قراءة مهمة عن تفجيرات لبنان.. هل بتنا نحمل قنابل في أيدينا؟
مناشير
بعد التفجيرات التي طالت أجهزة الاتصال في لبنان، زادت المخاوف من تسليح الأجهزة الإلكترونية المخصصة للاستخدامات المدنية، بحيث قد يصبح أي جهاز إلكتروني يحتوي على بطاريات “قنبلة” في أي وقت.
آلاف أجهزة الاتصال كان يستخدمها عناصر الحزب تم تفجيرها عن بعد، يومي الثلاثاء والأربعاء، وهي عملية خلفت 38 شهيداً و2931 جريحاً
بعد التفجيرات العديد من الأسئلة أصبحت برسم الإجابة: هل كانت الأجهزة معدة مسبقا للتفجير أكان في مرحلة التصنيع أو التوريد؟ أم هل تم استهدافها بأحمال إضافية جعلت بطارياتها تنفجر؟ هل هذا يعني أن أي جهاز إلكتروني يحتوي بطاريات يعتبر “قنبلة” معرضة للانفجار عن بعد في أي وقت؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماذا يعني هذا الأمر للسيارات الكهربائية التي تضم بطاريات ضخمة؟
خبراء ومتخصصون في تكنولوجيا المعلومات طالبوا بإيجاد بروتوكولات أو اتفاقيات دولية تلزم الجميع بعدم “تسليح الأجهزة المدنية”، وعدم إقحامها في الحروب والصراعات.
وشدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك أمام مجلس الأمن، الجمعة، على أن القانون الدولي يحظر “تفخيخ” أجهزة مدنية الطابع.
“لا تفجير من دون تلاعب”
يقول الخبير في الأمن السيبراني والتحول الرقمي رولاند أبي نجم أنه “ليس كل جهاز إلكتروني قابل للتفجير”، وأردفت: “خلال السنوات الماضية كنا نشهد بعض الحالات في أجهزة خلوية بانفجار بطاريتها أو احتراقها، لكن ما وقع في لبنان يأتي في إطار أجهزة معدة مسبقا للتفجير تسببت بوقوع شهداء وجرحى”.
وفي حديث عبر موقع “الحرة”، أوضح أبي نجم أنه، من الناحية الفنية، فإن التفجيرات التي وقعت في أجهزة اتصال في لبنان لم “تكن بسبب خلل في الهاتف، بل بسبب تلاعب عن قصد فيه ليصبح جهاز تفجير”.
وقال أبي نجم أن الأجهزة الإلكترونية بالمجمل يمكن “اختراقها أو سرقة بياناتها، أو حتى توجيه كم كبير عليها من البيانات بهدف إضافة عبء على بطارياتها ما قد يسبب ارتفاعا في درجات حرارتها وقد تتوقف عن العمل، ولكن لتفجيرها تحتاج إلى التلاعب في الجهاز ليصبح أشبه بقنبلة”.
الخبير الاقتصادي والمتخصص في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصفي الصفدي قال إنه “من الناحية النظرية يمكن إعادة استخدام الأجهزة الإلكترونية المزودة ببطاريات لأغراض شائنة مثل أي شيء جديد يمكن إفساده باستخدامه لأغراض ليس المخصص لها” على حد وصفه.
وأشار إلى أن غالبية تلك الأجهزة “ليست مصممة أو مخصصة للاستخدام كمتفجرات، وحتى المكونات والمواد المستخدمة في معظم الأجهزة ليست مناسبة لإنشاء تفجير”.
وتخوف الصفدي في رده على استفسارات موقع “الحرة” من أن “الانتشار المتزايد للأجهزة الإلكترونية في حياتنا اليومية قد يجعلها أهدافا محتملة للجهات الفاعلة الخبيثة، بتسليحها”.
وأكد أن خطر انفجار هذه الأجهزة في الحالات الطبيعية بسبب الاستخدام العادي يعد منخفضا جدا أو قد لا يذكر، وحتى الحالات التي وقعت بانفجار بطاريات أجهزة كانت غالبيتها إما بسبب أخطاء في الاستخدام أو لعيوب في التصنيع والتي تم تداركها من قبل المصنعين.
العالم المصري الشاب، ماهر القاضي المتخصص في مجال الطاقة وتطوير البطاريات نشر عبر حسابه في فيسبوك مقطعا مصورا لاختبار قياسي يجرى لفحص بطارية الليثيوم مثل تلك التي تستخدم في الألعاب أو الأجهزة الصغيرة.
وقال: “إذا زادت درجة الحرارة عن الحد الآمن وعندها تبدأ سلسلة من التفاعلات الكيميائية المعقدة في البطارية لا تستغرق سوى جزءا من الثانية وتبدأ بعدها عملية الاحتراق أو الانفجار التي لا يمكن توقيفها بأي شكل ومن هنا جاءت التسمية لهذه العملية بالهروب الحراري thermal runaway”.
وقال إن احتمالية حدوث هذا الاحتراق “بسبب عيوب التصنيع لا يتعدى بطارية واحدة كل 10 مليون”، كما “لا يمكن حدوث مثل هذا التفاعل في الأجهزة الإلكترونية أو السيارات الكهربائية إلا إذا كان هناك تعمد وعمل تخريبي”.
وفي منشور آخر، طمأن المخاوف المتعلقة بالسيارات الكهربائية، واحتمالية انفجار بطاريتها، موضحا أنها أقل عرضة للحريق مقارنة مع السيارات العادية بحوالى 60 مرة، بحسب بيانات المجلس الوطني لسلامة النقل التابع للمعهد الوطني الأميركي.
وأضاف أن “ما حدث في لبنان هو أمر متعمد وتخريبي، عن طريق زرع مواد مشتعلة في الأجهزة”، مؤكدا أنه يمكن زرع مثل هذه المواد حتى في خزانات الوقود في السيارات العادية، لتصبح كلا المركبتين عبارة عن “قنبلة موقوتة”.
أخطار سيبرانية
محمد المسقطي من منظمة “أكسس ناو” التي تقدم خدمات مجانية للأمان الرقمي يتفق بأن أي جهاز إلكتروني معرض لوجود أخطاء مصنعية قد تسبب ارتفاعا في درجات حرارته، والتي، إن حدثت، قد تؤدي إلى إصابات وحروق لدى المستخدم مثل الهواتف الخلوية أو الأجهزة اللوحية أو حتى السجائر الإلكترونية”.
ويحذر في تصريحات لموقع “الحرة” أنه من الناحية الفنية هناك “أخطار حقيقية من الأجهزة الإلكترونية التي تمتلك قدرات عالية، وأصبحت منتشرة بين أيدي الجميع كبارا وصغارا، فحاليا أصبح لدينا أجهزة منزلية مختلفة مرتبطة جميعها بالإنترنت، وما تجمعه عنك من معلومات تفصيلية قد تكون أخطارها أكبر من خطر الانفجار”.
وأشار إلى أنه بالنهاية “الأجهزة التي يتم التلاعب بها يمكن كشفها في حال فحصها والتدقيق في مصدرها، ولكن الأجهزة الإلكترونية الأخرى هي تلك التي قد تمتلك أخطارا كبرى”.
ولا ينكر أبي نجم وجود أخطار على المستخدمين من الأجهزة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت بشكل عام، من ناحية الأمن السيبراني، أكان بالتجسس أو سرقة البيانات أو غيرها.
لا لتسليح الأجهزة المدنية
وقال أبي نجم إن هناك قوانين دولية تحظر تسليح الأجهزة المدنية، ولكن من الناحية القانونية لا يعلم “ما إذا كان هذا ينطبق على ما حصل في لبنان”.
من جانبه أبدى الباحث المسقطي مخاوفه من زيادة الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية التي يتم استخدامها أو تلك القابلة للارتداء، خاصة إذا ما أصبحت جزءا من “الحروب الإلكترونية”، داعيا إلى “إيجاد ميثاق دولي يحظر تسليح هذه الأجهزة أو استخدامها في الصراعات بأي طريقة كانت”.
بدوره دعا الخبير الصفدي إلى “زيادة التعاون والتنسيق بين الحكومات وشركات التكنولوجيا وخبراء الأمن”، ووضع بروتوكولات أمان للتأكد من التصنيع وسلاسل التوريد خاصة لتلك التي تستخدم لأغراض رسمية