بيروت لا تزال تبحث عن أثر نبوي شريف اختفى في الحرب من الجامع العمري
مناشير
ذكر موقع “شبكة الإسلام” أن الجامع العمري الكبير في بيروت “احتوى ولفترة من الزمن بضع شعرات من الرسول محمد (صلعم) وذلك منذ أواخر عهد الدولة العثمانية وحتى بداية الحوادث اللبنانية في العام 1975”.
“النهار العربي” تقصى عن تفاصيل تاريخية موثقة عن الحادثة في حوار مع رئيس جمعية “تراث بيروت” ومؤسسها الدكتور سهيل منيمنة.
يؤكد منيمنة “الواقعة الأليمة” خلال الحرب الأهلية في العام 1975 وما يليه، إذ تعرض الجامع العمري في قلب بيروت للسرقة فخلع الصندوق الأخضر الكبير واختفت “السكمجاية” وما في داخلها أي “الشعرات الشريفة”، مشيراً الى “أن المؤرخ الكبير عبد اللطيف فاخوري ذكر أن المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد لاحق الموضوع في حينه مع السلطات المختصة من دون نتيجة”.
وشرح منيمنة أن الفاخوري ذكر أن “الصندوق الأخضر أودع أمانة لدى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت لحين استعادة الأثر الشريف، باعتبار أن الجمعية هي المؤتمنة على تراث مسلمي بيروت”.
وفي عودة بالذاكرة الى ما قبل الحرب اللبنانية قال منيمنة: “في السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك، وقبل نشوب الحرب الأهلية المشؤومة في لبنان، كان يفتح صندوق أخضر جميل داخل غرفة مسقوفة بقبة على يمين المدخل الغربي للجامع العمري الكبير في بيروت تسمى إلى الآن “غرفة الشعرة”، وكان بداخل هذا الصندوق علبة (سكمجاية) مرصعة بالأحجار الكريمة وملفوفة بأقمشة من ستار الكعبة المشرفة”.
وأوضح أنه “داخل هذه السكمجاية كانت الشعرات الشريفة موضوعة في علبة من البلّور يبلغ عرضها حوالى أربعة سنتيمترات وملبسة بالذهب وقد ثبتت فيها الشعرات بالشمع، وكان طول إحدى الشعرات حوالى سنتيمترين وطول الشعرتين الباقيتين نحو سنتيمتر واحد. وينتشر بين العامة أن الشعرات من لحية الرسول، بينما رجح المؤرخ عبداللطيف فاخوري أن تكون من شعر الرأس مستنداً إلى ما ثبت في الصحيحين بروايات متعددة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حلق رأسه الشريف في حجة الوداع وقسم شعره أو أمر أبا طلحة وزوجته أم سليم بقسمته بين الصحابة الرجال والنساء الشعرة والشعرتين…”.
“فما صحّ من الشعرات التي تداولها الناس بعد ذلك فإنما وصل إليهم مما قسم بين الأصحاب (رضي الله عنهم) غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها”، بحسب ما نقل منيمنة عن الفاخوري.
الشعرات الشريفة
من أهدى هذه الشعرات الشريفة الى المؤمنين في بيروت؟ ذكر منيمنة أن “السلطان العثماني عبد المجيد الأول كان قد أهدى أهالي بيروت ثلاث شعرات نبوية شريفة إكراماً لدورهم في الابتعاد من الفتنة الطائفية التي عصفت بالبلد في العام 1860 ميلادي، وقيامهم بمساعدة الغير، وذلك بمسعى فؤاد باشا ناظر الخارجية العثمانية ثم الصدر الأعظم في ما بعد”.
وعن أصل الشعرات قال إن “السلطان سليم الثاني عندما فتح مصر نقل الآثار النبوية ومنها البردة، السيف، النعل، الشعرات وسواها الى القسطنطينية ووضعها في قصر طوب كابي” مشيراً الى أن “عدد هذه الشعرات كان عندما تولى السلطان محمد رشاد، المعروف بمحمد الخامس، ثلاثاً وأربعين شعرة محفوظة مع الأمانات المباركة وقد أهدى منها الى بعض المدن العثمانية ومنها بيروت وطرابلس…”.
وتوقف عند ما أشارت إليه صحيفة “حديقة الأخبار” في آذار (مارس) 1862 من وصول الأثر الشريف ومما ذكرته أن “الحضرة الملوكية شرفت أهالي بيروت بإرسالها شعرات من اللحية الشريفة النبوية جاء بها حسن رضا باشا أمير الحج الشريف الذاهب من طريق دمشق بحسب العادة. ولما شاع الخبر بقدوم الأثر الشريف هاجت القلوب بضجيج الدعاء وجرى موكب حافل يحمل الأثر الكريم يضم العلماء والأعيان وأمامهم الأنفار العسكرية والموسيقى فأتوا به الى الجامع الكبير المعروف بمقام النبي يحيى الحصور”.
ورداً على سؤال عمن تعهد حماية الصندوق قال: “تم إثبات لوحة رخامية في الحائط الغربي للحجرة الجنوبية الغربية للجامع العمري تثبت إهداء الأثر الشريف وتعهد بخدمته الشريفة لآل فاخوري. وكان الشيخ محي الدين الفاخوري إماماً لجامع المجيدية ومتولياً على أوقافه. وقد توفي في تشرين الأول (أكتوبر) 1888 فعهد بمفتاح صندوق الأثر الشريف الى ابن شقيقه القاضي الشيخ رشيد عبدالقادر الفاخوري عضو شعبة المعارف الأهلية التي حلّت محل جمعية المقاصد بعد حلّ هذه الأخيرة، ومحرر مقاولات بيروت، أي الكاتب العدل، وبعد وفاة هذا الأخير عهد بأمانة المفتاح الى ولده الشيخ رائف فاخوري، الذي توفي عام 1953، فتولى ابنه السفير رشيد فاخوري الأمر ونظراً الى كثرة تنقل هذا الأخير بحكم وظيفته في السلك الدبلوماسي، تولى شقيقه حسان الأمر”.
وذكر أن “خادم الشعرات الشريفة كان يقوم بفتح الصندوق بعد العصر من يوم السابع والعشرين من شهر رمضان في كل سنة، أي ليلة القدر، لكي يتبرك جمهور المسلمين برؤية ما فيه من الأثر الشريف”.