لبنان أمام مفترق: انتخابات الرئاسة بين التعقيد والتأجيل
كتب غصوب جراح في مناشير
لبنان، الدولة التي تعيش فراغًا في سدة الرئاسة منذ انتهاء “عهد جهنم”، يجد نفسه اليوم في حالة من الترقب المشوب بالحذر بانتظار لحظة الحسم في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. يأتي هذا في ظل أزمة سياسية عميقة تُثقل كاهل البلاد منذ أشهر، وتجاذبات داخلية وخارجية تعقد المشهد أكثر.
بعد الإعلان عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 9 كانون الثاني، شهدت الساحة اللبنانية اليوم حركة سياسية مكثفة واجتماعات على المستويين الداخلي والخارجي. وكأنها تحضيرات لوجستية تسابق الزمن للإعلان عن ولادة رئيس جديد يحمل على عاتقه مهمة انتشال البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية.
اسم الجنرال جوزيف عون يبرز بقوة
في الساعات الأخيرة، تصدّر اسم العماد جوزيف عون، قائد الجيش اللبناني، المشهد السياسي. ورغم الجدل الدستوري المستمر حول ترشيحه وفقًا للمادة 49 من الدستور اللبناني التي تمنع موظفي الفئة الأولى من الترشح دون تعديل دستوري، تشير الإحصائيات إلى حصوله على دعم يتراوح بين 73 و76 صوتًا من أعضاء مجلس النواب.
مع ذلك، يبقى العائق الأبرز هو موقف “الثنائي الشيعي” الذي يتحمل مسؤولية عدم تأمين النصاب المطلوب، أي 86 صوتًا، في الدورة الأولى من الانتخاب. ويبدو أن موقف الثنائي يعكس توجّهًا لعرقلة وصول قائد الجيش إلى بعبدا في ظل وجود توافق وطني واضح.
رئاسات لبنان: بوصلة متأرجحة
على مر العقود، لم يكن انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان مجرد عملية ديمقراطية، بل ارتبط دومًا بتفاهمات داخلية وخارجية وضمانات مسبقة. ففي عام 1998، انتُخب العماد إميل لحود بدعم سوري واضح في ظل سيطرة نظام حافظ الأسد على القرار اللبناني. وفي عام 2008، أُنجزت التسوية في اتفاق الدوحة، الذي أوصل العماد ميشال سليمان إلى الرئاسة بعد حصوله على 118 صوتًا.
أما عام 2016، فقد شهد وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة نتيجة تسوية سياسية داخلية وخارجية تضمنت اتفاق معراب بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، إلى جانب توافق قوى 8 و14 آذار، ليبدأ بذلك عهدٌ وصفه اللبنانيون بـ”عهد جهنم”.
الغموض سيد الموقف
رغم التحركات السياسية المكثفة اليوم، لا تبدو هناك بوصلة صلبة قادرة على إيصال العماد جوزيف عون إلى قصر بعبدا في الوقت الراهن. فالخلافات الداخلية، إلى جانب التدخلات الخارجية، تجعل التوافق على اسم رئيس الجمهورية القادم مهمة شاقة إن لم تكن شبه مستحيلة.
لبنان اليوم على عتبة مفصلية، ويبقى السؤال: هل يشهد 9 كانون الثاني بداية مسار جديد أم أنه يوم آخر يُضاف إلى قائمة الفراغ والجمود؟