خبر عاجلمقالات

لماذا لم يعد وارداً الـ.ـعـدوان “الإسرائيلي”- الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية؟

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

لماذا لم يعد وارداً الـ.ـعـدوان “الإسرائيلي”- الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية؟

شارل أبي نادر

كل المعطيات والوقائع والتحليلات كانت توحي بأن إسرائيل على وشك استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وبدعم أميركي مباشر، ظهرت خطوطه واضحة عبر موجات جرارة من حاملات الطا ئرات والمدمرات والطرادات والغواصات، والتي تحشّدت في المياه الدولية القريبة من إيران أو في تلك البعيدة عنها نسبيًا، وخاصة في البحر المتوسط أو في شمال المحيط الهندي وفي عمقه وتحديداً في قاعدة “دييغو غارسيا” الجوية الأميركية، وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع هذا الـ.ـعـ.ـدوان، وحتى إيران التي تحضرت لمواجهته وللرد عليه، تبدل الموقف الأميركي فجأة، وانطلقت المفاوضات بين واشنطن وبين طهران، بطريقة مباشرة كما أسماها الأميركيون، أو بطريقة غير مباشرة كما أسماها الإيرانيون.

عملياً، كان للرئيس ترامب الدور الأساس في منع هذه الضربة “الإسرائيلية” لإيران، وقد عبر نتنياهو عن ذلك ممتعضًا، وبعد أن حاول كثيراً انتزاع موافقة ترامب على استهداف منشآت إيران النووية دون جدوى، يبدو أنه قد اقتنع حاليًا بأن الـ.ـعــدوان على إيران، والذي راهن دائمًا عليه، قد ابتعد كثيراً إذا لم يكن قد أصبح مستحيلاً.

فما الأسباب التي وضعت استهداف منشآت إيران النووية في خبر كان؟ ولماذا استبعد ترامب العمل العســكر ي من خياراته؟

بداية، لا يمكن لأي مراقب “جدي”، إلا الاستنتاج بأن أية عملية عسـ.ـكر ية جوية أميركية – “إسرائيلية” مشتركة ضد إيران ستكون ناجحة بنسبة كبيرة، (بمعزل طبعاً عن الرد الإيراني والذي سوف تتم الإشارة إليه تاليًا) إذ نتكلم عن مستوى مرتفع جداً من القدرة الجوية والصـ.ـاروخية والتقنية الأميركية – الإسرائيلية، يضاف إليها قدرة استعلامية كاسحة، تعززها وبمستوى غير مسبوق ولافت وصادم، إمكانيات سـ.لاح الذكاء الاصطناعي، لكل من الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل”.

هنا، يجب البحث إذن عن سبب آخر بعيد عن الجانب العسـ.ـكر ي، ولا يمكن إلّا ربطه بالوضعين الإقليمي والدولي، حيث هناك عدة اتجاهات يجب الإضاءة عليها، وهي:

أولاً: حاجة واشنطن لاتفاق يكون نتيجة تسوية سلمية، وليس نتيجة عملية عسـ.ـكر ية، وذلك بعد أن تعثّرت جهودها وفشلت بشكل واضح في ضبط الحر بين الأقسى حاليًا في العالم، في أوكرانيا وفي غـ.ـزة، الأمر الذي سيكون أفظع فيما لو سلك الخيار العسـ.ـكر ي ضد إيران.

ثانياً: أن يكون هناك دور روسي ولو غير مباشر في مواكبة المفاوضات الأميركية الإيرانية، وهذا ما تؤكده بقوة حركة التواصل المباشر بين القادة والمسؤولين الروس والإيرانيين مؤخراً، مما يعني أن موسكو معنية بدرجة كبيرة بنقطتين: الأولى حماية الموقع الإيراني القوي كلاعب مؤثر ضد الأميركيين في الشرق الأوسط، والثانية: أن موسكو، وفي مكان ما، تعتبر أن ما تملكه إيران من قدرات نووية حاليًا، وخاصة الكميات الكبيرة من “اليورانيوم”، والمخصب بنسبة عالية أيضاً، يشكل نقطة قوة لمصلحة قدرة الردع الروسية التي تراكمها بمواجهة الأميركيين، الأمر الذي يجعل استهداف القدرات النووية الإيرانية، وفي مكان ما، استهدافًا لنقطة قوة طالما رأتها موسكو معها وإلى جانبها، تماماً كما رأت في القدرات النووية لكوريا الشمالية، والتي ابتعدت واشنطن عن استهدافها، رغم الموقف السلبي العنيف الذي اتخذته منها.

ثالثاً: أن تُستهـ.ـدف المنشآت النووية الإيرانية، فهذا يعني حتماً استهدافًا للقدرات النووية السلمية، لأن منشآت القدرات النووية العسـ.ـكر ية والتي تكون نواتها كميات “اليورانيوم” المخصب بدرجة عالية، هي نفسها منشآت النووي السلمي حيث التخصيب لأغراض سلمية يحصل داخل نفس المنشآت التي يحصل فيها التخصيب لأغراض تصنيع سـ.لاح نووي.

وليكون في هذا المجال، الاتفاق الأميركي – السعودي للسير في تحضير وتطوير مشروع نووي سلمي سعودي، يجعلنا نستبعد (ولو بنسبة جزئية) استهداف المشروع النووي الإيراني السلمي، حيث لن يكون منطقياً وطبيعيًا وسهلاً، أن يُسمح للسعودية بامتلاك مفاعل نووي سلمي، وأن تُحرم إيران منه، وبعد وان عسـ.ـكر ي أميركي – “إسرائيلي”.

ولنعود أخيراً إلى حتمية الرد الإيراني على أي عد وان “إسرائيلي”- أميركي عليها، حيث من الضروري الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي:
صحيح أن الـ.ـعـ.ـدوان على إيران سوف ينجح في تدمير النسبة الأكبر من المنشآت النووية، وصحيح أن قدرة طهران في الدفاع الجوي ستكون متواضعة ومحدودة أمام القدرات الجوية والصـ.ـاروخية الأميركية و”الإسرائيلية” المتفوقة ولكن.. عندما يعطي الأميركيون و”الإسرائيليون” لملف الصوا ريخ الباليستية والمسيرات الإيرانية أهمية أعلى وأكثر حساسية من ملف النووي الإيراني، فهذا مؤشر على أنهم يعلمون جيداً إمكانيات وقدرات إيران على مستوى هذين السـ.لاحين، وبأنهم يعلمون جيداً أن أية مناورة رد إيرانية، والتي ستجمع استغلال العمق الجغرافي الهش للكيان، مع استهداف الأخير بعدد ضخم جداً من الصوا ريخ والمسيرات، والتي سينجح حتماً عدد كافٍ منها بالوصول إلى تهدافها، ستكون مناورة قاتلة، لن يستطيع الكيان، ولا الأميركيون – تحمّل تداعياتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى