خبر عاجلسياسةمقالات

لبنان والاستثمارات الصينية: وهم التبعية وسوء التقدير – أسامة القادري 

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

لبنان والاستثمارات الصينية: وهم التبعية وسوء التقدير – أسامة القادري 

أسامة القادري – مناشير

في الوقت الذي تتجه فيه معظم دول المنطقة إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية والانفتاح على الاستثمارات الصينية، لا يزال لبنان حبيس مفاهيم سياسية تقليدية وخاطئة، تحول دون الإفادة من الفرص المتاحة في عالم يتغير بسرعة.

خوف غير مبرر من “الغضب الأميركي”

ترفض بعض القيادات اللبنانية، صراحة أو ضمناً، الانفتاح على العروض الصينية في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والنقل، تحت ذريعة الحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة أو “تجنب غضبها”. لكن هذا الفهم بعيد كل البعد عن واقع العلاقات الدولية المعاصرة.

فالولايات المتحدة، رغم تنافسها الاستراتيجي مع الصين، لا تفرض حظراً على حلفائها بشأن التعاون الاقتصادي مع بكين، ما لم يكن في قطاعات أمنية حساسة. بل على العكس، في كثير من الأحيان، ترى واشنطن في دخول الاستثمارات الصينية إلى الأسواق حافزاً لتكثيف التنافس وتحسين جودة العروض التكنولوجية.

السعودية والإمارات: شراكة مع الصين دون توتر مع واشنطن

لننظر إلى السعودية، الحليف الاستراتيجي الأول لواشنطن في الشرق الأوسط، التي تجاوزت الاستثمارات الصينية فيها 300 مليار دولار، تشمل مجالات الطاقة، التكنولوجيا، واللوجستيات. الإمارات كذلك أصبحت مركزًا إقليميًا للشركات الصينية، في بيئة منفتحة وشفافة تحكمها المصلحة الوطنية قبل أي اعتبارات أخرى.

هذه الدول لم تجد تعارضاً بين علاقتها القوية بالولايات المتحدة وشراكتها الاقتصادية مع الصين. والأهم أنها لم تنتظر إذناً من أحد لتنفيذ مشاريعها أو جذب الاستثمارات.

حتى إسرائيل منفتحة على الصين

ربما يجهل بعض اللبنانيين أن الكيان الإسرائيلي، الحليف الأقرب للولايات المتحدة، يفتح أبوابه منذ سنوات أمام الاستثمارات الصينية. من تشغيل شركة صينية لميناء حيفا، إلى دخول شركات صينية في مشاريع بنى تحتية وصناعات متقدمة، كلها خطوات لم تمنع استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل.

لبنان… في الانتظار

في المقابل، يعاني لبنان من تردّد مزمن في اتخاذ قرارات اقتصادية استراتيجية. تطرح الصين، من وقت لآخر، عروضًا لمشاريع حيوية: إعادة تأهيل مرفأ بيروت، إنشاء شبكة سكك حديد، انشاء انفاق لربط العاصمة بالمناطق، واقامة المعارض الصناعية وتطوير محطات كهرباء ومعالجة مشكلة النفايات… لكن هذه المبادرات تُقابل بالرفض أو التجاهل، وكأن اللبنانيين يراهنون على “الخلاص الأميركي”، الذي لم يأتِ ولن يأتي.

الواقع أن الولايات المتحدة لم تُبدِ أي نية في تمويل مشاريع إنمائية كبيرة في لبنان، ولا تبدو مهتمة بالدخول في هذا النوع من الشراكات في ظل الفوضى السياسية والفساد وغياب الإصلاحات.

الرهان على المصالح الوطنية لا على الولاءات

ما ينقص لبنان هو رؤية وطنية مستقلة تنطلق من المصلحة اللبنانية لا من حسابات الولاء لهذا المحور أو ذاك. فالعالم لم يعد مقسمًا بين أبيض وأسود، والنجاح الاقتصادي بات مرهونًا بالانفتاح المتوازن على جميع القوى الاقتصادية الكبرى.

المطلوب اليوم هو الخروج من منطق التبعية السياسية الذي كبّل لبنان لعقود، والانطلاق نحو شراكات استراتيجية مبنية على مصالح ملموسة، كما تفعل الدول الناجحة في المنطقة والعالم.

الفرص موجودة، فهل يبقى القرار مؤجلاً ؟ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى