في جزّين، التي تعتبر نفسها مدينة العيش المشترك والانفتاح، لا الاصطفاف”.
الخسارة في جزّين، وإن بدت رقميّة في ظاهرها، تُعبّر عن أزمة أعمق في الخطاب السياسي لبعض القوى، التي لم تُحسن قراءة المزاج الشعبي، ولا الخصوصية المحلية التي تتجاوز الانقسامات التقليدية. فجزّين، التي لطالما شكّلت نموذجاً لتنوّع الجنوب، بعثت برسالة واضحة: السيادة لا تُفرض بالشعارات، والانتماء لا يُقاس بالولاء الحزبي.