لقاء دار الفتوى إعلان شرذمة السنة وفشل “البخاري في ادارة الملف”…! – اسامة القادري
لقاء دار الفتوى إعلان شرذمة السنة وفشل “البخاري في ادارة الملف”…! – اسامة القادري
اسامة القادري
شتان، بين الجامع المسند في صحيح البخاري للحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة، وبين الجامع للنواب السنة في دار الفتوى ومقر السفارة السعودية، الأول تمحص وفتش وجزم وقطع دابر الشك والأكاذيب والاحاديث المدسوسة باليقين، والثاني تدجج بتشتيت الطائفة واقصاء من يرتأيه له رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لأن يزيل من امامه العقبات والمطبات، وفق القاعدة “التفكيكية” بمعناها السلبي اي التدميري والتهديمي، فلا يكتفي اصحاب هذه النظرية بالخلخلة من أجل التقويض والتركيب والإصلاح، بل يذهب بعضهم الى النظرية القاتلة القائمة على نسف الأسس، ظناً أنه قادر على إعادة البناء وفق قواعد ودواعم جديدة يراها هو أنها مناسبة، بما يتجاوز طبعاً منطق الثنائيات الميتافيزيقية.
واذ بالمشهد ما بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، يتأكد أن قاعدة التفكيك لإعادة التركيب كانت خاطئة بل وقاتلة، فالقاعدة نفسها تجزم وتثبت أن لا امكانية فعلية لمن يمتهن التفكيك والتدمير أن يكون هو نفسه مهندس البناء بذات العدة والأليات.
هنا يكون إثم “البخاري” بظنه أنه قادر على اعادة ترتيب البيت السني الداخلي بعد أن فككه وشرذمه لغاية في نفس معراب لامساكها به، فكانت دعوة مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان بنية وطنية وتحفيزية للسعودي لأن “يرقع” ما مزقته برودة العلاقات العربية مع لبنان، اما توافق السفير البخاري مع المفتي كان أشبه بالرصاصة الأخيرة المتبقية في جعبته.
ما جعل الدعوة أقرب الى ورقة نعوة علقت عند باب الجمهورية، لتؤكد ان الشارع السني بعد الانتخابات النيابية الاخيرة “مسحول” و”يتيم”، يشهد فوضى وعدم توازن سياسي بين النواب والكتل النيابية، وذا دلالة واضحة على الشرذمة عدا عن غياب الوزن داخلياً وعربياً بفعل فاعل، ترجم غياب الوزن بعجز الرئيس الاسبق فؤاد السنيورة وغيره من القيادات السنية التي عوّل عليها البخاري لأن تنصب نفسها مرجعية سنية أقله في ظل انكفاء سعد الحريري كزعيم سني ورئيس أكبر تيار سياسي (تيار المستقبل) على الساحتين الاسلامية واللبنانية وصاحب أكبر كتلة نيابية.
تُرك “اللبنانيون السنة” في أحلك الظروف والازمات على قارعة الهروب بقوارب الموت والفوضى وتحلل الدولة، وعلى محطات الجوع والذل والبطالة. هنا بدى فشل السعودي واضحاً وجلياً منذ أن استغنى عن ما كان يأخذه بالجملة، ليأخذه اليوم بـ”المفرق” ظناً منه انه بلحظة يجمع نواب لقطاء (أكثرهم تمثيلاً لم تصل نسبة تمثيله 3 % من المقترعين ولم يتجاوز الـ 1 في المئة من الناخبين) ، على طاولة تحت شعار “ترتيب البيت الداخلي”، واذ به يستعين بنواب 8 اذار ليحضروا اللقاءين، في دار الفتوى وفي الليرزة في مقر السفير البخاري في ذكرى اليوم الوطني السعودي.
إذاً، العلة بدأت حين سلخت الادارة السعودية حضورها ورعايتها للبنان عن ما يمت لماضي العلاقات مع المكونات اللبنانية الاسلامية بصلة، ووضعت العلاقة على محك اما أن يقوم المكون السني اللبناني وما يمثله بتلبية الرغبة بمواجهة حزب الله واستئصاله وضرب النفوذ الايراني في لبنان، ما يفتح على حرب اهلية تأتي على اتفاق الطائف وتذر ما انجز منذ 1992، في وقت ان السعودي نفسه عاجز عن انهاء الملف اليمني والخلاص من الحوثي تلميذ حزب الله اللبناني، رغم ما لدى المملكة من امكانات عسكرية ومالية، واما الدخول في نفق جهنم بما يشتهيه الايراني في “التقليل” من قيمة البلد في المفاوضات حول ملفات نووية واقليمية.
لذلك تُرك “اللبنانيون السنة” في أحلك الظروف والازمات على قارعة الهروب بقوارب الموت والفوضى وتحلل الدولة، وعلى محطات الجوع والذل والبطالة. هنا بدى فشل السعودي واضحاً وجلياً منذ أن استغنى عن ما كان يأخذه بالجملة، ليأخذه اليوم بـ”المفرق” ظناً منه انه بلحظة يجمع نواب لقطاء (أكثرهم تمثيلاً لم تصل نسبة تمثيله 3 % من المقترعين ولم يتجاوز الـ 1 في المئة من الناخبين) ، على طاولة تحت شعار “ترتيب البيت الداخلي”، واذ به يستعين بنواب 8 اذار ليحضروا اللقاءين، في دار الفتوى وفي الليرزة في مقر السفير البخاري في ذكرى اليوم الوطني السعودي.
من هنا اعتبرت اوساط مقربة من حزب الله ان دعوة المفتي دريان لجميع النواب بما فيهم النواب السنة في كتلته اكبر من رسالة على المستوى الوطني ولها ما لها من دلالات، كذلك دعوة السفير السعودي كانت لافتة ولها مؤشرات على الصعيد الاقليمي.
فيما القراءة داخلياً لها ابعادها وانتقاد لاذع، فلا يجوز أن يصبح ما كان ممنوعاً على الحريري فعله مسموحٌ للبخاري انجازه.
وبالعودة الى المحصلة لا الجمع كان جمع ولا الترتيب حصل، بما يشتهيه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لأن تكون دعوته انجاز وطني بمثابة مبادرة انقاذية من شأنها ان تساهم في حلحلة عقد نظام الحكم والازمة المستحكمة بمصير البلد. فيما مداخلات النواب من حيث الشكل العام، بدت في عالم آخر وبعيدة عن مبادرة المفتي دريان، بعدما غلب على كلمات الغالبية المزايدات والثناء وغاب عنها القراءات الجدية المفترض انها ترسم خارطة طريق وطنية نحو إخراج البلد من عنق الزجاجة، مما اوحى بهزلية تمثيلهم وعدم بلوغهم سن الرشد السياسي، فطغى على مشهد اللقائين الحضور الوازن لنواب حزب الله وحلفائه وكلمات بعضهم المقتضبة التي تحدثت عن دور دار الفتوى الوطني، فسجلوا دخولهم اللقائين من أوسع الأبواب.
الا أن دعوة سماحته بالتوافق مع البخاري تحت شعار ترتيب البيت السني الداخلي، دليل محسوس وواضح واعتراف سعادته بالفشل في ادارة الملف اللبناني، لأن دريان يدرك أن مثل هذه المبادرات ما لم تقف الدول العربية وأولهم المملكة العربية السعودية لأن تدعم لبنان سياسيا واقتصادياً تبوء جميع المبادرات بالفشل وكأنها لم تكن مهما كان خطاب المفتي متقدم ووطني ومسؤول.
فمن هذا المنطلق ترى فعاليات اسلامية سياسية ان انجاح المبادرات ليست بالخطابات وبجمع الاضداد تحت قبة “الفتوى” انما تكون فاعلة وذا جدوى عندما تعمل على وقف النزيف الحاصل في بنية الكيان جراء الازمة المستفحلة، وفي كيفية التوافق على رئيس للجمهورية من خارج الاصطفافات السياسية يكون لكل اللبنانيين، ومن دون انتقاص من صلاحيات رئيس الحكومة.