خبر عاجلدولياتمقالات

العميد طلاس : السوريين فوّتوا فرص مؤاتية للتغيير..

إعــــــلان
إحجز إعلانك الآن 70135365

العميد طلاس : السوريين فوّتوا فرص مؤاتية للتغيير..

وتشكيل هيئة حكم انتقالي ذراعها القوية مجلس عسكري

pinterest sharing button
email sharing button
sms sharing button
sharethis sharing button
messenger sharing button
كتب العميد مناف طلاس
… فوّت السوريون على أنفسهم معظم الفرص المواتية للتغيير سلمًا أو حربا، سيما وأن الذين تصدروا المشهد السوري زبانية ومجرمين على ضفة النظام ولصوص جشعين “فجعانين” على ضفة مناوئيه. وتم هدم معظم الجسور التي كان يفترض أن تؤدي لانتقال السلطة وتنحية الاستبداد.
يُحمّل كثيرون المجتمع الدولي تأخير التغيير وعدم بلوغ الثورة مطالبها، لكن والحق يقال، في بدايات الثورة انحازت 137 دولة لجانبنا، ومُنحنا مقعد الجامعة العربية، وحوصرت عائلة أسد في ربع مساحة سوريا. لقد أعطانا المجتمع الدولي حينذاك فرصا كثيرة لم نستثمرها وهدرناها بلا طائل. أما اليوم وبعد مرور عشر سنوات عجاف أصبحنا نعيش حالة استعصاء سياسي أقصى ما يسعى له السوريون هو إدارة الأزمة وليس حلها. حوّل القيمون على المؤسسات التي انتجتها الثورة لمكاسب وغنائم، يتقاسمون المناصب وأغلقوا آلية استبدال أي منهم، بل وأضافوا الأصهار والأنسباء والأقرباء لشغل كافة المناصب، أي نسخوا نظام بشار الذي يفترض أنهم ثاروا عليه لأنه لا يتنحى لغيره من السوريين رغم فشله بكل المقاييس. وهذا ما شاهدناه يتكرر في معظم الفصائل ومؤسسات الثورة حيث فشل القيّمون عليها أيما فشل، ولكنهم لا يتنازلون عن صدارة المشهد لمن هم أكفأ منهم، بل لا يوجد آلية لمقياس الفشل أو النجاح في أداء المهام ولا رقابة على الأموال التي صرفت بطرق بدائية..
تهميش الضباط المنشقين عن جيش نظام الأسد:
حينما تفجّرت الثورة مع صرخات أطفال درعا تمحورت المطالب الثورية حول الحقوق والحريات وبدأت الانشقاقات في الجيش والمؤسسات العليا، رغم المخاطر التي تهدد حياة المنشقين لم يخطر على بال أحد أن جل ما سيحصلون عليه هو منصب زعيم فصيل أو أمير شرذمة، ولا حتى عضو قيادي في الهيئات المختلفة من مجلس وطني وائتلاف وكتائب الخ.. واحدة من الأخطاء الكارثية هي تسليح الثورة من جهة وتهميش الضباط المهنيين من جهة أخرى واستبدالهم بأصحاب أعمال حرة وحرفيين وموظفين كقادة للكتائب العسكرية، لم يتم توظيف الفرص في صالح التغيير، بل وتصرّف “وجه السحارة” في مؤسسات الثورة بجهل فظيع حيث تعاملوا مع الثورة على أنها نسخة كربونية طبق الأصل عما حصل في ليبيا أو مصر وهي ليس كذلك.
جهل قادة المؤسسات المعارضة بتوصيف نظام الأسد:
يشير الخبراء المنشقين عن النظام أن 99% من متصدري المشهد المعارض لا يعرفون طبيعة النظام، ويحسبون أن سوريا دولة مؤسسات وتأتي المقارنة مع مصر أو تونس، جاهلين أو متجاهلين بدهية أساسية يعلمنا إياها التاريخ مفادها أن الثورة حدث تاريخي وليس اجتماعي أو اقتصادي، أي حتى وإن تكررت المقدمات والمطالب الثورية في أكثر من مكان لن تعطي نفس النتائج. ويؤكد الخبراء الذين انشقوا عنه ان نظام عائلة أسد له خصوصية فريدة لا يشبهه نظام، فهو خليط من نظام الغستابو و كي جي بي والمافيا بواجهة وهمية لمؤسسات رسمية لا قيمة فعلية لدستوريتها سوى للتمظهر بجلباب مدني عصري وكانت النتيجة أنهم تصرفوا بجهل وارتجالية على مبدأ التجريب (بلكي يا ربي تصيب)، ما استشاروا ولا تنحوا للأكفأ كما لو كانت دماء الشعب موضع اختبارات وتجارب.
أين النخب المثقفة من مطالب الثورة؟
غالبية الكوادر الفكرية والمثقفة التي انخرطت في المشهد الثوري اقتصر دورها على التنظير بعيدا عن التدبير وأقاموا مؤتمرات وخطبوا لساعات، لكن خطبهم المسهبة بقي صداها في أبراج عاجية لا يطبق شيئا منها على الأرض. نظّروا في المأسسة والمواطنة والانتماء والهوية والمدنية والديمقراطية والحقوق والحريات والخ. لكن معظم هؤلاء مازالوا أسرى تراكمات أيديولوجية مختلفة، لذا تغلبت البوصلة الأيديولوجية على البوصلة الوطنية. بل أن بعض نخبنا مازال شغلهم الشاغل طول لحية هذا أو ذاك وحجاب أو سفور هذه أو تلك، أي أن الثورة بعظمة أهدافها لم تستطع إحداث تغيير جوهري لدى تلك النخب التي اكتفت بتوصيف حالة راهنة أشبعتها تنظيرا متأثرة بأكثر من نصف قرن من التصحر الحقوقي والمدني عموما.
