خبر عاجلسياسة

رسائل تشييع السيد إلى الداخل والخارج: باقون على النهج لحفظ المقاومة والوطن

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

رسائل تشييع السيد إلى الداخل والخارج: باقون على النهج لحفظ المقاومة والوطن

جميل الحسيني / مناشير

أيام قليلة فاصلة على مشهد من المتوقع أن يكون استثنائياً في مناسبته وتوقيته ومكانه، والاستثناء الأكبر في صاحب المناسبة السيد الشهيد حسن نصر الله، قائد حزب الله والمقاومة والرمز الاسلامي الذي شغل محاور السياسة والعسكر والإعلام في كل العالم على مدى 32 عاماً، واستطاع خلالها أن يحفر حضوره في قلوب مؤيديه وعقول خصومه على حد سواء، وفرض احترامه حتى على أعدائه، فكان استثنائياً في حياته وسيكون كذلك في يوم تشييعه، ويرافقه في محفل الشهادة السيد هاشم صفي الدين الذي كان معدّاً لخلافته وانتُخب بالفعل أميناً عاماً للحزب بعد استشهاد السيد نصر الله ولكنه سرعان ما حاز على رتبة الشهادة بالطريقة نفسها.. أطنان من الصواريخ الأمريكية الخارقة للتحصينات ألقتها الطائرات الإسرائيلية على مقرّي قيادتهما في الضاحية الجنوبية لبيروت.
ليس الموقع أو الصفة فقط التي تعطي ميزة الاستثناء للحدث المنتظر، فلطالما كانت إطلالات السيد حضورياً أو من خلال شاشة متلفزة تقترن بحشود غفيرة لا يقلّل ضخامتها نقل مباشر أو تهديد أمني أو ظرف مناخي أو أي عائق طبيعي وغير طبيعي، فكيف والحدث في 23 شباط يتعلق بتشييع أمينين عامّين لحزب ترك بصمته في المحافل السياسية اللبنانية والإقليمية والدولية، ولمقاومة تجرأت على تحدّي أمريكا وإسرائيل واستطاعت تحقيق الانتصار في كل محطات المواجهة مع الاحتلال منذ العام 1982 حتى اليوم وأبرزها تحرير أيار العام 2000، وتماهى في ذلك مع المدّ المقاوم الذي أسّسته فصائل جبهة المقاومة الوطنية وبذلت من أجل زرع بذور التحرير قوافل أبطال من الشهداء والجرحى والأسرى خلّدهم تاريخ لبنان.
وبعيداً عن السمة الطائفية في رصد مؤشرات الحدث، فإن المقاومة والحزب والسيد نصر الله نفسه – الذي لطالما أعلن افتخاره بانتمائه الاسلامي على مستوى العقيدة والولاء- لم يعبّر يوماً عن منطلقات فكرية وسياسية ضيقة وعن خلفيات محبوسة في جغرافية مقيّدة، بل كان دوماً يشدّد ويؤكد بأن هذه المقاومة لبنانية الأصل والهويّة، وتدافع عن لبنان الوطن النهائي لكل أبنائه ضد العدو من أجل أن تحرّر أرضاً لبنانية، وأن مقاوميها وشهداءها وجرحاها لبنانيون أباً عن جدّ من قرى ومناطق لبنانية على اتّساع الوطن، وعليه فإن هذا الحدث سيكون لبنانياً بامتياز على مستوى الإحياء والحضور والمشاركة والاستثمار السياسي.
وربطاً بأمميّة شخصية السيد نصر الله باعتباره قائداً حارب عدو العرب والمسلمين، ورفع لواء المواجهة ضد المشروع الغربي التوسّعي في المنطقة انطلاقاً من لبنان وفلسطين، وأهدى انتصارات المقاومة إلى لبنان وفلسطين والعرب، فمن المرجّح أن يحضر المناسبة وفود من كل أقطار الأرض – أحصت اللجنة المنظّمة 79 دولة ستشارك في مراسم التشييع – ومن مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية وبمستوى تمثيل سياسي وحزبي وفكري متعدّد بما يمنح المناسبة بعدها الخارجي، فلا يصبح هناك مبالغة في القول بأن تشييع السيد نصر الله لن يكون مسبوقاً في معانيه الوطنية والإسلامية وأبعاده العالمية، ولا نستغرب إذّاك محاولات العدو تخريب المناسبة وتعطيلها بشتى السبل حتى لا يصبح الحدث محطة انتصار حتى لو تمظهر بلقاء وداع.
وإذا سمحنا لأنفسنا التطرّف قليلاً في قراءة تداعيات الحدث في موازاة المعاني السياسية والإنسانية، نجد أنه ذو عائد اقتصادي مهم وكبير للبنان، فقد تحدثت الأرقام عن زخم غير مسبوق في حجوزات السفر على الطائرات القادمة إلى لبنان من مختلف أصقاع الأرض، فضلاً عن امتلاء الحجوزات في الفنادق في بيروت أو في المنطقة المحيطة بمكان التشييع مع ما يصاحب ذلك عادةً من مصاريف جانبية تقود حتماً إلى حركة مالية كبيرة تستفيد منها الخزينة اللبنانية، مع الإشارة إلى أن هذه الأكلاف الضخمة هي على عاتق أصحابها ولم يتكلّف حزب الله أي جانب مالي منها، وبالتالي فهي مفتوحة وغير مقيّدة ما يضاعف نسبة الاستفادة من الحدث.
ويبقى الجانب الأهم في مناسبة التشييع وهي أن شعب المقاومة الذي كان مخلصاً لقائده في حياته سيثبت إخلاصه في البقاء على نهجه بعد رحيله، وسيوثّق صلة الارتباط بالمشروع الذي نادى به الحزب وقادته ومقاوموه والشهداء، وهو أنهم ماضون في مسيرة المقاومة مع القيادة الجديدة انسجاماً مع الشعور بالانتماء العقدي والوطني، وستبعث الحشود برسالة بالغة العمق والأهمية للداخل والخارج ولا سيما لإسرائيل وأمريكا، في أنها منتصرة على الرغم من الفقد العظيم باستشهاد القادة والأبناء وتدمير القرى والبيوت والتهجير، دون اكتراث بنعيق المروّجين لحال الهزيمة وخطاب الانكسار تسويغاً للاستسلام.
وسيعلن المحتشدون في 23 شباط أن الثبات على النهج لا يتعلّق بشخص، على الرغم من قداسة هذا الشخص في وجدان مريديه، بل يتعلّق بمسيرة ممتدّة وباقية وإيمان متوارث وضارب في مدى التاريخ بأن هذه الفئة من البشر لا يهزمها موت ولا يثنيها عن طريقها فقدان قائد، بل إن هذا الفقد يمدّها بزخم إضافي ويزيد على عاتقها ثقل المسؤولية في حماية هذا النهج والحفاظ عليه وتدعيم ثوابته، وقد عايش هذا الشعب الشعور نفسه حين اغتال العدو السيد عباس الموسوي في 16 شباط العام 1992، وكانت النتيجة أن المقاومة نمت وقويت أكثر من قبل وبدأت مسيرة الانتصارات الحاسمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى