“القمة العربية” انجازها الوحيد لم تدن حماس… فهل حان حلها؟
أسامة القادري ـ مناشير
بعد اربع وثلاثين يوماً، وبعد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين خمسة عشر ألف شهيد معظمهم من الاطفال والنساء، وسقوط أكثرمن 35 ألف طن من المتفجرات على بقعة لا تزيد عن مئة كيلو متر مربع مكتظة بالسكان المدنيين المسلوبين ارضهم وديارهم، في حرب ابادة لم يشهد لها تاريخ البشرية الحديث مثيلاً ولا “هولوكوست”، انها الحقيقة المدبوغة بدماء الأطفال على جبين العالم الغربي، أخيراً عقدت “القمة” العربية الاسلامية في الرياض، فبدت لوهلة الصمت التي سيقت القمة أنها “محاصرة” بقراراتها ومكبلة أكثر من حصار أهل غزة المكلومين، فخلصت كما جميع سابقاتها من القمم، الى بيان ختامي مزود بعبارات الشجب والاستنكار و”الترجي”، فكشف عن مزيد من غياب الوزن ومزيد من الخضوع وعدم التأثير في اي قرار اقليمي أودولي، او حتى بفتح معبر رفح كخط انساني، فلم تحدث هذه القمة ذات الطابعين العربي والاسلامي أي تأثير في وقف الحرب على غزة، ليكون نواة لتأسيس مرحلة جديدة، بل أتاهم الرد عشية القمة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نيتنياهو وخلية الحرب بتصعيد ناري ولهجة القوي المحتل والمستبد، أنهم يريدون من غزة منزوعة السلاح ولن يقبلوا سوى بالجيش الاسرائيلي فيها ليضمن امن اسرائيل، وانهم يريدون ان يقتلوا كل فلسطيني مع حماس وكل من يقف معها ووزع حلوى وكل طفل تعلم الحقد على اسرائيل، هكذا يبررون لانفسهم بالقتل الممنهج.
فلم تحدث هذه القمة ذات الطابعين العربي والاسلامي أي تأثير في وقف الحرب على غزة، ليكون نواة لتأسيس مرحلة جديدة، بل أتاهم الرد عشية القمة من رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نيتنياهو وخلية الحرب بتصعيد ناري
يعني ذلك أن الإسرائيلي يشن حرباً إلغائية لـ”القضية الفلسطينية”، وليس كما يدعي أنها حرب ضد حركة حماس، إنها حرب تشن منذ 29 مارس 2002، عندما حوصر رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في مقر اقامته في رام الله، فقابلت الدول العربية هذا الحصار وهذا الاحتلال يومها بمبادرة سلام عربية تم طرحا في قمة بيروت دون أن تفرض على الاسرائيلين شروطاً مقابل التنازل لطرح مثل هذه المبادرة، ودون أن يكون مقابل اعترافهم بدولة اسرائيل تحسين في شروط الفلسطيني. فأمعنت يومها وتركت عرفات محاصراً في مكتبه ولم يكلف أي من الرؤوساء العرب عناء الاتصال به والاطمئنان اليه والوقوف عند رأيه ومطالبه، وبالتالي أصبح إجتماعها من عدمه لا جدوى منه سوى أن كل اجتماع يزداد العرب وهناً وضعفاً.
من هنا يحق سؤال الدول العربية التي أفضت الى اتفاقيات سلام وتطبيع مع “الكيان الغاصب”، وفتحت معه علاقات سياسية وتجارية وسياحية، عن دور اتفاقياتها ومدى التأثير على هكذا حرب عنصرية على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، في وقت أن دول محور “الممانعة” تدفن رأسها في الرمال لتخفي حروب شنتها على شعوبها قتلاً واقصاءً وقمعاً، مرة تحت شعار التخوين ومرات تحت شعار الاسلام السياسي والانتساب الى “داعش” بذات الاسلوب الذي يستعمله اليوم الاسرائيلي مع الفلسطيني ليزيل عنه حق مقاومة الاحتلال، لذا لم تقدم مشروعاً يضفي وزناً، سوى شعارات تتكرر منذ نشأتها.
أما الدول الاسلامية وجدت من القضبة الفلسطينية سلماً الى منصة التنافس في المرحلة المقبلة، بين مشروعين قوميين مختلفين “العثمانية” و “الكسراوية”، كل منهما يحاول سحب لحاف المفاوضات الى ناحيته لتحسين شروطه التركي في ملف حلف الاطلسي والايراني في ملف النووي الذي يقاتل من اجله، هكذا بدى الجميع أن إحدى أهم انجازاتهم أنهم لم يدينوا “حركة حماس” على عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول.
هكذا “تمخض الجبل فولد فأراً” وترك الفلسطينيون يصارعون اطنان المتفجرات، فيما الشعوب العربية والاسلامية كانت تنتظر من اجتماع دولها أن تحول مبادرة السلام العربية، من عنصر ضعف الى عنصر قوة بإعلانها سحب المبادرة لعدم التزام اسرائيل بها، منذ ان طرحت المبادرة وحكومات الكيان تصادر وتجرف اراضي الفلسطينيين وتبني المستعمرات وتحتل الضفة الغربية وتحاصر غزة ورام الله.
وكان ينتظر أيضاً أن تقوم هذه الدول بالضعط على الدول الغربية اميركا وبريطانيا وفرنسا ودعوة سفرائهم وابلاغهم بضرورة الضغط على اسرائيل بوقف اطلاق النار وفتح ممرات انسانية وأن الاستمرار في هذه الحرب يهدد مصالحهم وعلاقاتهم.
بالمحصلة امست الجامعة العربية لزوم ما لا يلزم، واصبح ضرورة حلها نهائياً، لأن كل هذه الاتفاقيات الجانبية والمؤتمرات لم تأت ثمارها للقضبة الفلسطينية، ولأن هذه القمة عادت بخفيها، حان أن تنزع عن نفسها الشرعية بإعتبار أن “مبرر” تأسيسها في مايو/أيار 1946، مناصرة القضية الفلسطينية، كذلك حال منظمة التعاون الإسلامي، التي تعلل تأسسها الى هدف “حماية المصالح الحيوية للمسلمين” من دون ان تحدد كيفية الحماية.