“الصحة العالمية” واتفاقية المناخ.. ماذا يعني الانسحاب الأميركي؟
مناشير
بدأ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولايته الرئاسية الثانية بسلسلة من الأوامر التنفيذية، بينها انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، واتفاقية باريس للمناخ.
ويكتسب القرار أهمية خاصة بالنظر إلى الدور الكبير الذي تلعبه الولايات المتحدة في هذه المنظمة والمساهمات المالية الكبيرة التي تقدمها لها، والتزامتها في اتفاقية المناخ.
ترامب يبدأ ولايته الثانية بسلسلة أوامر تنفيذية.. ما أبرزها؟
جلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد تنصيبه بوقت قصير، على مكتبه في البيت الأبيض، وأمامه عدد كبير من الأوامر التنفيذية التي بدأ في توقيعها تباعا، معلنا بداية عهده بمسار مختلف تماما عن سلفه جو بايدن.
ماذا حدث بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية؟
وقع ترامب، الاثنين، بعد ساعات من توليه منصبه، أمرا تنفيذيا بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وهو الانسحاب الثاني في أقل من خمس سنوات، بعد انسحاب آخر في ولايته الأولى، جاء بعد أشهر من إعلان منظمة الصحة العالمية أن كوفيد-19 جائحة.
وفي الشهور التي تلت ظهور كوفيد وارتفاع الحالات في العالم، وجه ترامب انتقادات شديدة للمنظمة بسبب طريقة استجابتها للوباء.
وفي يوليو 2020، أخطر إدارته رسميا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الولايات المتحدة تخطط للانسحاب وستعلق التمويل.
وبعد عودته للرئاسة، الاثنين، قال ترامب إن الولايات المتحدة ستنسحب مرة أخرى، بعد أن كان جو بايدن قد استعاد عضويتها بعيد توليه الرئاسة في 2021.
واتهم الرئيس الجديد المنظمة بأنها أساءت التعامل مع جائحة كوفيد-19 وغيرها من الأزمات الصحية العالمية، وقال إن الولايات المتحدة تدفع “أكثر بكثير” مما تدفعه الصين، ولم تتصرف بمعزل عن “التأثير السياسي غير المناسب للدول الأعضاء فيها” في إشارة أيضا إلى الصين.
ما حجم المساهمة الأميركية؟
الولايات المتحدة هي أكبر داعم مالي للمنظمة ، إذ تساهم بنحو 18 في المئة من إجمالي تمويلها. وكانت أحدث ميزانية للمنظمة لعامي 2024 و2025، هي 6.8 مليار دولار.
وشاركت الولايات المتحدة في تأسيسها في عام 1948 وفي تشكيل وإدارة عملها مع 193 دولة عضو أخرى، من خلال جمعية الصحة العالمية والمجلس التنفيذي، وفق بيان للمنظمة صدر تعليقا على القرار الجديد.
ما رد الفعل؟
أعربت المنظمة في بيان، الثلاثاء، عن أسفها للقرار، معربة عن أملها في أن يعدل ترامب عنه.
وأكدت أنها تلعب “دورا حاسما في حماية صحة وأمن شعوب العالم، بما في ذلك الأميركيين… ولأكثر من سبعة عقود، أنقذت المنظمة والولايات المتحدة أرواحًا لا حصر لها وحمت الأميركيين وجميع الناس من التهديدات الصحية”.
ما تأثير القرار؟
من المتوقع أن يؤدي الانسحاب لدفع المنظمة لإجراء عملية إعادة هيكلة، وقد يؤدي إلى عرقلة عمل العديد من المبادرات الصحية العالمية.
وتعني الخطوة أيضا أنه سيتم وقف التحويلات المالية الأميركية المستقبلية إلى المنظمة، واستدعاء واشنطن الموظفين والمتعاقدين الفيدراليين الذين يعملون معها.
هل يستطيع ترامب حقا تنفيذ القرار؟
نعم، طالما حصل على موافقة الكونغرس وأوفت الولايات المتحدة بالتزاماتها المالية تجاهها للسنة المالية الحالية.
