“سقوط طاغية الشام”: مجد الحرية
غصوب جراح
٨ تشرين الثاني ٢٠٢٤، يومٌ استثنائي في تاريخ المنطقة، يومٌ تجاوزت عظمته كل المعايير وتفوقت وقائعه على كل سطور الماضي. إنه يومٌ سُطرت فيه ملحمة العدالة والنصر، لتنتهي حقبة الاستبداد والقهر، وتشرق شمس الحرية فوق سماء سوريا الحرة، أرض الصمود والعزة.
إنها لحظة انتصار تاريخية، تتجاوز الفرح التقليدي لتصبح ميلادًا جديدًا لمقياس العدالة والكرامة لشعبٍ جبار صمد لعقودٍ في وجه الاستبداد والطغيان. عقودٌ مظلمة امتدت من عهد الأب المستبد إلى الابن الملعون، الذي أحال أرض الياسمين منبعا للسلام والجمال إلى ساحة للفتنة والقتل والتعذيب.
حقبة المخلوع ونظامه المستبد طُبعت في ذاكرة التاريخ كفصلٍ أسود مظلم، جسّد أبشع صور القمع والوحشية. نظامٌ داس بأقدامه الكرامة الإنسانية، حيث مات الأبرياء جوعًا وتحت التعذيب، ودُفن البعض أحياء تحت ركام الظلم. كانت معسكرات الموت تُمثل قمّة الانحطاط البشري، حيث تجسدت الجرائم التي لا تسعها المجلدات.
طوال نصف قرن، استند النظام على آلة القمع والدمار، يواجه أي صوتٍ معارض بالنار والحديد. ومع اندلاع الثورة السورية، كاد بشار ونظامه أن ينهارا تحت ضربات إرادة الشعب، لولا تدخل القوى الخارجية، وعلى رأسها إيران وأذرعها. ولكن من في السماء يمهل ولا يهمل.
٨ تشرين الثاني ٢٠٢٤، سقط طاغية الشام كما قال وليد بيك جنبلاط قبل ١٨ عامًا في ساحة الشهداء. نعم، انتهى عهد الظلم والقتل، وعمّت مظاهر الفرح والاحتفال في دمشق وسائر أرجاء الأرض. أضاءت سماء سوريا بنور الحرية، وتردد صداها في بيروت التي دفعت أثمانًا غالية من دماء أبنائها. كانت تلك الدماء وقودًا للنصر، بدءًا من الشهيد رفيق الحريري إلى بشير وبيار الجميل، جبران تويني، وسام الحسن، وجميع شهداء ثورة الأرز.
لقد قالها سعد الحريري بحزم: “نظام الأسد سيسقط حتمًا”. وهكذا كان، إذ فرّ بشار مذعورًا طالبًا اللجوء في موسكو، تاركًا خلفه وطنًا عانى من طغيانه وجبروته. الآن، تُعلن ولادة ربيع عربي جديد، ربيعٌ يجمع دمشق وبيروت تحت مظلة الحرية والكرامة.
نقف اليوم على أعتاب فجرٍ جديد، بانتظار أن يزهر الورد في بغداد وصنعاء، لترتسم ملامح شرق أوسطي حرّ، خالٍ من الاستبداد والقمع، يُعيد أمجاد أمتنا كما كانت قبل أن تحطّمها طائرات المستعمر.