المطران ابراهيم يحذر من خلق طبقية تربوية في لبنان
مناشير
مع اقتراب انطلاق العام الدراسي والجامعي الجديد صدر عن رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم البيان التالي:
” في ظل الارتفاع الجنوني وغير المبرر في أقساط الجامعات وبعض المدارس الخاصة في لبنان، نجد أنفسنا أمام تحديات خطيرة تمسّ جوهر رسالة التعليم في وطننا.
التعليم، الذي كان يومًا أداة لتحقيق العدالة والمساواة، يتحول اليوم إلى سلعة نخبوية تُباع وتُشترى، مما يخلق طبقية تربوية غير مقبولة ويعزّز الانقسامات الاجتماعية التي تعصف ببلدنا. إنّ حق التعليم لا يجب أن يكون مرهونًا بقدرة العائلات على دفع الأقساط المتضخمة التي تزداد عامًا بعد عام دون مبرر حقيقي، مما يضع عبئًا إضافيًا على كاهل الأسر اللبنانية التي تعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة. وهنا، ومنعاً للتعميم المجحف، نشكر المدراس الخاصة التي حافظت على الاتزان في تحديد الأقساط وأخذت أوضاع الناس القاسية بعين الاعتبار. ونرفض الهجمة الممنهجة والمشبوهة على الجامعات والمدارس الكاثوليكية وتحميلها وحدها وزر ومسؤولية أزمة تضخم الأقساط.”
واضاف” إن رسالة التعليم، منذ نشأتها، كانت تقوم على المبادئ الإنسانية والروحية التي تعزّز قيم المساواة والعدل والازدهار العلمي والثقافي والاجتماعي. إلا أن بعض الجامعات والمدارس قد انحرفت عن هذه الرسالة السامية، وسعت إلى تحويل التعليم إلى تجارة بحتة، غير عابئة بالنتائج الوخيمة التي تترتب على هذه السياسات الجائرة. إن هذا الارتفاع غير المبرر في الأقساط لا يقتصر تأثيره على الشق الاقتصادي فحسب، بل يمسّ جوهر المجتمع اللبناني، حيث يؤدي إلى تهميش شريحة كبيرة من المواطنين، وحرمانهم من حقهم الأساسي في التعليم الجيد.”
وتابع سيادته ” إننا نؤكد أن التعليم يجب أن يكون حقًا للجميع، دون تمييز أو تفرقة. ومن هنا، ندعو إلى تعزيز دور الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية في لبنان، ورفع مستواها لتكون خيارًا موازياً وقويًا أمام الجامعات والمدارس الخاصة. إن الواقع يثبت أن الجامعة اللبنانية والعديد من المدارس الرسمية في لبنان قد حققت نجاحات باهرة وتفوقت في مستواها التعليمي على بعض الجامعات والمدارس الخاصة، مما يدحض الادعاء بأن الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية أقل كفاءة أو جودة. لذلك، يجب أن نعمل جميعًا على دعم الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية، وتوفير الإمكانيات والموارد اللازمة لها لتستمر في أداء دورها التربوي والاجتماعي على أكمل وجه.
لا ينبغي أن يخجل الأهالي من إرسال أبنائهم إلى المؤسسات التربوية الرسمية التي تستوفي المعايير التربوية والتعليمية المطلوبة. إن الاعتزاز بهذه المؤسسات الوطنية هو خطوة أساسية نحو تعزيز الثقة بالنظام التعليمي اللبناني، وتحقيق العدالة التعليمية التي هي حجر الزاوية في بناء مجتمع سليم ومتوازن.”
واردف ” نحن نعتبر أن هذا الارتفاع الفاحش في الأقساط، بلا مبرر منطقي، هو بمثابة مؤامرة على الشعب اللبناني وعلى أجياله الصاعدة، تهدف إلى دفعهم نحو اليأس والإحباط، ووقف التفكير ببناء عائلة، والاستسلام لهاجس الهجرة كحلّ للهروب من هذا الواقع المرير. إننا نرفض هذه السياسات الجشعة التي تسعى إلى تدمير أحلام الأجيال القادمة، ونطالب المسؤولين والمعنيين بالتحرك الفوري لوضع حد لهذه الأزمة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق التعليم للجميع، بعيدًا عن استغلال حاجات الناس وتحويل التعليم إلى رفاهية لا يقدر عليها سوى القليلون.”
وختم المطران ابراهيم ” نحن نؤمن أن التعليم هو الحجر الأساس في بناء مستقبل لبنان، وأن ضمان حق الجميع في الحصول على تعليم جيد وعادل هو مسؤولية وطنية وأخلاقية تقع على عاتق الدولة أولا، وعلى عاتقنا جميعًا. لذلك، ندعو إلى وقفة وطنية شاملة لدعم المؤسسات التربوية الرسمية، وضمان استمرارية التعليم كحق مكتسب لكل طالب لبناني، ليكون التعليم جسرًا للعدالة الاجتماعية، وليس أداة لخلق طبقات اجتماعية متناحرة.”