خبر عاجلمحليات

في رمضان.. الغلاء يكوي اللبنانيين

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

في رمضان.. الغلاء يكوي اللبنانيين

مناشير

تفصلنا عن بدء الشهر الفضيل إلا ان لبنان “لم يصم” عن الغلاء. موجة ارتفاع الأسعار ليست وليدة الأمس، إنها نتيجة تراكمات يواجهها المواطن كل يوم، فلم يعد غريباً على اللبناني القفزة النوعية في أسعار السلع والمواد الغذائية. هو اعتاد أو أقنع نفسه بأن لا بديل لهذه المعاناة. وكأن قدره أن يعيش تحت رحمة تقلب الأسعار واحتكارات وجشع التجار. هذه المعضلة اضحت لازمة ترافق حياة المواطن المليئة بالتحديات، إلا أن انعكاساتها تبرز بشكل مباشر في هذا الشهر.

يتجول اللبنانيون في الأسواق حيث يقفون عاجزين عن تأمين الكثير من المواد والسلع الأساسية، فبالكاد باتوا قادرين على تأمين الأساسيات في شهر يتميّز بسُفره اليومية المرتكزة على اللحوم والخضار والمواد الغذائية، إلا أن الغلاء الفاحش سيقف “سدّاً” منيعاً أمام صمودهم بحكم الدولار المتفلّت والأسعار التي لا ترحم، واجتياز هذا الشهر الفضيل سيكون بالصبر، بعد أن حرمت الناس من لذّة كانوا ينتظروها من عام إلى آخر.
“ارتفاع الاسعار بات فرضاً واجباً في السوق اللبنانية”. ضعف عدد المراقبين في وزارة الاقتصاد ومحدودية فعاليتهم، فضلاً عن جشع التجار دفع بالمشكلة الى الأمام. المنتجات الزراعية موجودة حالياً بكميات كبيرة في الاسواق. في كل شهر رمضاني يدفع المواطن العادي ثمن فاتورة الغلاء. صحن الفتوش لم تعد تقدر عليه كل الفئات ومؤشر الغلاء يرتفع صعوداً كل عام.
“الدولة هي المسؤول الأول عن مشكلة ارتفاع الاسعار”، عجزها عن اتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الملف جعل الأزمة تتفاقم وتتكرر. حيث يتوجب على المؤسسات الرسمية المعنية القيام بإجراءات سريعة لتثبيت الاسعار، واتخاذ تدابير صارمة وحازمة بحق المخالفين، تبدأ بالغرامات المتشددة ولا تنتهي عند حد لردع أصحاب المؤسسات الإحتكارية وذوي النفوس الجشعة والمريضة.
هناك العديد من العناصر التي تبرر ارتفاع أسعار الخضار والفواكه في لبنان رغم أنها منتجة محلياً، فالتكاليف التشغيلية المتمثلة بالنقل والتوضيب والمبيدات، جميعها أمور ترتبط بالدولار وتنعكس ارتفاعاً في الكلفة الانتاجية بالنسبة للمزارع.
أما الحلويات التي لا بد أن تحضر على الموائد الرمضانية فباتت اليوم شحيحة عند الكثيرين بسبب ارتفاع أسعارها، خصوصا وان أسعار المواد الأساسية التي تدخل في صناعة الحلويات كالسمن والسكر والمكسرات باتت غالية الثمن بل خيالية والعديد من الزبائن تغيرت أحوالهم، فمن كان يشتري بالكيلو اصبح اليوم يطلب النصف. فضلا عمن يسأل عن البواقي وهي ما يتبقى من حلويات في الصواني المستخدمة لوضع الحلويات.
”التحلاية” بالدولار وأسعارها نار لمن استطاع اليها سبيلاً، فحبّة القطايف بدولار ونصف الدّولار للجبنة والقشطة، وكيلو الكلاّج زنود الست بـ 17 دولاراً وحلاوة الجبن بـ 15 دولاراً وكيلو المفروكة 14 دولاراً.
يتشارك جميع اللبنانيين المشكلات الناتجة عن ارتفاع الاسعار، فهذا يدين لذاك وذاك ينتظر ريثما يتقاضى الاول مرتبه كي يعيد له امواله. والكل يتحدث عن الغلاء قائلا “الدولة مش سئلانة عن الشعب..”، فيما يعرّف الاقتصاديون الغلاء بأنه تضخم الاسعار وارتفاعها ، وله في لبنان اسباب عدة. ويعزو بعض الاقتصاديين ارتفاع الاسعار الى الاحتكار حيث يأتي مستوردون بآلاف السلع الاستهلاكية، والاستيراد محصور فيهم.
ليس البخل ما يغيّر خصوصية عادات رمضان بل الظرف. ولفرط قسوته، يُرغم الكريم على الاقتداء بسلوك البخلاء. “لا نمدُّ السُفر ولا نلبّي العزائم”.
كان المسلمون قبل الأزمات التي يعيشونها والتغيير الاجتماعي والاقتصادي الذي حدث في فترة سريعة جدا منتجا معاناة عند كل المواطنين، يحتفلون ماديا بالشهر الكريم، بمعنى أنهم يخرجون زكاة أموالهم، لأنهم يتحينون رمضان رجاء الأجر الأكبر حيث أن الأعمال الطيبة في هذا الشهر يضاعف ثوابها، وأيضا يحضّرون المواد التي يستعملونها لمأدبة الإفطار والسحور، وكذلك يقومون بالتزيين احتفاء وبهجة وسرورا بقدوم رمضان، كما كانت تكثر الاجتماعات التي فيها ذكر الموالد النبوية في البيوت والمساجد.
أزمة غير مسبوقة يواجهها اللبناني، لا تقتصر فقط على الإنهيار المالي والإقتصادي، بل تتفرّع إلى جمودٍ في كافة القطاعات، أزمات صحيّة، تدهور بيئي وغيرها، الأمر الذي يتطلب خطة إصلاح عاجلة في المجالات الأساسيّة على الأقلّ، تُنقذ ما تبقّى من لبنان إذا أمكن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى