الشرع في مقابلة له مع الصحفي البريطاني أليستر كامبل..!
مناشير
تحدث الرئيس السوري احمد الشرع لأول مرة عن السجون التي أحتُجز فيها بالعراق خلال مشاركته في البودكاست السياسي البريطاني #The_Rest_Is_Politics مع الصحفي والسياسي البريطاني أليستر كامبل :
السؤال: كنتَ في العراق مقاتلًا لمدة ثلاث سنوات ثم في السجن لمدة خمس سنوات. كيف كان العيش في السجن؟ كيف غيّرك ذلك؟ ماذا تعلمتَ؟ وكيف أصبحت هذه الشخصية التي صعدت بسرعة في صفوف التنظيمات التي شاركت في التمرد؟
الرئيس الشرع: كما ذكرتُ، كنتُ في التاسعة عشرة من عمري عندما بدأتُ أدرك حجم القمع في سوريا والمنطقة الأوسع. كان للانتفاضةالفلسطينيةتأثير نفسي كبير عليّ، وشعرتُ بالحاجة إلى التعلم، فقرأتُ كثيرًا عن دمشق وسوريا، وعن عمقها التاريخي وحضارتها العريقة، كونها أقدم مدينة معروفة للبشرية. كنتُ أمشي في أزقة دمشق القديمة، وأشعر أن التاريخ يتحدث في كل زاوية. لكن في الوقت نفسه، كنتُ أرى وضع البلاد والطريقة المروعة التي كان النظام يحكم بها. شعرتُ بالألم لما تحمله دمشق من عبء، وكيف كان النظام يسيء إلى المجتمع السوري وهذه المدينة العريقة. كنتُ مقتنعًا بأن هذا النظام يجب أن يسقط. ولكن في ذلك الوقت، لم تكن لدينا الوسائل ولا الخبرة. لذلك، قررتُ الذهاب إلى حيث يمكنني اكتساب بعض الخبرة.
أولًا، رأيتُها فرصة للتعلُّم واكتساب خبرة قيّمة من خلال اختبار حرب شاملة، حتى أتمكن من العودة إلى سوريا والاستفادة من المعرفة التي سأحصل عليها. ثانيًا، كان الدافع وراء قراري هو الشغف والروح الجميلة التي كنت أمتلكها للدفاع عن شعب العراق ضد الاحتلال. قد لا تفهم ذلك، لكن عليك أن تتذكر أنني كنت شابًا آنذاك، وكان لدي طريقة تفكير معيّنة. وهكذا، ذهبتُ إلى العراق وعملتُ مع مجموعات مختلفة. وفي النهاية، بدأت هذه المجموعات، واحدة تلو الأخرى، في الانكماش والاندماج في تنظيم القاعدة.وهكذا وجدتُ نفسي مع القاعدة.
السؤال: حدّثنا عن الحياة في السجن؟
في العراق، أُسرتُ في وقت مبكر. وتم إرسالي إلى سجن أبو غريب الشهير حيث كان الناس يُعذبون. ثم نُقلتُ إلى سجن بوكا، وبعد ذلك إلى سجن كوبر في بغداد، وأخيرًا إلى سجن التاجي قبل أن يتم الإفراج عني. خلال هذه الجولة في السجون، تعرّفتُ على العديد من الأشخاص، وأصبحت أكثر نضجًا سياسيًا. ورأيتُ أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما كنتُ أؤمن به وبين بعض الأفكار التي كنتُ أسمعها من سجناء آخرين، والتي كانت صادمة لي. كان ذلك في وقت كان الصراع الطائفي يسبب مشاكل كبيرة في العراق، ولم أكن جزءًا من ذلك إطلاقًا.
حتى داخل السجن، لم أتصرف بالطريقة نفسها التي اتبعها الآخرون. ونتيجة لذلك، تعرضتُ للانتقاد من بعض السجناء الآخرين الذين كانوا يؤمنون بالأيديولوجيا التي أصبحت لاحقًا فكر تنظيم”دا2ش”. خلال فترة وجودي في العراق، وخصوصًا أثناء السجن، ركزت على التخطيط لعودتي إلى سوريا. حتى قبل اندلاع الثورة، تحدثت مع بعض الأشخاص، ولا سيما بعض السوريين الذين كانوا أيضًا في السجن. وكان الأمر بمحض الصدفة أن أُطلق سراحي قبل يومين فقط من بدء الثورة السورية.
ما إن سنحت لي الفرصة، حتى رتبت أموري بسرعة وعدت إلى سوريا. كنت قد وضعت بعض الشروط مسبقًا، أولها أننا لن نكرر تجربة العراق في سوريا. لن نشارك في أي نوع من الحروب الطائفية، بل سيكون تركيزنا على قتال النظام. جئت إلى سوريا مع مجموعة صغيرة من الأشخاص، كنا حوالي خمسة أو ستة أشخاص. وفي غضون عام، نما هذا العدد ليصل إلى 5000، وتمكنت من الوصول إلى معظم المحافظات السورية. تفاجأ تنظيم القاعدة في العراق بذلك. ثم أرادوا تكرار ما فعلوه في العراق داخل سوريا، وهو ما عارضته بشدة. أدى ذلك إلى صراع كبير بيننا، قُتل خلاله أكثر من 1200 من رجالي، وخسرت 70% من قواتي. أعدنا تنظيم صفوفنا. وظل تركيزنا الأساسي على قتال النظام، إلى جانب التصدي لبعض التهديدات الجانبية من تنظيم داعش والجماعات المشابهة.
السؤال: من الغريب بالنسبة لي أن أجلس معك الآن لأننا كنا معًا في العراق عام 2003، ولكن على طرفين مختلفين. كنتُ جزءًا من الاحتلال الأمريكي البريطاني، بينما كنتَ تقاتل في صفوف القاعدة ضد الاحتلال. لم أكن أتخيل أبدًا أنني سأجلس معك بهذه الطريقة. كيف تنظر إلى هذه التجربة بعد كل هذه السنوات؟
هذا السؤال يحتاج إلى إجابة طويلة جدًا، ربما تتطلب عشرة حلقات مثل هذه. أنا مستعد تمامًا لمناقشة هذا الموضوع، لكن في ظل موقعي الحالي، فإن تقديم إجابة مختصرة على مثل هذا السؤال الكبير سيعرض سوريا لانتقادات كثيرة، ولا أريد أن أضع سوريا في هذا الموقف الآن. أنا مستعد تمامًا للإجابة على جميع أسئلتك وإضافة بعض النقاط التي قد لا تكون على علم بها. ولكننا سنحتاج إلى وقت كافٍ لإعطاء هذا السؤال حقه.