ويتطلب القرار من الولايات المتحدة تقديم فترة إشعار مدتها عام واحد إذا قررت الانسحاب، وهذا يعني أنه سيتم تفعيله في غضون 12 شهرا وستوقف الولايات المتحدة جميع المساهمات المالية خلالها
وتثير الخطوة أيضا مخاوف من تراجع المكاسب التي تحققت على مدى عقود من الزمان في مكافحة الأمراض المعدية مثل الإيدز والملاريا والسل.
وهو أيضا خسارة للمنظمة، وليس فقط خسارة مئات الملايين من الدولارات، بل مئات الموظفين ذوي الخبرة المتخصصة في الصحة العامة التي كانت ترسلهم إليها.
والانسحاب سيعني أيضا ساتبعاد الولايات المتحدة من المبادرات التي تنسقها المنظمة، مثل جهود إنشاء لقاحات الإنفلونزا، والوصول السريع إلى قواعد البيانات الجينية الحيوية.
اتفاقية باريس للمناخ
وقع ترامب أيضا أمرا تنفيذيا يقضي بالانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، وبعث برسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب. وكان قد انسحب منها أيضا في ولايته الأولى
وقال قبيل التوقيع: “سأنسحب على الفور من خدعة اتفاق باريس للمناخ غير العادلة والمنحازة… لن تخرب الولايات المتحدة صناعاتها بينما تطلق الصين التلوث مع الإفلات من العقاب”.
ووقعت معظم بلدان العالم الاتفاقية، عام 2015، في العاصمة الفرنسية، باريس، وهي تدعو إلى احتواء الاحترار المناخي “دون درجتين مئويتين”، وبمواصلة الجهود للوصول إلى 1.5 درجة.
وتعهّدت الولايات المتحدة بموجب الاتفاقية بخفض انبعاثاتها لغازات الدفيئة بنسبة تراوح بين 61 و66 في المئة بحلول 2035، فضلا عن بلوغ الحياد الكربوني في عام 2025.
وفي أول رد فعل على القرار، قال فوبكه هوكسترا، مفوض الاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، الثلاثاء، إنه “تطور مؤسف حقا أن ينسحب من اتفاقية باريس أكبر اقتصاد في العالم، وأحد أقرب حلفائنا في مكافحة تغير المناخ”.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، الثلاثاء، أن هذا الاتفاق “يظل أفضل أمل للبشرية جمعاء”.
وقالت الصين إنها تشعر بالقلق إزاء الإعلان، واصفة تغير المناخ بأنه “تحد مشترك تواجهه البشرية أجمع، ولا يمكن لأي بلد أن يبقى بمنأى عن المشكلة أو أن يحلها وحده”، وفق متحدث باسم وزارة الخارجية.
وبذلك تكرر الصين الموقف الذي اتخذته عندما انسحب من اتفاقية باريس خلال ولايته الأولى.
ماذا يعني؟
يعني غياب الولايات المتحدة، التي تأتي في طليعة دول العالم في الانبعاثات، عرقلة الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
وتعكس الخطوة تشكك ترامب في الاحتباس الحراري العالمي، الذي وصفه بأنه خدعة، وتتناسب مع أهدافه لزيادة التنقيب عن النفط والغاز ، وتحرير هذه الجهود من القيود التنظيمية، حتى تتمكن من زيادة الإنتاج بأقصى قدر.
وبالإضافة إلى الانسحاب من اتفاقية باريس، أعلن ترامب أيضا نيته إعلان “حالة الطوارئ في مجال الطاقة” على الصعيد الوطني، والعدول عن عدة تدابير مناخية اتخذها سلفه لتحفيز الانتقال في مجال الطاقة، من بينها التمويل الممنوح لمصادر الطاقة المتجددة واقتناء مركبات كهربائية.
لكن رغم المخاوف، قال فلورنسيا سوتو نينو، من مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة، في بيان، إن الأمين العام للأمم المتحدة واثق من أن المدن والولايات والشركات الأميركية “ستستمر في إظهار الرؤية والقيادة من خلال العمل من أجل النمو الاقتصادي المتين منخفض الكربون الذي سيخلق وظائف ذات جودة عالية”.
ويتعين على الولايات المتحدة إخطار الأمين العام للأمم المتحدة رسميا بالانسحاب، على أن يدخل حيز التنفيذ بعد ذلك بعام بموجب شروط الاتفاقية.