ماذا يقول المعتقلين عن المتاهات في غرف تحقيق “الشاباك”…!
مناشير
تعدّ غرف التحقيق إحدى الأماكن التي يمرّ بها المعتقل/ة عند اعتقاله في حال تحويله لمرحلة التحقيق قبل تحضير لائحة الاتّهام والحُكم عليه. وتحقيق الشاباك الصهيونيّ يُعدّ من أصعب مراحل الاعتقال بسبب قسوته وقسوة الظروف المحيطة به والتي تتمثّل بكافّة أنواع الضغط والتعذيب على المعتقل/ة من أجل الحصول على المعلومات أو دفعه/ا للاعتراف من أجل تحضير ملفّ الاتّهام الخاصّ به/ا. والتحقيق عمليّة ممنهجة وليس عمليّة عشوائيّة، بل هي جزء من منهجيّة مخطّط لها، ويتمّ والتعامل مع كلّ حالة اعتقال وفق الظروف الخاصّة.
إحدى الوسائل المتّبعة بالتحقيق من أجل الضغط على المعتقل/ة هي التحكّم بالمكان، أي غرفة التحقيق، وهي جزء من محاولة السيطرة النفسيّة وخلق حالة إرباك وعدم حدوث ألفة بين المعتقل/ة والمكان الموجود/ة فيه، وهو بهذه الحالة غرفة التحقيق، فتصبح غرف التحقيق التي تحمل كلّ منها رقمًا خاصًّا بها عبارة عن سلسلة متاهات يدخل ويخرج منها المعتقل/ة بداخلها ساعات طويلة من الشبح، فالشبح هو عبارة عن الجلوس على كرسيّ غير مريح طيلة فترة التحقيق داخل الغرف وتكبيل الأيدي بالكرسيّ الحديديّ، إلّا أنّ الشاباك لا يكتفي بذلك فيعمل على تغيير مستمرّ لديكور غرف التحقيق وتغيير أماكن الطاولات والكراسي فيها بشكل دائم ويومي وذلك من أجل قطع عملية ألفة المعتقل/ة مع المكان وبالتالي عدم شعوره/ا بالراحة أو الاعتياد على الغرفة، ما يؤدّي إلى خلق أهمّ عنصر خلال التحقيق وهو التوتّر النفسيّ والقلق المستمرّ عند المعتقل/ة.
تقول (س. ف.) “للمرفأ”: خلال مرحلة اعتقالي واقتيادي لمرحلة التحقيق كنت وأنا في الزنزانة أسمع أصوات الحفر وكأنّني في ورشة عمل يوميّة، في البداية لم أفهم سبب هذه الأصوات كلّها واعتقدت أنها جزء من عمليّة التعذيب داخل السجن، إلّا أنّه بعد دخولي أوّل جولة من غرف التحقيق بالأيّام الأولى وتكرار ذلك بالأيّام اللاحقة، بدأت أدرك أنّ الغرف التي دخلتها هي نفسها ولكن يتمّ تغيير ديكورها بشكل مستمرّ، وتغيير أماكن الصور الموجودة فيها والكراسي والطاولات، وعندها أدركت بأنّ هذه الأصوات هي أصوات تحريك الطاولات في الغرف وتغيير ديكورها، فكرسيّ الشبح يكون مثبّت بالمسامير في أرضيّة الغرفة، ومن أجل تغيير مكانه يحتاج لعمليّة فكّ وتركيب بكلّ مّرة، وعند اقتيادي للغرفة بعد الجولات الأولى أدركت أنّه يحدث تغيير في غرف الموت هذه، لخلق حالة من التوتر النفسيّ من أجل ألّا أشعر بالراحة أو الألفة مع المكان خلال تحقيقهم معي وبالتالي بقائي بحالة توتّر مستمرّة، إلّا أنّه عندما أدركت ذلك وجدت طريقة للتأقلم مع كلّ ذلك من أجل قدرتي على الصمود”.