خبر عاجلسياسة

بعلبك – الهرمل: ركود في الديموغرافيا الانتخابية وثبات في المشهد السياسي

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

بعلبك – الهرمل: ركود في الديموغرافيا الانتخابية وثبات في المشهد السياسي

 


لينا اسماعيل
تعتبر محافظة بعلبك – الهرمل من أبرز المناطق اللبنانية التي تتميز بكثافة ناخبيها، إذ إنها تنطوي على تشابك فريد في توزيع الطوائف والولاءات السياسية. وعلى رغم أن الانتماء السياسي لغالبية الناخبين يصب في مصلحة الثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، فإن تحليلاً عميقاً للبيانات قامت به “النهار” حيال تطور أعداد الناخبين في المحافظة بين عامي 2016 و2025، مع دراسة توزيعهم الطائفي وتأثير هذه المعطيات على المشهدين السياسي والاجتماعي، يكشف عن حقائق ديموغرافية تستحق التأمل والتمعن.

ركود… بعد ارتفاع كبير في عدد الناخبين
شهدت المحافظة زيادة ملحوظة في أعداد الناخبين، إذ ارتفع العدد من 303,102 ناخباً عام 2016 إلى 356,793 ناخباً عام 2023، محققاً زيادة تصل إلى 17.71% مدى سبع سنوات، وهي نسبة تعكس الحيوية الديموغرافية الناتجة من تزايد معدلات الولادة وتسجيل بعض الأفراد في السجلات الرسمية.

لكن المفارقة تكمن في أن هذا النمو أخذ بالتباطؤ بشكل لافت في السنتين الأخيرتين، إذ لم يتجاوز عدد الناخبين 358,310 ناخبين عام 2025 مما يدل على زيادة طفيفة للغاية تبلغ 0.42% فقط مقارنة بعام 2023.
هذا الركود يثير الكثير من التساؤلات: هل هو دلالة على بداية هجرة سكانية خفية؟ أم أنه نتيجة استقرار ديموغرافي بعد موجة واسعة من تسجيل الناخبين في السنوات السابقة؟

 

تفوّق عددي للشيعة وتوازن هش في الأطراف
يكشف المشهد الانتخابي لعام 2025 عن تفوق الطائفة الشيعية التي تمثل 73.84% من إجمال الناخبين، أي ما يعادل 264,539 ناخباً، وتالياً أكثر من ثلثي الكتلة الناخبة، ما يجعلها المحرّك الرئيسي لأي استحقاق انتخابي، خصوصاً أن هذه الكتلة منضوية إلى حدّ كبير تحت لواء تحالف “الثنائي”.

على الجانب الآخر، تسجل الطائفة السنية نسبة 13.74% (49.215 ناخباً)، بحيث تتوزع غالباً في مدينة بعلبك وبعض القرى الحدودية في البقاع الشمالي مثل عرسال، الفاكهة، والعين، وتلعب دوراً محورياً في الانتخابات البلدية فيها.

يليها المسيحيون بنسبة 12.43% (44.556 ناخباً)، الذين يتركز وجودهم بشكل رئيسي في البلدات الشمالية الحدودية مثل القاع ورأس بعلبك وغرب بعلبك – دير الأحمر، وكذلك في شرق بعلبك مثل سرعين وطليا ومجدلون. وعلى رغم أن هذا التوزيع الطائفي قد لا يُحدث تحولات جذرية في موازين القوى السياسية الكبرى، إلا أنه يضطلع بدور حاسم في الانتخابات البلدية التي تتسم بالطابع المحلي والعائلي.

إن تكلمنا بالأرقام عن انعكاسات الديموغرافيا على الواقع السياسي، نرى أن الأكثرية العددية الشيعية تمنح تحالف “الثنائي” تفوقاً شبه مضمون في الاستحقاقات النيابية والبلدية في معظم مناطق المحافظة، مع أن ذلك لا يُلغي الدور التنافسي للطوائف الأخرى ضمن دوائرها الجغرافية، ما يجعل التمثيل البلدي أو الاختياري متنوعاً في بعض هذه المناطق.
ويمكن الجمود في النمو بين 2023 و2025 أن يؤشر إلى بداية تحوّل في حركة السكان، إما بسبب الهجرة وإما لتغييرات اقتصادية أو سياسية تدفع الشباب نحو الخارج، ما يستدعي التنبه الى تأثيرات ذلك على التوازنات السياسية مستقبلاً.
واقع سياسي جامد أم استقرار انتخابي؟
تدخل بعلبك – الهرمل استحقاق 2025 بأرقام راسخة وسياسة محكمة، من حيث التراجع المفاجئ في النمو السكاني واستقرار التوزيع الطائفي شبه الدائم، بينما تبقى القوى السياسية راسخة. تبدو الخريطة الانتخابية لهذا العام مشابهة إلى حد بعيد لما سبقها، لكنها تحتفظ بتفاصيل دقيقة قد تشير إلى تحولات أكبر في الأفق. فهل نشهد نقلة نوعية في الخيارات والوجوه، أم يبقى كل شيء على ما هو عليه كما جرت العادة؟

إن الركود في النمو المتوقع بين 2023 و2025 قد يعد بمثابة إشارة إلى بداية تغيير في حركة السكان، سواء نتيجة الهجرة أو التغيرات الاقتصادية أو السياسية التي تدفع الشباب نحو الخارج، مما يستدعي منا إلقاء الضوء على تأثيرات هذه التحولات على التوازنات السياسية في المستقبل.

وتُبرز هذه الأرقام بوضوح الوضع الانتخابي في بعلبك – الهرمل، حيث تعاني المنافسة من نقص حاد في الحيوية والتفاعل، في ظل قوة تقليدية للقوائم المدعومة من “الثنائي الشيعي”، بينما نجد غياباً لمعارضة منظّمة أو قوائم بديلة قادرة على كسر النمط السائد.

ويزيد من تعقيد المشهد غياب أسماء مرشحين “وازنين” في الساحة الشعبية والسياسية، مما يحصر التنافس بالاعتبارات العائلية والخدماتية، في غياب أي طروحات سياسية أو تنموية جذرية تغير من المعادلة القائمة.
في المقابل، تُسجل نقطة إيجابية لـ”الثنائي”، فعلى رغم المشهد الراكد، إلا أن المراقبين يلاحظون بوضوح إصراره خصوصاً في مدينتي بعلبك والهرمل والبلدات الكبرى، على اختيار مرشحين يمتلكون كفاءات علمية بارزة. فقد وُضع شرط للعائلات أن يمتلك المرشح شهادة جامعية، خلافاً للاستحقاقات السابقة، مما ينعش الآمال في تحسين الأداء البلدي من جهة، ويؤسس لثقافة جديدة في انتقاء الممثلين المحليين من أصحاب العلم والكفاءة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى