مراد هنأ الحريري بعودته: خطاب إيجابي يُعوَّل عليه ويدنا ممدودة
أشار النائب حسن مراد إلى أنه “على المستوى الشخصي وعلى مستوى تكتل التوافق الوطني، وجدوا ضرورة أن يترافق انتخاب رئيس جديد للجمهورية بخطاب عصري، كما ورد في خطاب القسم، مع وجود رئيس جديد لمجلس الوزراء يلبّي طموحات الشارع الوطني”، لافتاً إلى أنه عندما وجدوا أن الرأي العام يميل إلى أن يكون الرئيس نواف سلام في هذا الموقع، دعموه وسمّوه، رغم أنهم لم يكونوا في هذا الوارد، خاصة أن الرئيس سلام لم يكن مرشحًا رسميًا”.
وشدّد مراد، في حديث خاص لـ”الأفضل نيوز”، على أن “تسمية التكتل لسلام ساهمت في فتح باب الانتقال بالوطن إلى مرحلة جديدة، على أمل أن يرافقها تعاطٍ جديد منفتح على جميع القوى السياسية، لا يستهدف أحدًا ولا يسعى لإقصاء أحد، تحديدًا في هذه المرحلة الحساسة التي يمرّ بها البلد”.
وأضاف: “للأسف، لم نرَ اختلافًا كبيرًا في طريقة تشكيل الحكومة عن سابقاتها، وما رافق التشكيل من أمور أو محاولات إقصاء لأطراف أساسية ووازنة كان من الممكن أن يوصِل البلاد إلى مشكلة نحن في غنى عنها. اليوم، تشكّلت الحكومة، وكما قلنا عند تشكيلها، فإن مجرد وجود حكومة بالطبع أفضل من عدم وجودها، وبالرغم من كل الملاحظات التي رافقت ظروف وطريقة تأليفها، فإن وجود حكومة حقيقية هو ضرورة قصوى ويفتح الباب حتمًا للخروج من الأزمات التي يعاني منها الوطن”.
وفي السياق، أعرب مراد عن أمله في أن “يكون البيان الوزاري للحكومة، الذي سيمنح المجلس النيابي الثقة بناءً عليه، مواكبًا لما جاء في خطاب القسم من إصلاحات، كما يحفظ سيادة لبنان واستقلاله، ويواجه احتلال العدو لعدد من الأراضي في جنوبنا البطل، ويقدّم خطة اقتصادية حقيقية تضمن تطوّر البلد، وتعيد للمواطنين كامل ودائعهم، وتكافح الفساد والهدر وبيروقراطية الإدارة”.
أما فيما يتعلق بعدم مشاركة التكتل في الحكومة، فقد أكّد أنه “لا يوجد سرّ وراء تغيّبنا، فنحن من الأساس لم نطالب الرئيس سلام، بعد تكليفه، بأي حصة وزارية، لاعتبارات متعددة، رغم أحقيتنا في التمثيل، لأننا التكتل الأكثر تمثيلًا للسنة في لبنان، من مختلف المناطق، كما حصل أعضاء التكتل على أعلى الأصوات السنية في دوائرهم”.
وأوضح أن “أول الاعتبارات يرتبط بمدة ولاية هذه الحكومة، التي لا تتجاوز أشهرًا معدودة حتى موعد الاستحقاق النيابي، وهذه المدة أساسًا لا تسمح، بموضوعية شديدة، بإحداث أي نقلة أو تغيير جذري في عمل الوزارة. أما ثاني الاعتبارات، فهو عدم وضع أعباء أو عراقيل أمام الرئيس المكلَّف قد تؤدي إلى فشل مهمته. أما الثالث، فكان لمعرفة أسلوب الرئيس الجديد وطريقته في التشكيل، فضلًا عن معرفة اعتباراته ومعاييره”.
وتابع قائلًا: “نحن، للأمانة، لم نطلب من سلام أي تمثيل، وهو أيضًا لم يطلب منا ذلك، لكن كنا نأمل أن يعتمد، في تشكيل الحكومة، مبدأ المساواة، وألا يكيل بمكيالين. للأسف، ما وافق عليه مع بعض القوى رفضه مع أخرى، فقد اعتمد في التشكيل على تمثيل بعض القوى السياسية والطائفية نيابيًا، وسعى لإشراكها في الحكومة، بينما لم يكن التعاطي مماثلًا مع القوى التي تمثل الطائفة السنية في البرلمان. هذا توصيف لما حصل بموضوعية شديدة، ولا أتحدث هنا من منطلق طائفي، لأنني أرفض هذا الخطاب، لكن للأسف، هذا هو الواقع”.
وعن خطاب الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده، الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هنأ مراد الحريري بعودته إلى لبنان، ولو مؤقتًا، معتبرًا أن “خطابه، بشكل عام، هو خطاب وطني، نتفق معه في عدة نقاط، سواء من حيث الحرص على الوحدة الوطنية في لبنان، أو من حيث التأكيد على عروبة لبنان وأهمية تقوية وتنقية علاقاته العربية، أو من حيث دعم العهد”.
ورأى أن الخطاب “يُعوَّل عليه، فيما تبقى نقاط الاختلاف معه محدودة وقابلة للحوار. نحن كنا سبّاقين في اتباع سياسة مدّ اليد لخصومنا في السياسة، وتحديدًا تيار المستقبل، ولا نزال نتبع هذه السياسة”.
كما أكّد مراد أنه “بالنسبة إلينا، لم يتغيّر شيء في رؤيتنا لأهمية الانفتاح على الجميع. اليوم، هناك حوار حقيقي، بنّاء وإيجابي، مع الإخوة في تيار المستقبل، من منطلق احترام كل طرف لتمثيله وموقعه وخياراته ومقاربته للقضايا الوطنية، وهذا أمر يُعوَّل عليه، وتحتاجه الساحة الوطنية بشكل عام، والساحة السنية بشكل خاص”.
وأضاف: “لا شك أن عودة تيار المستقبل، أو الرئيس سعد الحريري، إلى الحياة السياسية أمر مهم وإيجابي، فهم، للأمانة، لم يبتعدوا تمامًا، إذ لا يزالون موجودين على مستوى التمثيل الشعبي، أو التمثيل في إدارات الدولة. وبالتالي، فإن العودة المعلنة للتيار ستترك أثرًا طيبًا في الساحة السنية، فلهم موقعهم ورؤيتهم وتمثيلهم في الشارع، وهذا الوجود يجب أن يكون له تمثيل في مختلف المواقع وفقًا لحجمه”.
وتابع: “نحن، منذ بداية عملنا السياسي، كان موقفنا واضحًا ضد سياسة الإقصاء أو الإلغاء، أو إغلاق البيوت السياسية، أو التشفي. من يعرفنا، يعلم جيدًا أننا لم نكن، ولن نكون، متلونين، فلم نتعود أن نتملّق القوي، كما أن شرفنا وكرامتنا تأبيان أن نكسر الضعيف”.
وشدّد على أن “احترامنا لخصومنا في السياسة، بغضّ النظر عن أحجامهم أو مواقعهم أو ظروفهم، ينطلق من احترامنا لأنفسنا، فقد تعوّدنا أن نصادق بشرف، ونخاصم بشرف. لذلك، أهلًا وسهلًا بتيار المستقبل، أو أي تنظيم سياسي آخر، فالساحة السياسية واسعة وتتسع للجميع”.
العمل المؤسساتي والمشاريع الجديدة
وفي سياق منفصل، وعن العمل المؤسساتي والمشاريع الجديدة، شدّد مراد على أن “الأولوية هي للمؤسسات، وتقويتها وتطويرها، لأنها الوحيدة التي تستمر، وهدفنا أن تصل خدماتها إلى أكبر شريحة ممكنة من مجتمعنا”.
وأضاف: “الحمد لله، ما حققناه خلال الفترة الماضية كان جيدًا، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي عانى منها الوطن. لم نتوقف، فقد أطلقنا إسعاف الغد، الذي كان له دور كبير ومهم طوال فترة الحرب، كما أطلقنا مجموعة من المستوصفات الصحية على امتداد جغرافيا البقاع، ومنها إلى كل الوطن، كي يستفيد منها عموم المواطنين. كذلك، أطلقنا سلسلة تعاونيات الغد، وبطاقة سند التي وضعناها في خدمة أهلنا ومجتمعنا، إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى التي لا يسعفنا الوقت لذكرها، وسنطلق غيرها الكثير، لأن المؤسسات هي أولويتنا، وهي التي تنفع الناس أكثر من أي شيء آخر”.