ما البديل عن الفشل السياسي؟
الطبقة السياسية السورية كالائتلاف وهيئة التفاوض فشلت بتشكيل بديل وطني لأنها تنفذ أجندات خارجية. وأحد أهم الأسباب هو غياب أحزاب لها حاضنة شعبية، وهذا ما افسح المجال ليتصدر المشهد من نراهم يتخبطون ويعبثون بالدم السوري اليوم من كيانات وفصائل بلا حسيب أو رقيب.
مما تقدم نخلص لنتيجة أن الشعب السوري برمته يتطلع للخلاص، من نظام عائلة أسد ومناوئيه على حد سواء، وأكثر البدائل واقعية هو مجلس عسكري مؤتمن قوامه الضباط المنشقين الذين ضحوا بمكتسبات شخصية من رتب ومكافآت فقدوها بانشقاقهم، ووقفوا بصف الشعب. وهم الخيار الأمثل المتوفر اليوم.
لا شك أمام المجلس العسكري مهام صعاب أهمها انتشار دكاكين “معارضجية” تكافح من أجل البقاء والحفاظ على مصالحها الشخصية لأنهم يدركون أن امتيازاتهم النفعية تنتهي برسو السفينة السورية على بر الأمان. وكما نشاهد اليوم تتخاصم الفصائل مختلفة الولاءات على الغنائم ويغزو بعضهم بعضا ببدائية تجاوزها التاريخ منذ أمد. وأحد آخر همومهم الوطن والمواطن وسكان المخيمات والتعليم والصحة والخ. ومما لا شك فيه أنه لن يتوقف الفساد والقتل والسبي بالابتهالات والدعاء ولا بالبيانات وتدبيج الخطب، بل لابد من يد قوية تضع حدا لهذا الإجرام وتجمع السلاح المنفلت وتؤمّن بيئة مناسبة للحوار السلمي بدل تغوّل أجهزة مخابرات أسد وأمنيي الفصائل.
الحساسية من حكم العسكر:
من حق السوريين أن يكون لديهم حساسية مفرطة تجاه العسكر ويتوجس بعضهم خيفة من تسلم العسكر زمام الأمور في سوريا، لأن الإرث العسكري في سوريا سيئ للغاية وذلك بسبب ارتداء عائلة أسد للبزة العسكرية مما ترك انطباعا أن حكم العسكر يعني أن يبطش العسكري بأهله وأقاربه حتى أن المخبر “يفسفس” على زوجته..
كثيرون منا أسرى عقدة العسكرة، مع أن ما رأيناه من أسد ليس حكما عسكريا، بل تركيبة مافيوية ترتدي القبعة والبزة العسكرية وشوهت المفهوم الوطني للعسكري الذي يفترض أن يكون همه وهدفه الأساسي حماية الوطن وليس حماية عائلة اسد. ناهيك عن أن آل أسد لم يحكموا بالعسكر فقط، بل بالمخابرات والفساد والطائفية.
هيئة حكم انتقالي ذراعها القوية مجلس عسكري
ولنكن صريحين أكثر، في عهد الثورات الشرعية ثورية وليست ديمقراطية، ومدتها قصيرة وحاسمة تؤسس لمرحلة المدنية. تتخللها الصرامة، طبعا ضمن القانون وليس الفوضى الاعتباطية الحالية، ويجب أن يخضع الجميع لضوابط دستورية أو إعلان دستوري مؤقت.
وكما أسلفت لا يوجد أحزاب سياسية ذات حاضنة شعبية كبيرة مؤثرة، أما مؤسسات المعارضة الرسمية أثبتت عمالتها وليس فقط فشلها. إذن من يستطيع انتزاع السلاح المنفلت من الشارع سوى المجلس العسكري الموحد؟
من يستطيع ضبط الحالة الفصائلية التي تحولت لكارثة كبرى وصارت البلد على شكل مربعات من امارات تحكمها فصائل وشبيحة ومليشيات… الخ؟
إن كان المجلس العسكري قادر على النهوض والقيام بدوره فهذه مسؤوليته وهو مطالب بها.
وعليه: أحسب أن المجلس العسكري أحد آخر الآمال القليلة الباقية للخلاص من تسلط عائلة أسد.
ملاحظة:
تشرفت بمشاركة عشرات الضباط القادة في ورش ثقافية وندوات مختلطة تعرفت عليهم عن قرب، ومؤسف فعلا أن يستثنى هؤلاء الذين فقدوا الكثير بانشقاقهم عن النظام ويبعدون عن عملية التغيير ويتصدر المشهد من جاء ليستفيد. تلك كانت بذرة هذه المقالة، ولدي قناعة بدور وطني يناط بهم وأحسب تعاونهم الفعلي مع الشق المدني هو الأمل الباقي لعودة سورية على الأقل لما قبل تسلط عائلة أسد على سورية والسوريين
نقلا عن صفحة “المشروع العسكري السوري”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى