خبر عاجلسياسةمقالات

المرأة في بعلبك – الهرمل… تحطيم القيود المجتمعية ليس مستحيلاً… 

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365
المرأة في بعلبك – الهرمل… تحطيم القيود المجتمعية ليس مستحيلاً…
كتبت لينا اسماعيل في النهار:
مشاركة النساء في الحياة السياسية لاتزال ضعيفة بفعل الثقافة السائدة التي تحد من وجودهن في مراكز اتخاذ القرار. على رغم النتائج الإيجابية في التعليم الجامعي وارتفاع عدد الفتيات المتخرجات، إلا أن هناك حاجة ضرورية لتطوير التعليم التكنولوجي والمهني والتطبيقات العملية بما يتناسب مع حاجات سوق العمل.
تبوأت النساء في محافظة بعلبك – الهرمل مكانة بارزة في شتى المجالات، مما يدلّ على تحولات جذرية في مكانتهن الإجتماعية، ولم يعد دورهن محصوراً بالواجبات المنزلية. وعلى رغم ذلك، لا تزال الأعباء التي تفرضها القيم والعادات المجتمعية المحافِظة تثقل كاهلهن.
لإلقاء الضوء على الواقع النسائي في المحافظة، التقت “النهار” سيدتين بارزتين من بعلبك، هما الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة، وهي من النساء الرائدات التي أثبتت مكانتها في السياسة والعمل العام من خلال جهودها في تعزيز حقوق المرأة ومتابعة قضايا التنمية والمساواة، والباحثة الأكاديمية الدكتورة بتول يحفوفي، الشخصية الريادية أيضاً التي أثبتت جدارتها في مجالات القيادة وتمكين المرأة، ولعبت دوراً فعالاً في قضايا التنمية المستدامة.
وفاء الضيقة
توضح الضيقة أن النساء في بعلبك – الهرمل “يواجهن تحديات مشابهة لتلك التي تعانيها النساء والفتيات في لبنان عموماً، بسبب العادات والتقاليد والأدوار النمطية التي تهيمن في المنطقة خصوصاً، والتي تحد من مشاركتهن في الحياة العامة.  فقد حدّدت هذه الأدوار مسؤوليات النساء داخل الأسرة، مما أثر على فرص التعليم المتاحة لهن خصوصاً في المناطق ذات الطبيعة العشائرية.
وعلى رغم أن النساء كان لهن دور ريادي في الماضي، إلا أنه تراجع بشكل ملحوظ نتيجة زيادة السيطرة الدينية على المجتمع، مما أثّر سلباً على مشاركتهن في المجالات السياسية والاجتماعية لمصلحة الرجال”.
وتشير الى أنه “على رغم زيادة تعليم النساء، إلا أن الفتيات يتعرضن لمعدل تسرّب مرتفع من المدارس بسبب الزواج المبكر. ووفقاً لدراسات سابقة، تبيّن أن 18.3% من الفتيات تزوجن قبل بلوغ سن الـ18، منهن حوالى 2.4% تزوجن قبل سن الـ15”.
وفي ما يتعلق بالموضوع الاقتصادي، تلاحظ الضيقة “أن النساء يعانين من تمييز اقتصادي يتعلق بالأجور وظروف العمل، إذ يتقاضين في القطاع الزراعي أجوراً أقل من الرجال، وتحصل المرأة على ثلث ما يتقاضاه الرجل يومياً.
إضافة إلى ذلك، تُعتبر أعمال النساء في الزراعة رعوية غير مدفوعة الأجر، بحيث يقضين وقتاً طويلاً فيها، مما يجعل جزءاً من عملهن مرتبطاً بأسرهن ويعوق فرصهن في المشاركة الفعالة في العملية الاقتصادية والزراعية”.
وتضيف: “على رغم الصعوبات، ثمة العديد من النساء البعلبكيات اللاتي يدرن مشاريع اقتصادية وزراعية ويُعتبرن رائدات أعمال. ويرجع ذلك إلى الدعم المقدم من الإدارات الرسمية بالتعاون مع المنظمات الدولية، مما يساعد في تعزيز قدرات النساء وزيادة وعيهن بأدوارهن داخل الأسرة والمجتمع”.
وفي ما يتعلق بضعف المشاركة السياسية للنساء خصوصاً في المجالس البلدية والبرلمان، تذكر بـ”أن المشاركة في انتخابات 2016 في المحافظة كانت ضئيلة. ففي الدراسة التي أجريناها في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، قمنا بتحليل نتائج الانتخابات، وأظهرت المؤشرات أن بعلبك – الهرمل كانت الأقل من حيث نسبة الترشيح إذ بلغت 3.6% فقط، بينما كانت العاصمة بيروت الأعلى في نسب الترشيح، ولم تنجح أي امرأة في الفوز بمناصب بلدية والنسبة كانت صفراً في بعلبك، على رغم محاولات العديد من النساء الترشح، إلا أنهن اضطُررن الى الانسحاب”. وترى “أن من الضروري تكثيف الجهود لزيادة الوعي ودعم النساء للترشح في الانتخابات المقبلة، وتوفير فرص لهن لتولي أدوار قيادية في التنمية المحلية”.
وتعتبر “ان النساء من الجيل الجديد في بعلبك – الهرمل يحظين بفرص أفضل مقارنة بالجيل السابق، نتيجة التقدم في التكنولوجيا وثورة الذكاء الاصطناعي إضافة إلى إمكان الوصول إلى المعرفة. وأصبح بإمكانهن التعبير عن آرائهن بصوت مسموع والسعي الى تحقيق طموحاتهن”.
وتشدد على وجوب “اعتماد تنمية شاملة تستثمر في تعليم النساء والشباب، فمن الضروري أن يكون هناك تعليم إلزامي حتى مرحلة البكالوريا، وهو ما أطمح إليه، إضافة إلى ضرورة تعديل القوانين لرفع سن الزواج إلى 18 عاماً حداً أدنى، ويفضل أن يكون 21 عاماً، كما هي الحال مع الحصول على رخصة القيادة، وتوفير برامج تدريبية مستمرة للنساء في مجالات متنوعة”.
بتول يحفوفي
من جهتها، تتفق يحفوفي مع الضيقة على “أن المرأة في بعلبك – الهرمل تواجه قيوداً وعادات اجتماعية تشبه تلك الموجودة في لبنان عموماً، ولكنها قد تكون أكثر صعوبة إذ تؤثر قيم ثقافية معينة على المجتمع اللبناني ككل، مما يحد من مشاركة النساء في مواقع اتخاذ القرار والحياة الاقتصادية، ويعوق قدرتهن على الوصول إلى عملية صنع القرارات الاقتصادية”.
وتُشير يحفوفي إلى أن هذه المنطقة “شهدت نهضة ملحوظة في مستوى التعليم بين النساء منذ سبعينات القرن الماضي، إذ تلاشت الحاجة إلى برامج محو الأمية التي أطلقت في التسعينات، وأصبحت النساء المتعلمات يشكلن الغالبية الساحقة. كان التعليم الجامعي بمثابة نقطة انطلاق نحو تمكين المرأة ودخولها عالم العمل، خصوصاً في عرسال وبريتال، وهذا التحول يعكس تقدماً بارزاً في تعزيز دور المرأة في المجتمع البعلبكي، ويعتبر نقلة نوعية إيجابية في التقاليد الاجتماعية”.
وتعتبر “أن الفتيات في منطقة بعلبك يعكسن شخصية قوية وفاعلة”، مشيرة الى ارتفاع نسبة “انخراطهن في المجتمع والخروج من إطار المنزل”.
وعن المشاركة السياسية، تلفت إلى “أنها تتأثر بتقاليد ثقافية سلبية متأصلة في المجتمع اللبناني عموماً ، مما يعوق ترشحهن واندماجهن في الحياة السياسية. على رغم بعض الجهود المبذولة لتحسين الوضع منذ عام 1995، مثل دعم “الكوتا” النسائية، فإن التقدم لا يزال بطيئاً، ولم يجر اعتماد سياسة وطنية فعالة تضمن الحقوق السياسية للمرأة، خصوصاً مع قلة دعم الأحزاب الكبيرة لترشيح النساء. في عام 1994، أجريت أول دراسة حول مشاركة المرأة السياسية في المنطقة مقارنةً بمدينة زحلة، وكانت النتائج تشير إلى خوف من أن السياسة ليست مخصصة للنساء. وهذا الاعتقاد لا يزال قائماً، مما يؤثر على قدرتهن على كسر هذه التقاليد والتقدم للترشح في الاستحقاقات الانتخابية على اختلافها”.
وعن التحديات في مجالات الأعمال، ترى “أن معظم النساء اللواتي يعملن في المنطقة يشغلن وظائف هامشية موقتة وموسمية، مما يؤثر سلباً على دورهن في الاقتصاد الوطني. ومع ذلك، فإنهن يساهمن بشكل كبير في دعم صمود الأسر من خلال مبادرات صغيرة وتعاونيات. وهناك أيضاً حاجة ملحة لتعديل قوانين العمل التي تميز ضد المرأة وتحد من حقوقها في مجالات الحماية الاجتماعية والصحية”.
غير أنها تبدي تفاؤلاً بشأن التحسن الملحوظ الذي تشهده أوضاع المرأة البعلبكية، ومع ذلك، تؤكد أن “مشاركة النساء في الحياة السياسية لاتزال ضعيفة بفعل الثقافة السائدة التي تحد من وجودهن في مراكز اتخاذ القرار. على رغم النتائج الإيجابية في التعليم الجامعي وارتفاع عدد الفتيات المتخرجات، إلا أن هناك حاجة ضرورية لتطوير التعليم التكنولوجي والمهني والتطبيقات العملية بما يتناسب مع حاجات سوق العمل. وتمتلك المنطقة قدرات نسائية قادرة على تحمل المسؤوليات القيادية، مما يستدعي زيادة الدعم لتعزيز دور المرأة في القضايا العامة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى